(تحذير: المقال يحتوي على حرق لأحداث الحلقة)
بعد حلقة افتتاحية مرضية للموسم الخامس من لعبة العروش، تأتي الحلقة الثانية لتكشف النقاب عن بعض مسارات الأحداث التي ستسطر مجريات الأمور في الموسم الجديد.
الحلقة صدرت بعنوان «منزل الأبيض والأسود»، وهو مبنى عجيب يقف وحيدا في جزيرة صغيرة في بحيرة برافوس، وبابه مكون من مصراعين متماثلين تماما في الأبعاد، أحدهما باللون الأبيض، والآخر باللون الأسود. وكما فعلنا في المقال النقدي للحلقة الماضية، سنتعرض بالسرد والتحليل لكل خط درامي في الحلقة على حدة.
برافوس:
مرحبا بكم في مدينة برافوس، أغنى وأقوى المدن التسعة الحرة الموجودة في قارة إيسوس، وهي عبارة عن مئات الجزر الصغيرة المتجاورة والمتصلة ببعضها البعض عن طريق جسور حجرية، ويحرس بوابتها تمثال لفارس عملاق مهيب يطلقون عليه اسم «تايتان برافوس».
إذا قررت الذهاب يوما ما إلى برافوس، فأقل ما يمكنك معرفته عنها هو تحيتها الرسمية... "فالار موجوليس" هي التحية الرسمية هناك، وتعني "جميع الرجال يجب أن يموتوا" في اللغة الخيالية القديمة «هاي فاليريان»، والرد المتعارف عليه لهذه التحية هو "فالار داهيريس"، وتعني "جميع الرجال يجب أن يخدموا"!
تبدأ الحلقة من حيث انتهى الموسم الماضي، حيث كانت آريا ستارك على متن سفينة متجهة إلى برافوس بحثا عن صديقها الغامض جاكين هجار. أخيرا تصل آريا إلى مدخل برافوس، وتمر من تحت تمثال «تايتان برافوس» الرهيب، والذي يعلن عن قدومهم بدوره. تصل آريا بمساعدة أحد سكان المدينة إلى «منزل الأبيض والأسود»، وهو المنزل الذي من المفترض أن تجد فيه جاكين. بعد مناورة غير مفهومة من جاكين، تقابله آريا وتدلف معه إلى ذلك المنزل الغامض.
«منزل الأبيض والأسود» يعد معبدا لخدمة إله الموت، كما أنه المركز الرئيسي لطائفة من القتلة تعرف باسم «الرجال المجهولين». «الرجال المجهولون» لديهم القدرة على تغيير وجوههم إلى أي شكل يريدونه، ولديهم حيل لا تنضب في القتل، كما أنهم لا يفشلون أبدا في مهامهم. جاكين هجار ينتمي إليهم بالطبع، وكلنا شاهدنا قدرته على التنكر والقتل عندما قابل آريا أول مرة في الموسم الثاني. آريا تريد امتلاك تلك القدرات بأي ثمن كي يسعها الانتقام من أعدائها الذين تذكرهم واحدا تلو الآخر قبل نومها كل ليلة، ويبدو أنها في سبيلها كي تصبح أحد الرجال المجهولين... أن تصبح "لا أحد" أو "بلا هوية" مثلها مثل جاكين.
اللورد باليش وسانسا ستارك:
أحد الخطوط الدرامية المثيرة والهامة في المسلسل، وذلك بالطبع لوجود الداهية اللورد باليش المحرك الخفي والأساسي لكل ما يدور في الممالك السبعة. تلعب الصدفة دورها كي يتعثر الاثنان أثناء طريقهما في القافلة الثنائية المكونة من الفارسة المغوارة بريين أوف تارث ومرافقها بودريك بين.
منذ أن رفضت آريا حماية بريين وهربت من بين يديها إلى برافوس، والأخيرة تبحث عن أختها سانسا كي تعرض عليها حمايتها، لكن سانسا رفضت حمايتها بدورها، وذلك لأنها رأتها تنحني تبجيلا للملك جوفري في حفل زفافه، وهذا أمر لا يغتفر أبدا عند سانسا. أيضا لم تسلم بريين من كلمات باليش الجارحة، ودارت معركة سريعة بينها وبين طاقم حراسته من الفرسان، لكنها استطاعت التغلب على جزء منهم والهروب مع بودريك.
على خلاف الخط الدرامي لباليش وسانسا، الخط الدرامي لبريين وبودريك هو الأضعف على الإطلاق في الوقت الحالي في المسلسل. بودريك نفسه صارح بريين أنه لا داعي لاستمرارها في البحث عن طريقة للبر بقسمها لكاتلين ستارك، فقد رفضت كلتا البنتين حمايتها مما يحلها من قسمها. لكن يبدو أن بريين تريد أن تثبت شيئا ما لا نعلمه، وتقرر الذهاب في أثر سانسا رغم كل شيء!
