أعماله الفنية قليلة ربما، لكن الاختلاف سمة تميزها، لا ينتظر متى سيحدث، لكن يسعى دائمًا لتقديم ما يحب، عينه تلتقط الأعمال المُختلفة وغير التقليدية. السينما.كوم حاورت المُخرج شريف البنداري، وتحدثنا معه عن أول أعماله الروائية الطويلة فيلمه "علي معزة وإبراهيم"، الذى لاقى حفاوة كبيرة لدى عرضه بمهرجان دبي السينمائي الدولي، واستحسان نجوم الفن بعد عرضه الخاص، الذي أقيم مؤخرًا بالقاهرة.
قرأت السيناريو وأحببته، وشعرت أنني يجب أن أصنعه. وبالنسبة لتأخر التجربة الأولى (مازحًا) "يمكن عشان أنا نحس شوية"، ولكني أؤمن أن كل شيء له وقته، تخرجت من المعهد العالي للسينما عام 2007، وأخرجت وقتها فيلم قصير قبل تخرجي من المعهد عام 2006 اسمه "صباح الفل" من بطولة هند صبري، وفي العام نفسه شاهد المُنتج محمد حفظي العمل وأراد أن يُنتج لي، وسألني عن سيناريوهات أو مشاريع نقدمها سويًا، وذلك كان قبل 10 أعوام من "علي معزة وإبراهيم"، كان لدي فرص كثيرة، ولكني لم أكن أريد تقديم أي فيلم، أردت تقديم فيلم أحبه، ليس مميزًا ولا كبيرًا، ولكن عمل أرى فيه نفسي، إلى أن جاء "علي معزة وإبراهيم".
أرى أن التنصيف لم يكن في محله وليس له أي داعي، ولكني أؤمن أن الفيلم الجيد سيحصل على حظه، بدون أي تدخلات مهما كانت تلك التدخلات، نحن متفائلون.
كانت هناك صعوبات كثيرة، أولًا لأن "ندى" حيوان لا يفهم شيء، الموضوع بدأ عندما قررت أن أستعين بمدرب حيوانات يُدرب "ندى"، واكشتفنا أن هناك مُدربين بالفعل في "أمريكا" و"الهند"، وبحثنا عن مُدرب حيوانات في الهند، ولكننا رأينا أن فكرة الاستعانة به ستأخذ الكثير من الوقت بالإضافة إلى التكلفة المُرتفعة، ولم يكن لدينا الوقت الكافي لذلك، خاصةً إننا أخذنا وقت طويل في البحث عن "ندى"، حيث استغرق الـ"كاستنج" الخاص بالبحث عن المعزة المناسبة حوالي 3 أو 4 شهور، وحين وجدتها لم تكن لدي المساحة الكافية من الوقت كي أدربها، فرأيت أنه من الأفضل أن أرى ماذا ستفعل هي، وأطوعه لخدمة العمل أو المشهد الذي أريده، فمثلًا هناك مشهد كانت تقفز على السور في مدينة الإسكندرية وخلفها أحمد مجدي وعلي صبحي، رأيتها وهي تقوم بالأمر بالصدفة، وصورناها وهي تفعل ذلك، وأصبح مشهد في العمل، وهو لم يكن مكتوبًا في السيناريو باﻷساس.
اختيار "ندى" لم يكن سهلًا على الإطلاق، لأسباب كثيرة، منها أن جزءًا كبيرًا من هاجسي تجاه الفيلم ألا يقع الجمهور في حب "علي" و"ندى"، وبالتالي لا يُصدق علاقتهما معًا، هذا كان أمر في غاية الأهمية، وبناءً عليه لكي يقع الجمهور في حبهما، كان لابد أن تمتلك "ندى" كاريزما تجعل من يشاهدها يحبها، فكانت هناك معايير مُختلفة للغاية وعكس بعض، منها أن تكون فريدة من نوعها ولديها الجاذبية، ولا تشبه غيرها لكي تُحب، وفي نفس الوقت أنت تعي جيدًا أن التصوير سيأخذ وقتًا طويلًا، سنة مثلًا، كما كان في فكرنا أثناء الكاستنج إننا سنصور جزء من الفيلم ونبحث من خلاله على مؤسسة تدعمنا لاستكمال الفيلم، وبالتالي فأن اﻷمر سيأخذ وقتًا طويلًا، ومن الجائز جدًا أن يحدث لـ"ندى" أي شيء، كأن تنمو مثلًا ويتغير شكلها، كنت أعلم هذا جيدًا من البداية، ولذلك كنت أريد أن أجد لها بديلًا من السهل الاستعانة به في أي لحظة، المعادلة الصعبة كانت أن تكون لدى "ندى" كاريزما فريدة من نوعها وأن يكون من السهل أن تحصل على أخرى بديلة لها، وهما معيارين عكس بعضهما تمامًا، أما المعيار الثالث فكان يتلخص في سلوكها كحيوان أن يكون ناعمًا وسلسًا واجتماعيًا، وأن تتفاعل وتستجيب وتسمع الكلام جيدًا.
