من قال إن الحب هو حكر على العشاق فقط؟ من قال إن قصص الحب يجب أن تكون بين أشخاص حقيقيين؟ فمع مرور السنين برهنت لنا شركات الرسوم المتحركة أن الحب ليس محصورًا على الأفلام الرومانسية ذات القصص الكليشيه والنهايات المتوقعة. صناعة "الأنيميشن" تطورت على أكثر من صعيد: من ناحية التقنيات المستخدمة في التحريك عبر الكمبيوتر والتي ساعدت في ترجمة الأحاسيس للشخصيات، ومن ناحية تطور نصوص أفلام الكرتون التي أصبحت تخرج عن المعتاد وتقدم مواضيع عميقة وفي بعض الآحيان فلسفية.
كل هذه العوامل ساعدت شركات الرسوم على تقديم مادة أفضل وتمس العواطف بشكل أكبر. وفي هذا المقال سوف نستعرض أجمل القصص الكرتونية المرسومة بالمشاعر، والتي أثرت فينا مع أننا نعلم أنها مجرد صور وأصوات.
فيلم من إنتاج "بيشكسار"، يروي قصة العجوز "كارل" الذي يقرر تحقيق حلم زوجته بعد وفاتها، فيربط بيته بعدد ضخم من البالونات، ويطير به إلى أمريكا الجنوبية.
الفيلم مؤثر إلى أبعد الحدود واستحق عن جدارة أوسكار أفضل فيلم رسوم متحركة. لكننا هنا لنتكلم عن الدقائق الثمانية اﻷولى من الفيلم، التي تروي قصة الحب بين "كارل" وزوجته "إيلي" في مشاهد قليلة الكلام وكثيرة المشاعر، فننتقل معهما من الحب الطفولي البريء، إلى العرس، ثم مرض "إيلي" دون أن تنجب أطفالًا، وأخيرًا موتها، ليبقى "كارل" وحيدًا. فعلًا قصة حب مثالية ربما هي الأجمل على الشاشة الكبيرة، قدمها صناع الفيلم ببساطة لكن بعمق كبير، هذه الدقائق المعدودة أثرت فينا ربما أكثر من أفلام أخرى سيطرت الرومانسية فيها على مدة الفيلم بالكامل.
كما قلنا سابقًا، الحب ليس حكرًا على العشاق، فحتى الأشرار قد يجدون الحب في أي مكان. Despicable Me يروي قصة الشرير "جرو" الذي ينوي سرقة القمر ليثبت أنه الشرير الأقوى بالعالم، فيتبنى ثلاث فتيات صغيرات ليساعدنهُ بسرقة آلة، تمكنه من سرقة القمر. ومع أنه شرير وقاسي القلب، لن يستطيع "جرو" مقاومة براءة الفتيات، اللاتي يعطينهُ معنى آخر لحياته. الفيلم مؤثر جدًا ويثبت أن حتى أقسى القلوب لا تقاوم شعور العائلة والأولاد، الملفت أيضًا قرب الشخصيات من القلب، فالفتيات الثلاثة خطفن قلوبنا، ومشاهدهم مع "جرو" كانت مفعمة بالأحاسيس، دون أن ننسى "المنيونز" مساعدي "جرو"، الذين حصدوا نجاح جماهيري باهر حول العالم.
فيلم من "بيكسار" أيضًا، يثبت لنا أن الحب سيظل موجودًا حتى بعد فناء الأرض وهجرة أهلها للعيش على مسبار فضائي. الروبوت "والي"، الذي لا يتكلم لكن يعشق الموسيقى والاستكشاف، صاحب مهمة تنظيف الأرض من النفايات التي خلفها الإنسان، يقع في غرام "إيف" الروبوت المرسلة إلى الأرض لاستكشاف وجود أي أثر للحياة. قصة حب بسيطة تحمل الكثير من المشاعر، استطاع صناع الفيلم أن يبرهنوا من خلالها أن الحوار هو عنصر ثانوي، فيمكن للمشهد أن يؤثر فينا أو حتى يدفعنا لذرف الدموع حتى لو كان صامتًا، الحوارات بين "والي" و"إيف" شبه معدومة لكن قصتهما ستؤثر فينا حتمًا، من البداية حيث تتجاهل "إيف" "والي"، إلى مشهد النهاية الجميل.
"الأسد الملك" هو أحد أبرز أفلام الكرتون في تاريخ السينما، الفيلم له نكهة خاصة وسحر جميل، يجسد صراع السلطة والعائلة وتأثير الماضي على القرارات. الحب هنا أبوي بحت، بين الحاكم "موفاسا" وابنه الشبل "سيمبا"، فعلاقة الاثنين هي تجسيد واقعي لعاطفة الأب الحامي، والابن الطائش والمتسرع. "موفاسا" يحاول تعليم "سيمبا" الحياة ويهرع للنجدة عندما يسمع أن ابنه واقع بخطر، حتى أنه يضحي بحياته كي ينقذه.
مشهد موت "موفاسا" هو الأقسى بلا منازع، وجعلنا ندمع، بل نبكي، من شدة التأثر. حب الأب لن يفارق "سيمبا" حتى بعد أن يكبر، فيسمع روح والده تقول له: "تذكر من أنت، أنت ابني".
بعد أفلام حققت نجاحات عادية، عادت "ديزني" عام 2013 مع فيلم Frozen الذي كسر الأرقام القياسية بشبابيك التذاكر، وحقق آرباح مرتفعة، جعلته أكثر أفلام الكرتون تحقيقًا للإيرادات في التاريخ. الفيلم يروي قصة "آنا" شقيقة أميرة الثلج "إلسا"، التي تتحدى الصعوبات وتسافر كي تنقذ اختها، التي رحلت بعيدًا عن المملكة. بنهاية الفيلم نكتشف أن حب "آنا" لاختها هو خلاصها، وأن علاقة الأخوة هي الأقوى. الفيلم أيضًا مليء بالمشاعر وبالأغاني الجميلة، واللافت أنه ربما أول أفلام "ديزني" الذي يُظهر للمشاهدين الصغار أهمية العائلة، ولا يعطي أهمية كبرى للغرام وفارس الأحلام، على خلاف أفلام "ديزني" الكلاسيكية القديمة.
حتى لو لم تكن من محبي أفلام الكرتون، لا يمكنك تجاهل أهمية البعض منها الذي يوُصل رسالة وقعها أكبر من أفلام "الكبار"، فأفلام الأنيميشن في أيامنا هذه أصبحت عميقة أكثر، وتتناول مواضيع ناضجة إلى حد كبير، والأفلام التي تناولناها هي أحد هذه الأمثلة، الحب في أفلام الكرتون له تاريخ كبير، فالأفلام الكلاسيكية القديمة قدمت قصصًا رائعة عن الغرام، لكن الأفلام في المقال أعطت قصص الحب بُعدًا آخرًا، واستطاعت أن تُظهر جوانب جديدة منه. في النهاية، وكما تقول أغنية فيلم "بامبي" الشهير: "الحب هو أغنية لا تنتهي".