كينجز لاندينج:
الأجواء ما تزال مشتعلة في العاصمة بسبب الأحداث الأخيرة، ويزيد العبء على الملكة الأم سيرسي لانيستر عندما تأتيها رسالة تهديد من إمارة دورن حيث ابنتها ميرسيلا. إن أهل دورن يحملون عائلة لانيستر ذنب مقتل أميرهم أوبرين مارتيل وأخته، ويريدون الانتقام عن طريق قتل ابنتها، وربما يدخلون في حرب مع العاصمة بأكملها. ولا يجد جيمي لانيستر أمام ثورة أخته إلا أن يصطحب معه المقاتل الصلد السير برون في رحلة سرية إلى دورن لاسترجاع ميرسيلا من هناك، لا سيما وهو يعد أبوها البيولوجي كما نعلم.
بعد أن تطمئن سيرسي مبدئيا من ناحية ابنتها، تجتمع بأعضاء «المجلس الصغير»، وهو المجلس الاستشاري للملك، ويرأسه مساعد الملك، المنصب الذي كان يشغله أبوها تايوين لانيستر قبل اغتياله، وهو أقوى منصب في الممالك السبعة بعد الملك مباشرة. المنصب شاغر في الوقت الحالي، لكن سيرسي تفرض سيطرتها على المجلس بصفتها تقوم بدور الناصح للملك حتى يبلغ رشده ويختار مساعدا لنفسه. الجميع في المجلس يخضع لسطوة سيرسي حتى يأمن شرها، باستثناء عمها كيفان لانيستر قائد جيوش عائلة لانيستر الذي لا يعجبه ما تفعله سيرسي بالمرة، يرفض عرضها بأن يكون وزير الحرب ويغادر المجلس غاضبا. بخلاف ذلك تعين سيرسي ميس تايريل -والد زوجة ابنها الملكة مارجري تايريل- وزيرا للمالية بجانب كونه وزيرا للبحرية، وتعين خادمها المخلص كايبيرن كبيرا للمستشارين خلفا للورد فاريس.
الأمر المثير أن وفاة (ذا ماونتين) لم تُعلن بعد، وكايبيرن يقوم بعمل شيء ما بخصوصه، نعلم ذلك منذ الموسم السابق، لكن الأمر لم تتضح معالمه بعد، لكن يبدو أن كايبيرن يقوم بالتحضير لصاعقة من العيار الثقيل!
دورن:
أبناء النبلاء غير الشرعيين في الشمال ينسبون إلى "سنو"، مثل جون سنو ورامزي سنو سابقا، أما في دورن فينسبون إلى "ساند".
إلاريا ساند خليلة أمير دورن الراحل أوبرين مارتيل تذهب للقاء أخيه دوران حاكم دورن، وتحثه على الثأر لأخيه وإعلان الحرب على آل لانيستر، لكنه يرفض ذلك لأن وضع البلاد لا يحتمل، كما أن أخاه مات في محاكمة عادلة بالقتال. تطلب منه أن يسلمها ميرسيلا لانيستر كي تعذبها وتقتلها وتتشفى فيها، لكنه يرفض أيضا!
تخبره إلاريا قبل أن ترحل في غضب أنها ستقوم بصحبة «الساند سنيكس» بالانتقام لأبيهن شاء أم أبى، وبينما هو جالس على كرسي الحكم بلا حراك. «الساند سنيكس» هن بنات أوبرين الثمانية غير الشرعيات، وإلاريا أم لخمس منهن.
السور:
الحدث الأهم في الحلقة على الإطلاق كان عند السور في كاسيل بلاك بالطبع. ستانيس باراثيون عرض على جون سنو عرضا لا يمكنه رفضه، وهو أن يعلنه جون ستارك وأمير وينترفيل، شريطة أن يذهب للحرب معه ضد آل بولتون وتحرير الشمال من بين أيديهم. لطالما كان جون سنو يتمنى هذا الأمر طوال حياته، لكن لا سبيل له في تحقيق ذلك لارتباطه بقسم شرف مع «نايتس ووتش» في كاسيل بلاك.
لكن يبدو أن القدر يحمل شيئا آخر لجون، فقد حصل على الأمر الثاني الذي كان يتمناه طوال الفترة الماضية دون أن يدري، وهو أن يصبح القائد الأعلى لـ «نايتس ووتش» بعد أن رشحه صديقه المخلص صمويل تارلي ضد السير أليسر ثورن والسير دينيس ماليستر. يتعادل جون في الأصوات مع السير أليسر، لكن إيمون ميستر كاسيل بلاك يدلي بصوته كي يحسم التعادل لصالح جون، خاصة أن إيمون يكن معزة خاصة للأخير. وبهذا يتولى جون سنو قيادة كاسيل بلاك والدفاع عن السور في مفاجأة هي الأكبر من نوعها في الموسم الخامس حتى الآن.