التعامل مع الحيوانات، بجانب أن الفيلم تم تصويره في أكثر من لوكيشن مُختلف، تقريبًا كنا نصور كل يوم في 2 أو 3 لوكيشن مختلف، أمر مُهلك للغاية ومُكلف بالنسبة للتصوير وللفريق ككل، كما أن أيام التصوير الخارجي كانت كثيرة جدًا.
أي كانت ميزانية الفيلم، كنت سأختار هذا الفريق الذي عملت معه. هنا تدخل مؤلف الفيلم أحمد عامر قائلًا: بمنتهى الأمانة سعيد للغاية باختيار شريف البنداري لهؤلاء النجوم الشابة أحمد مجدي وعلي صبحي، ولا أعتقد أن هناك ممثل آخر كان سيقوم أو سيُقدم ما قدموه من جهد وتعب، مع كامل احترامي للجميع، فمثلًا أحمد مجدي تعلم سواقة "الفيسبا"، ولغة الإشارة والعود بسبب شخصيته ودوره في الفيلم.
لا لم أقل ذلك، ومن المهم توضيح هذه النقطة، الفيلم لا يدعو لشيء، لا أصنع فيلمًا يدعو لأي شيء، الشيء المُهم والمعياري في أعمالي أن تنال إعجاب الجمهور ويراها ويستمتع بها، هناك فرق بين يدعو لشيئًا ما، وبين الدافع وراء صناعة فيلم ما، وهذا فرق مهم للغاية، ماذا يحركني كي أقوم بهذا العمل، وارد جدًا أن يكون هناك آخرون يصنعون أفلامًا تدعو لشيء ما، لكنني لست معنيًا بتغيير أفكار الجمهور، فيلمي لا يدعو لشيء ولا يحمل رسالة مُعينة، معياري الأساسي أن يكون الفيلم ممتع ويحبه الجمهور ويشاهده ويستمتع به، وبخصوص التغريدة التي كتبتها، وتحدث عنها الناس وحصل لغط حولها، أن هناك فيلمًا ما حركني وحمسني كي أصنعه وهو فيلم عن قبول الآخر، أنا أرى أن المجتمعات دائمًا صادرة للأحكام، ودائمًا فيها شيء من عدم قبول الأختلاف، أقرب مثال الهجوم على أحمد مجدي مؤخرًا بسبب ملابسه في العرض الخاص، أريد أن أوضح أن كل شخص حر فيما يخصه، الأمر بسيط لا تفعل مثله، انتقده ولكن لا توبخه بالشتائم، لا تحب ما يفعله ولكن لا ترفضه، فهذا ما حركني كي أصنع الفيلم، خاصةً أنه يتحدث عن شخصيات مرفوضة في مجتمعنا لأسباب لا تستحق الرفض، ولكن ليس معنى هذا أنني صنعت الفيلم كي يتقبل كل منا الآخر، لا يوجد فيلم سيجعلك تتقبل الآخر، هناك فيلم يجعلك تقف مع نفسك وتُعيد تفكيرك، وبالفعل هناك أفلام تجعلني أُعيد تفكيري في الحياة لوهلة بشكل مختلف، ليست هذه رسالة الفيلم على قدر ما هو "دافع" عانيت بشكل شخصي منه، ما جعلني أتحدث عنه، أي فيلم يجب أن يحمل سؤال وليس إجابة. واﻹجابة أن تعطي مُلخصًا لموضوع ما، ولكن السؤال يجعل الأمر ينمو ويكبر في رأسك، فتفكر فيه بعد مغادرتك دار العرض، إذا وصلت لذلك أعتقد أنك حققت المُراد، ولأنني لدي سؤال تحمست، وليس لدي إجابة، وهذا ما جعلني أصنع الفيلم، ليس لدي يقين أن هذا الأمر هو الحل أو أن هذا الأمر هو الصواب أو أنه لابد للأشخاص أن يفعلوا ذلك، هذا الأمر ليس عندي ولا أعرفه.