Amy... النجمة التي تجاذبتها شياطينها

  • مقال
  • 05:00 مساءً - 6 ديسمبر 2015
  • 1 صورة



ملصق فيلم Amy

بعد تقديمه لقصة حياة بطل سباقات السيارات البرازيلي أرتون سينا الذي توفي وهو لا يزال في الرابعة والثلاثون من عمره فقط، يبدو أن المخرج البريطاني آسيف كاباديا قد افتتن باستكشاف حيوات المواهب التي تغادر عالمنا مبكرًا، حيث يواصل على نفس المنوال لكنه لا يختار مجرد مطربة عادية، بل اختار المطربة البريطانية إيمي واينهاوس التي غدت نجمة محبوبة في زمن قياسي ثم رحلت وهي لا تزال ابنة السابعة والعشرين عامًا في عام 2011 من تأثير تعرضها لتسمم كحولي ليقدم حياتها في أحدث أفلامه الوثائقية Amy الذي عرض مؤخرًا ضمن برنامج بانوراما الفيلم الأوروبي.

يعمل الفيلم بدأب على جمع كل ما يقع تحت يديه من مواد صورية وفيلمية من مختلف المصادر: أرشيف العائلة، التقارير الإخبارية، الحفلات، أرشيف مصورو الباباراتزي، كواليس العمل والتسجيلات، حلقات البرامج التليفزيونية وتسجيلات البرامج الاذاعية، وكل ذلك في محاولة لكي نحاول أن نتعرف مجددًا على إيمي وسط كل هذه القصاصات المتناثرة، وأن نتجول بين كل شيء مبعثر مثلما كانت هى مبعثرة في حياتها الشخصية.

ينجح آسيف كاباديا في الحفاظ على "شعرة معاوية" بين ما يعرفه الجميع عن إيمي بالفعل وبين ما قد يصدمهم حينما تقع عليه أعينهم للمرة الأولى، نعم لقد سمع الجميع عن المشاكل التي عانتها إيمي مع إدمان المشروبات الكحولية والمخدرات التي صالت بينها وجالت، لكن بالتأكيد لم يتخيل الكثيرين إلى أي مدى كان الأمر مستفحلًا إلا مع رؤية الصور والفيديوهات التي تبدو فيها غائبة عن الوعي تمامًا ولا تستطيع حتى أن تقف منتصبة.

وللحق، فإن بعض هذه الصور المعروضة داخل الفيلم كانت مخيفة للغاية وبقت معي حتى بعد انتهاء الفيلم ورفضت حتى أن تفارق عيناي، حيث بدت فيها إيمي كشبح إنسان، وليست الفنانة التي يحب الجميع الاستماع إلى أغنياتها التي تمزج فيها كوكتيلها الفريد من موسيقى السول والجاز، وهى مؤشر قوي على المدى المرعب الذي يمكن أن يذهب إليه أي أحد على مستوى التدمير الذاتي.

يحافظ آسيف طوال ساعتي العرض وحتى مع قدوم تترات النهاية على تعلق أعيننا برؤيا إيما في كل حالتها المزاجية وكل مراحلها العمرية وفي أوقات هزلها وجدها، بل يصل اﻷمر إلى عدم قطعه لتدفق الصور والفيديوهات من أجل عرض مقابلات وشهادات مع كل من أحاطوا بإيمي خلال حياتها سواء من العائلة أو من اﻷصدقاء، وإنما يضعها لنا على شريط الصوت مع التعريف بكل متحدث جديد لكي تستمر إيمي هى البطلة الأولى والأخيرة لصورة الفيلم.

وعلى الرغم من امكانية تقسيم الفيلم إلى قسمين متساويين: القسم اﻷول حول المسيرة الناشئة ﻹيمي واينهاوس في مجال الموسيقى، والقسم الثاني حول مشاكلها العاطفية ومشاكلها مع المخدرات والكحوليات، إلا أنه كذلك يحافظ على حضور كلا الجانبين حتى مع طغيان أحد الجانبين الفني أو الإنساني على الجانب اﻵخر خلال الفيلم.

ومع أن جميع عشاق الموسيقى يعرفون مسبقًا النهاية اﻷليمة التي ألمت بإيمي، إلا أن آسيف يبقينا طوال النصف الثاني على خيط رفيع من اﻷمل مستحيل التحقق بأنه يمكن ﻹيمي في أي لحظة من اللحظات أن تعود لسابق عهدها من التألق الموسيقي، حتى رغم كل المشاكل التي أوقعها بها إدمانها على المخدرات والكحوليات ومنها ما حدث معها في الحفلة التي توجهت لتحييها في العاصمة الصربية بلجراد، ولم تستطع خلالها أن تستجمع قواها أصلًا.

بعد الفراغ من المشاهدة، راودني نحو الفيلم نفس الاحساس الذي شعرت به بعد مشاهدة فيلم Tupac: Resurrection عن أسطورة الراب توباك شاكور الذي أقدره كثيرًا وأعكف حاليًا على قراءة أشعاره اﻷولى، فقلت لنفسي وقتئذ لو كانت الرصاصة التي قتلت توباك قد أخطأت مسارها، ووجدتني مرة أخرى أفكر ماذا لو لم تفرط إيمي في تلك الليلة الظلماء في الشراب ولو لم تقل لا للذهاب إلى مركز إعادة التأهيل مثلما كانت تردد في أغنيتها اﻷشهر Rehab.

وصلات



تعليقات