مُنذ عكف تامر حبيب على تحويل رائعة إحسان عبدالقدوس "لا تطفئ الشمس" إلى عمل درامى يُعرض في رمضان، تحمس المشاهدين ظنًا مِنهم أنهم على وشك خوض تجربة مشاهدة لا تقل إمتاعًا وتشويقًا عن عمله السابق "جراند أوتيل" بل وظن الغالبية أن العمل الجديد سيُضاف إلى أذهانهم كأحد أفضل الأعمال التي قدمها تامر حبيب نظرًا لقيام القصة على رائعة الكاتب الكبير إحسان عبدالقدوس.
ولكن على عكس المتوقع، تحول الحماس الكبير إلى خيبة كبيرة نظرًا لعدة أسباب وعيوب طالت النص، أهمها مِن وجهة نظر الكثير مِن قُراء الرواية أن العمل ابتعد كُل البُعد عن الرواية الأصلية، وذهب الكثير مِن المتابعين أنّه كان مِن الأفضل تقديم العمل كعمل قائم بذاته بعيدًا عن الرواية.
عزز نقد المسلسل السلبي ووجهات النظر السلبية اتجاه النص، الملل والرتابة ومط الأحداث الغير مبرر، خاصةً بعدما فُقد أدم، وقفز تامر حبيب بمتابعيه قفزة ثلاثة شهور مِن عُمر الأبطال، وأذهب إلى أنّه كان مِن الأفضل أن تُعالج تلك الفترة فى حلقتين على الأقل لنفهم ماذا حلّ بأبطال العمل مِن تغييرات؛ فكيف أصبحت إنجي بهذه الأنانية والتدني والوقاحة بعدما كانت تُحذر أختها كثيرًا مِن خطورة التقرب مِن رجل وهى متزوجة مِن رجل أخر، ليُفاجئ المشاهد بتقارب غريب مِن وجهة نظره بين إنجي ونديم، الرجل التى لم ترتاح له مٌنذ البداية.
فهم المشاهد بعد ذلك مِن حديث إنجي أن يوسف له دور كبير فى تغير شخصيتها للأسوأ، ولكن كان مِن الأفضل أن نشاهد هذا الدور وهذا التحول بدل مِن أن نسمع به، خاصة وأن الحلقات اللاحقة لم تحمل مِن الأحداث التسارع أو التكاثف الذي يمنع مِن معالجة الأشهر الثلاث تلك. وقد جاء المط الشديد فى تحول أحمد إلى شخصية أكثر فسادًا وأقل تحمل للمسئولية مِن آدم، بشكل مُمل لكُل المشاهدين، حتى هجر البعض العمل تمامًا بسبب طول مشاهد الشُرب والرقص والفساد التى يعيشُها أحمد والتي لا تضيف جديد لخزانة المسلسل أو أحداثه.
فشل الكاتب فشل غير مُعتاد فى بناء الأحداث، وجذب المشاهدين إلى العمل والحلقة تلو الحلقة، فلم يُلقى خيط واحد للمشاهدين ليتابعوا العمل مُنذ اختفاء آدم، والذي في وجهة نظري طال كثيرًا ولم يكُن بذلك الغموض، نظرًا لوسائل التواصل الاجتماعي التي أوضحت استمرار أحمد مالك فى التصوير، وإن اعتبرنا أن اختفاء آدم وضع المشاهد فى حيرة مِن أمره ولو قليلًا وأرغمه على مشاهدة باقي الحلقات، فمُنذ ظهور آدم، سار المسلسل مِن سيئ إلى أسوأ.
لم ينجح تامر حبيب في جذب المشاهد وبناء الأحداث بشكل سليم وصولًا إلى الحل، بل لم ينفك يُعقد الأحداث ويتركها مُعقدة، كمَن يطرح سؤال دون إجابة، أو ينسى أن يُجيب عليه.
حرص الكاتب الشديد على تعدد محاور العمل حال بينه وبين وجود ترابط بين أحداث العمل، فأصبحت الأحداث تسير بشكل عشوائي مُتخبط دون التركيز على حدث واحد في الحلقة وربطه بالحلقة التي تليه.
على سبيل المثال لا الحصر، انتهت الحلقة 25 بمشهد المواجهة بين يوسف ونديم، وانتظر الجميع الحلقة 26 حتى يعلموا قرار يوسف، هل سيُضحي بإنجي ويدق آخر مسمار في نعش حُبّه، أم سيُحاول إصلاح كُل شيء ويُضحي بكُل شيء مِن أجلها.
لتبدأ وتنتهي الحلقة ال 26 دون مشهد واحد يظهر فيه أحمد مجدي، دون أن يعرف المشاهد ماذا يدور فى خُلده أو علمّا ينوي، وأذهب إلى أنه كان مِن الأفضل أن نعرف ما دار فى خُلد يوسف، وما حدث في لحظة الطلاق بين آية ونادر، والحوار الذى سيدور بين إقبال وحبيبة بدلًا مِن مشهد طويل ملئ باللاشيء في نهاية الحلقة، حيث عجز محمد ممدوح عن توظيف انفعالاته لنفهم عبرها بماذا يشعر، صدقًا لم أفهم هل هو يعاني مِن مشكلة جسمانية بعد جرعة الهيروين التي تناولها، أم أنه منتشي، هل يشعر بالندم، أم يشعر بالفخر؟
أسئلة تُركت في عقلي دون إجابة، ومشهد لا يضيف جديد للمشاهد، قد أجد الأسئلة كُلها تُجاب في الحلقة ال27 ولكن عنصر الجذب قد فُقد.
الحقيقة أن العمل ككل كان ليكون مِن أفضل الأعمال التي قُدمت، نظرًا للإخراج والأداء والديكور وعوامل النجاح الكثيرة التي لا يجب أن تُغفل، ولكن القصة تبقى نبض العمل، وعوامل فشل القصة كما سردتها كثيرة ومُنفّرة، اضطرت الكثيرين إلى التوقف عن المتابعة وتفويت الحلقات، واضطرتني للمتابعة دون الشغف الذى إعتدت أن أشعر به وأنا أتابع سيناريو تامر حبيب.