تايرون لانيستر واللورد فاريس:
ما يزال ذلك الثنائي شديد المكر والذكاء في طريقهما إلى مدينة فولانتيس ومنها إلى مدينة ميرين للقاء دانيريس تارجارين وعرض خدماتهما عليها. هذا هو السبيل الوحيد الذي وجده اللورد فاريس كي يمكنهما العودة إلى الساحة السياسية مرة أخرى، ورغم عدم اقتناع تايرون بالأمر، إلا أنه لا يملك خيارات متعددة ليقرر ماذا سيفعل من بينها، لذا هو ماض مع فاريس للنهاية ليرى ماذا ستسفر عنه الأحداث، كما أنه ليس لديه الكثير ليخسره من بعد هروبه من كينجز لاندينج.
وما تزال المحادثات ما بين ذلك الثنائي تتسم بذات الخليط العجيب من السخرية والحكمة، وهي بلا شك أمتع المحادثات التي زخر بها المسلسل منذ بدايته إلى الآن.
ميرين:
بدأ الخط الدرامي للكاليسي بالرجوع إلى قمة الأحداث مرة أخرى بعد خمول نسبي واجهه في الموسم السابق، لكن ليس كما تعودنا من السليلة الوحيدة لبيت تارجارين في كسب النقاط كلما تقدمت أكثر وأكثر، حيث بدأت الدائرة تدور عليها هي الأخرى، وبدأ منحناها في الانحدار بعد أن كان يناطح السحاب. الحُكم لم يكن في يوم من الأيام أمرا سهلا أبدا، حتى لو كان بصحبة ثلاثة تنانين، فما بالك لو خرجوا عن طوع أمهم؟!
قام داريو ناهاريس بصحبة جراي وورم بالقبض على أحد أعضاء حركة التمرد ضد دانيريس والتي تدعى «أبناء هاربي». نشأت تلك الحركة في مدينة ميرين التي تقع تحت حكم دانيريس في خليج العبيد، وذلك بسبب إلغاء الأخيرة للعبودية في المدينة والمدن الأخرى التي تقع تحت نطاق حكمها هناك، والأسياد المتضررون من هذا الأمر يجندون الفقراء والمرتزقة وكل ما تحت أيديهم من موارد لأجل محاربة الكاليسي وهز عرشها.
تستمع دانيريس لنصيحة قائد حرسها المخلص السير باريستان سيلمي في محاكمة ابن هاربي محاكمة عادلة بدلا من قتله مباشرة، وذلك حتى لا ينتهي بها الحال كأبيها الملك المجنون، وحتى تثبت للأسياد بشكل عملي أنها ليست مثلهم. لكن القدر لا يمهل دانيريس كي تفعل ذلك، حيث يقوم موسادور أحد عبيد ميرين الذين حررتهم دانيريس بقتل ابن هاربي، معللا ذلك بأنه فعلها من أجلها هي، لأنه وجد أنها غير قادرة على اتخاذ قرار مثل ذلك، كما أن أولئك الوحوش -من وجهة نظره- لا يعترفون بأمور كالرحمة والمحاكمات العادلة.
تجد دانيريس نفسها في موقف لا تُحسد عليه، وتحكم على موسادور بالإعدام نظير قتله لابن هاربي الذي كان ينتظر المحاكمة. قرار جريء تتخذه الكاليسي وسط شعب ميرين الذين يعتبرونها أما لهم جميعا بندائهم الشهير لها: "ميسا... ميسا"، وسرعان ما تأتيها عاقبة فعلها بعد تنفيذ الحكم مباشرة، حيث يستبدلون ذلك النداء بفحيح كفحيح الثعابين... يطلقونه في وجهها تعبيرا عن غضبهم الشديد لإعدامها واحدا منهم.
الأمر الوحيد الذي هون علينا وعلى الكاليسي شدة ما حدث هو عودة التنين الأكبر الغائب دروجون لزيارة أمه زيارة خاطفة، لقد صار أكبر حجما وأشد هيبة مما مضى. ترى الحنان البالغ في وجه أم التنانين تجاه طفلها الذي غاب عنها طويلا، وترى الحنين الخفي في وجه دروجون مختلطا بالتمرد والإباء والمعاتبة. يطمئن على أمه في عجالة، ثم يحلق بعيدا في الأفق، وكأنه هو الملك الحقيقي والأوحد لذلك العالم.