نجاح مسلسل "بين عالمين" يحطم فكرة أن الأعمال الجيدة لابد لها أن تلحق العرض الرمضاني وإلا خرجت من حسبان الجماهير، وخاصمها النجاح! فلو أحصيت عدد المتابعين لحلقات المسلسل على اليوتيوب أو من خلال بعض المواقع الحريصة على رفع الحلقات أولًا بأول، فسوف تتأكد أن هناك جماهير غفيرة تتابع المسلسل بشغف كبير!
"بين عالمين" من اخراج أحمد مدحت وتأليف أيمن مدحت، وهو مسلسل تشويقي، مثير لكنه يختلف عما سبق وقدمه طارق لطفي من مسلسلات تعتمد على الحركة والأكشن، تلك التي رفعت من أسهمه، ووضعته بين نجوم الصف الأول، ولكنه هنا يدخل نقطة تحول ثانية أو ثالثة ويؤكد أنه يقترب من منطقه التميز الشديد وربما يتفوق على أبناء جيله أحمد السقا- مصطفى شعبان- كريم عبدالعزيز من حيث قدرته على تلوين أدائه ليس بين الحين والحين، ولكن فى العمل الواحد بل فى المشهد الواحد!
كما جاء فى إحدى الحلقات، عندما كان من المفترض أن يتعرف على جثة ابنته الوحيدة في المشرحة، وبعد الإنهيار والبكاء فجأة تنتابه مشاعر فرحة مختلطة بالحزن عندما يكتشف أن الجثة ليست لإبنته ولكن لصديقتها التي كانت معها في السيارة أثناء الحادثة التي أدت إلى انقلابها عدة مرات ومقتل الصديقة وإصابة الإبنة بإرتجاج وغيبوبة.
أحداث مسلسل "بين عالمين" ثرية ومتلاحقة ولا تميل للثرثرة، بحيث إذا فاتتك حلقة، فقد تعاني في فهم بقية الأحداث، وقد وضع السيناريست أبطاله في حالة صراع من الحلقة الأولى، واختار نقطة انطلاق Point Of Attack ساخنة، حيث يلتقى مروان "طارق لطفي" مع رجل غامض يرتدي قناعًا حديديًا، يطلب منه أن يدمر خصمه رجل الاعمال ووزير اﻹسكان "نادر" أو هشام سليم، ويبدو هنا أن مروان لديه القابلية للسقوط، ﻷنه بدأ فعلًا في تنفيذ ما طُلب منه، مستخدمًا ذكائه ومهارته في حياكة المؤامرات والتخطيط للإطاحة بنادر "هشام سليم"، صاحب شركة الكيان للعقارات، والأغرب من ذلك أن نادر نفسه يطلب من مروان أن يطيح بهشام "حازم سمير" رغم أنه على صلة صداقة ونسب به! وللمرة الثانية لا يتردد مروان في البدء في تنفيذ الخطة المناسبة مقابل أن يصبح مديرًا لشركه الكيان!
فى الحقيقه مسلسل "بين عالمين" هو التعويض الفني المناسب لكل سنوات التجاهل التي مر بها هذا الممثل الذي كان يستحق اهتمامًا أكبر مما هو عليه، الأدوار النسائية مرسومة بعناية فائقة، أهمها "فيدرا أو فرح" زوجة نادر وشريكته في رحلة صعوده، رغم ما شاب علاقتهما من توتر نتيجة زواجه بأخرى، دارين حداد المذيعه العنكبوتية صاحبة العلاقات المتعددة، والزوجة الثانية لمروان، أداء جيد، يناسب الشخصية شكلًا، وروحًا، أما شخصية الزوجة التي قدمتها لقاء الخميسي فلم يكن له تطور إلا من حيث الشكل فقط، ولكنها تقدم نفس الحالة، فهى المسبب المزمن لمعظم مشاكل زوجها، وزنها، إلحاحها لمعرفة أخباره وتحركاته وأسراره، ولم أجد حتى الآن ضرورة درامية أو منطقية لعلاقتها بهذا الطيار الذي يلاحقها طالبًا الزواج؟ إلا إذا كان القصد زيادة حجم دورها، أما الإبنة سلمى "ريما" فهى صاحبة وجه هاديء وأداء ناعم، ومنح السيناريو فرصه ذهبية لأمير صلاح الدين للتعبير عن طاقاته وقدراته المتلونة في أداء شخصية حمادة، وكذلك حازم سمير في شخصية هشام الخصم اللدود والمنافس الدائم لمروان.