ثلاث ساعات أو تنقص قليلًا هي مدة فيلم " Amadeus"، والذي ستتمنى لو أنه استمر إلى الأبد، الفيلم من اسمه يتناول حياة المؤلف الموسيقي الأسطوري النمساوي اﻷصل "فولفانج أماديوس موزارت" من خلال رؤية الموسيقي الإيطالي العظيم "أنطونيو سالييري" للأحداث.
تبدأ أحداث الفيلم خلال عام 1823 بصراخ "سالييري" ومحاولته الانتحار طالبًا الغفران من "أماديوس موزارت" متهمًا نفسه بمحاولة قتله، قبل أن يدخل عليه أحد رجال الدين طالبًا منه الاعتراف، ليبدأ الفيلم وتبدأ قصة "موزارت" و"سالييري" وصراعهما الدائر من طرف "سالييري" وحده الذي يروي قصة شغفه بالموسيقى وفي نفس الوقت يروي قصته مع "أماديوس موزارت".
"سالييري" الذي وصل إلى منصب موسيقار البلاط الملكي في فيينا عاصمة الموسيقى، يجد "موزارت" ندًا له خاصة مع عبقريته الموسيقية التي استشعرها "سالييري" منذ أول مرة سمع فيها "موزارت"، لكن حقده عليه لعجزه عن أن يكون في نفس إبداعه، ولسرقة "موزارت" المرأة التي أحبها منه في البداية، دفعاه لتسخير كل قوته، وكلمته المسموعة في البلاط الملكي، لتعطيل جهود "موزارت" من خلف الجدران، فصور الفيلم "سالييري" كعاشق لموسيقى "موزارت" حد الجنون، ولكنه من الجهة اﻷخرى ناقم أيضًا عليه، ولا يستشعر أماديوس أن من يقف في طريقه فعليًا هو "سالييري" بل على العكس ينظر إليه نظرة الصديق الذي يلجأ إليه ويحاول طلب مساعدته، فيقوم سالييري بمحاولات ظاهرها مساعدة "أماديوس" وباطنها تعطيله بشتى السبل حتى لا يحظى بالنجاح.
نتيجة لذلك يضيق الحال بأماديوس موزارت وتصبح المشاكل محيطة به من كل ناحية فيلجأ إلى تقديم أعمال دون المستوى من أجل المال ويتلقى صدمته الكبرى بوفاة والده الذي كان سنده الأول، وفي نفس الوقت تضطرب مشاعر سالييري الذي يحضر كل أعمال موزارت سرًا من أجل الاستماع إليها، مدعيًا أنها صوت الإله وأنه لم ير في حياته إبداع وعبقرية مثل التي شهدها في موزارت، وبعدها تبدأ مشاعر سالييري في التحول للشفقة على حال موزارت الذي يفقد وعيه أثناء عزف أحد أعماله من كثرة الإجهاد والتعب، فيساعده سالييري في الوصول إلى البيت ثم يجد نفسه يساعده في أحد الأعمال الموسيقية، ليستشعر في هذه المرحلة عبقرية موزارت بين يديه ويتحسسها ثم يتأثر كثيرًا بكلمات موزارت له بأنه نعم الصديق وأنه يحترمه كثيرًا، وهي الكلمات التي كانت يقطع صداها فؤاد سالييري من الداخل فهو السبب في الحالة التي وصل إليها موزارت، بينما موزارت لا يعلم ذلك وينظر إليه بعين الصديق الوفي.
نتيجة لإجهاد ومرض موزارت يفارق الحياة في عمر صغيرة في أوائل عقده الثالث ليخالج الحزن سالييري ويحمل نفسه وزر موت موزارت، ويكتشف عدم صواب ما كان يفعله بعد أن دفعه الحقد إلى ذلك.
الفيلم تحفة سينمائية موسيقية خالدة، تواصل الاستمتاع بها لما يقرب من الثلاث ساعات، كما تستمع أيضًا بأداء عظيم من بطلي العمل، خاصةً الممثل توم هولس الذي قام بدور موزارت، بجانب الأداء الخيالي من الممثل موراي إبراهام الذي قام بدور أنطونيو سالييري، بالإضافة إلى موسيقى الفيلم ومقطوعاته الموسيقية ضمن الأحداث، التي تجعلك تشعر براحة نفسية وسعادة أبدية لا نظير لها، كما أن الإخراج والتصوير كانا أكثر من رائعين وقدما بسهولة البيئة المناسبة ﻷحداث الفيلم، حد أنك ستشعر وأنت تشاهد الفيلم أنك تعيش في القرن الثامن عشر حقًا.
عقب نهاية الفيلم ستتمنى لو أنه استمر إلى الأبد.. وستتمنى بكل تأكيد لو أن أماديوس لم يمت.. وإلى جانب ذلك استشعرت ارتباكًا شديدًا عقب نهاية الفيلم أيضًا، فأداء موزارت وسالييري كان فوق الخيالي وبكل تأكيد يستحق أحدهما الأوسكار لتجد في النهاية أنه قد تم ترشيح توم هولس وموراي إبراهام لجائزة أوسكار أفضل ممثل لكنها كانت من نصيب موراي إبراهام، وفي الحقيقة كان من الإنصاف أن ينال الاثنان معًا تلك الجائزة فقد قدم توم هولس دور عمره في هذا الفيلم.
الفيلم إنتاج عام 1984 ومن إخراج ميلوس فورمان وبطولة موراي إبراهام وتوم هولس، وقد ترشح لـ11 جائزة أوسكار حصد ثمان جوائز منها، من بينها أفضل فيلم وأفضل ممثل وأفضل مخرج وبكل تأكيد أفضل موسيقى.