بعد مرور 6 أيام على بداية العام الجديد، كان وقع خبر وفاة الفنان ممدوح عبدالعليم مساء أمس مباغتًا للجميع على حد سواء، خاصة مع عدم شكوته مسبقًا من أية مشاكل طبية، مما ضاعف من حجم الصدمة والمفاجأة على قلوب محبيه.
هناك الكثير من النظريات التي تناولت فكرة الظلم البين الذي تعرض له الممثلين الصاعدين في جيل الثمانينات وعدم حصولهم على حظهم في الانتشار والنجومية على غرار من سبقوهم في جيل السبعينات، وبصرف النظر عن مدى صحة نفاذ هذه النظريات على جميع من وفدوا للعمل الفني في هذه الحقبة، إلا أن الفنان ممدوح عبدالعليم قد نجح في تكوين نافذة خاصة به ليطل منها على الجمهور الذي شهد مراحل بداياته المبكرة سواء في السينما أو في التليفزيون.
على الرغم من وضع الفنان الراحل نور الدمرداش لممدوح عبدالعليم على أول الخط عندما اختاره حينما كان لا يزال صغيرًا ليشارك في بطولة مسلسل الجنة العذراء، إلا أن مرحلة احتكاكه الفعلي بالجمهور قد جاءت مع حلول الثمانينات، وعمله بشكل متوازي في ذلك الوقت بين السينما والتليفزيون، وهو الأمر الذي ساعده في الوصول للجمهور بشكل سريع.
نجح ممدوح عبدالعليم في تلك السنوات المبكرة في اﻹفلات من كل الخانات التي كان يمكن أن يُحصر فيها أي ممثل وافد حديثًا للوسط الفني، وهو ما ساعده على تقديم شريحة متنوعة للغاية من الشخصيات، بداية من الشاب الغيور عادل في العذراء والشعر الأبيض، وبكر في الحرافيش، والطالب الجامعي حسين وهدان في البريء، وضابط الشرطة القاسي يوسف في كتيبة اﻹعدام، وبالتأكيد كانت أكثر شخصية محبوبة من كافة المشاهدين هى شخصية كاتب السيناريو الصعيدي رامي قشوع في بطل من ورق التي لا تزال كل لزماتها وإيفياتها حاضرة على اﻷلسن حتى اﻵن.
وبالتزامن مع صعوده السينمائي، كان هناك صعود تليفزيوني بالمقابل، خاصة حينما أسند إليه أداء شخصية علي البدري في كافة أجزاء المسلسل الدرامي ليالي الحلمية، الذي حظى باهتمام كبير من قبل المشاهدين منذ الجزء اﻷول، خاصة مع تواجد ممدوح عبدالعليم بين مجموعة كبيرة من النجوم وعلى رأسهم يحيى الفخراني.
وفي التسعينات، واصل عبدالعليم حضوره السينمائي القوي حتى مع اتجاهه بشكل كامل إلى الدراما التليفزيونية منذ منتصف التسعينات، وخاصة في تعاونه مع ماهر عواد و شريف عرفة في فيلمهما الثالث سمع هس الذي أتاح له الفرصة سانحة لكي يفعل كل ما يحلو له ويستثمر من خلاله كل طاقاته الفنية تمثيلًا وغناء ورقصًا على حد سواء.
أما في التليفزيون، فقد ارتبط المشاهدون خلال هذه الفترة بشخصيتي حربي ورفيع العزايزي القادمتان من المجتمع الصعيدي في مسلسلي خالتي صفية والدير و الضوء الشارد، في كل مرة بنكهة مختلفة وباحساس مختلف تمامًا نظرًا لتباين طبيعة الحكايتين، فيبنما تتبدى في الحكاية اﻷولى الصورة الكاملة للمأساة في أكثر أشكالها أصالة وقسوة، تتحول الحكاية الثانية إلى قصة حب تأتي على مهل مع تقشر القسوة الظاهرية.
ومع اﻷلفية الجديدة، وبالرغم من التزايد الكمي في اﻷعمال التليفزيونية التي قدمها ممدوح عبدالعليم والتي كان آخرها مسلسل السيدة اﻷولى إلا أنها لم تكن بنفس تميز وأهمية أعماله في حقبتي الثمانينات والتسعينات، ولا نعرف على وجه الدقة إذا كان ذلك بسبب تغير ظروف الصناعة أم بسبب قلة جودة النصوص التي كان يختارها عبدالعليم أم بسبب المنافسة المتزايدة على العمل في الدراما التليفزيونية في السنوات اﻷخيرة.
لكن الباقي فعلًا هو اﻷثر الباقي الذي خلفه عبدالعليم بفضل موهبته الفائقة التي لا يوجد خلاف عليها بين جمهوره، وخاصة من عاصروا فتراته الذهبية.