هي المقارنة الأصعب في كل شيء من حيث الأداء والقصة والسيناريو والإخراج لقيمة وقامة العمل داخل عقول وأذهان المشاهدين في مختلف الأعمار والأجيال، فمن منا ينسى ملحمية " ألف ليلة وليلة" التي قدمتها الفنانة القديرة نجلاء فتحي و حسين فهمي في عام 1981، ومن منا يستطيع أن ينسى ثلاثية فهمي عبد الحميد التي أبهرت الجميع حينها وكانت بطلتها الفنانة الأكثر موهبة بين جيلها شريهان.
هذا العام أطل علينا المؤلف محمد ناير والمخرج رؤوف عبد العزيز مستعينًا بتقنيات فنية عالية ومؤثرات بصرية خاصة، والأداء التمثيلي للنجوم شريف منير و أسر ياسين و أمير كرارة والنجمة اللبنانية نيكول سابا في دور "شهرزاد"، فهل تكون الكفة متوازنة لعقد مقارنة بين "ألف ليلة وليلة" الحديثة و"ألف ليلة وليلة" القديمة التي أثرت قلوب وأذهان المشاهدين، الإجابة عند الناقد الفني رامى عبد الرازق.
فى البداية أكد رامي عبد الرازق على عدم وجود أي وجه للمقارنة بين " ألف ليلة وليلة" الحالية وبين "ألف ليلة وليلة" التي قامت ببطولتها نجلاء فتحى مع حسين فهمي، أو حتى مع " ألف ليلة وليلة" لشريهان، لأنه على مستوى القصة والأجواء والشخصيات كانت هناك علاقة حميمية ومباشرة مع تراث "ألف ليلة وليلة" الذي تربى عليه أجيال وأجيال وقت بداية ظهورها إذاعيًا في الخمسينات على يد طاهر أبو فاشا و محمد محمود شعبان، وهذا ما جعلها تستمر ويصبح لها ارتباط شعوري ووجداني كبير عند كل الأجيال التي شاهدتها في سنوات الثمانينيات، وحتى محاولات تقديمها في التسعينيات بعد وفاة فهمي عبد الحميد استمرت العلاقة بين "ألف ليلة وليلة" والجمهور أقوى بكثير من "ألف ليلة وليلة" التي قدمت العام الحالى، والسبب الرئيسي في ذلك أن "ألف ليلة وليلة" الحديثة ليس لها علاقة بتراث "ألف ليلة وليلة" الحقيقي أو الأصلي.
وأضاف رامي من وجهة نظره أن ما تم تقديمه لقصة مسلسل "ألف ليلة وليلة" الحديث مأخوذ من تراث أجنبي وأفلام أجنبية شهيرة، وهو ما أشعر الجمهور أنهم يشاهدون أحد أجزاء فيلم " The Lord of the Rings " أو " Pirates of the Caribbean"، في محاولة غير موفقة لمحاكاة الأفلام الهوليودية الأمريكية الشهيرة.
وأوضح رامي في مثاله أن أجواء السفينة الخاصة بنجم الدين مأخوذة من "Pirates of the Caribbean"، أما كل التفاصيل الخاصة بالخاتم الذي سرقه "نجم الدين" من الملك فشبيهة إلى حد كبير بفيلم "مملكة الخواتم"، وبخصوص الفتاة التي على ظهرها خريطة فتذكرنا بالفتاة من فيلم " Waterworld"، ويرى رامي أن المؤلف قد شاهد هذه الأعمال وقرر صنع توليفة من كل فيلم فخرجت "ألف ليلة وليلة"، ولذلك العمل لن يعيش ولن يستمر طويلًا ولا يمثل عودة لأجواء "ألف ليلة وليلة" وتراثها، وما يجب أن ينتبه له صناع الدراما أنه عند التفكير في كسر السياق التراثي يجب كسره بوعي وليس عن طريق التقليد والاقتباس.
وأوضح الناقد رامي عبد الرازق أن "ألف ليلة وليلة" في شكله الحديث مجرد وسيلة للإعلان عن إمكانيات تقنية أصبحت موجودة لدينا في صناعة الدراما المصرية، وقدرتنا على تقديم خدع بصرية تعد جيدة إلى حد ما، ما يعنى أن المسلسل عبارة عن برومو تسويقى لصناعة الجرافيك والمؤثرات الخاصة في مصر، لكن على مستوى كونه مسلسل درامي ينتمي لعوالم "ألف ليلة وليلة" وتراثها وتقديمه في شكل جديد فقد أثبت فشلًا وإخفاقًا كبيرين، والدليل هو عدم تحقيقه المسلسل لنسبة مشاهدة عالية، حتى على مستوى الكتابة النقدية والمتابعات الصحفية.
وبالنسبة لأداء الفنانين نحن نتحدث عن فارق 30 عامًا بين العملين، ولكن نستطيع أن نقول أن هناك مساحة حميمية أكبر وتواصل مع نجلاء فتحي في دور "شهرزاد" أكثر بكثير من نيكول سابا في نفس الدور، ويعتقد رامي عبد الرازق أنهم قد رأو أن نيكول بوجهها اللطيف ولكنتها تصلح أن تكون "شهرزاد"، في حين أن نجلاء فتحي في شخصية "شهزراد" كانت أكثر بريقًا، أما بالنسبة للمقارنة بين حسين فهمي وشريف منير فتصب أيضًا في صالح حسين فهمي، بدليل أنه استمر في ذاكرتنا طوال هذه السنوات.
وفي النهاية أكد رامي عبد الرازق أن المقارنة بين مسلسل "ألف ليلة وليلة" عام 1981 و"ألف ليلة وليلة" عام 2015 ستكون فى صالح العمل القديم الأصيل وليس الأصلي، لأن الأصلي هو كتاب "ألف ليلة وليلة" نفسه فقط لا غير.