من بين العروض السينمائية التي يزخر بها مهرجان وسط البلد للفنون المعاصرة (دي-كاف)، وقع الاختيار على الفيلم الفرنسي Maryland للكاتبة والمخرجة الفرنسية أليس وينوكور الذي شارك العام الماضي في مسابقة نظرة خاصة بمهرجان كان السينمائي الدولي ليكون من بين الأفلام المعروضة في دورة (دي-كاف) 2016.
في تجربتها السينمائية الطويلة الثانية ككاتبة ومخرجة، كانت وينوكور تنشد أن تمزج أكثر من عنصر فني في نفس الوقت في سبيل صناعة مزيج سينمائي مختلف، فكانت تحاول تقديم شيء ما من الموازنة بين الطابع التشويقي المثير لحكايته (حارس شخصي يحمل حماية زوجة رجل أعمال لبناني وابنه من ملاحقات خطرة من حياتهم) وبين التأسيس النفسي للبطل (الجندي السابق الذي يعاني طوال الوقت من الصدمة نفسيًا) مع التلامس العرضي مع أحداث جارية (الأزمة السورية- صفقات السلاح)، لكن هل كانت وينوكور موفقة فيما حاولت تقديمه؟
على صعيد الطابع التشويقي، كان الفيلم يحاول تقديم قصة بالغة التقليدية في قالب غير تقليدي أو في مناخ غير معتاد بالنسبة لقصة تشويقية كهذه، ربما على غرار فيلم Drive ل نيكولاس ويندينج ريفن، لكن القصة صارت في محصلتها النهائية مقدمة بالفعل على نحو تقليدي أكثر من اللازم، مما يشعرك بأن وينوكور لم تحاول بذل أدنى قدر من الجهد لكي تحاول البحث أكثر عن أي تفاصيل مختلفة ولو قليلًا، ليجعلك متسائلًا عن مدى اختلافه عن أي فيلم إثارة وتشويق صُنع في أمريكا.
وحتى على صعيد الدراما النفسية، لم تنجح وينوكور كذلك في هذا الجانب، هى تجعلنا نراقبه فقط دون أن ننجح في النفاذ له أو التفاعل معه بأي حال من الأحوال، بل قد يصل الأمر في بعض الأجزاء من الفيلم بعدم المبالاة أصلًا حول معاناة البطل أو حتى صراعه مع من يحاولون قتل زوجة رجل الأعمال اللبناني وابنه في سبيل الحصول على وئاثقه السرية.
نعم نحن نشاهد جوانب عديدة من المعاناة التي يعيشها الرجل، لكننا أيضًا لا نراها سوى من الخارج فقط، ومن خلال بضعة تفاصيل ضئيلة تظهر عرضًا، بما يجعلها غير كافية أصلًا للتفاعل بما يجب معه، فيتحول الأمر إلى مجرد كتلة مصمتة بلا روح.
كما لا تستغل وينوكور أيضًا إعجاب الحارس الضمني غير الصريح بالزوجة لصالح الحكاية بكاملها على الرغم من صلاحيته الشديدة لتحريك المياه الراكدة في دراما الفيلم، حتى مع تأكيدها على هذه النقطة ضمن سياق الأحداث أكثر من مرة.