وداعا جميل راتب ابن الذوات عاشق الفن وحامل راية الإبداع ما بين مصر وفرنسا

  • مقال
  • 02:37 صباحًا - 21 سبتمبر 2018
  • 8 صور



"إن حبات عقد المبدعين والعظماء من زمن الفن الجميل تنفرط، وربما قد رحل جميل راتب بجسده، لكنه سيبقى دائماً خالداً بأعماله في ذاكرة الفنون" هكذا نعت الدكتورة إيناس عبدالدايم وزيرة الثقافة وفاة الفنان الكبير جميل راتب .

بعد صراع طويل مع المرض رحل عن عالمنا الفنان الكبير جميل راتب ابن الذوات عاشق الفن وحامل راية الإبداع ما بين مصر وفرنسا، عن عمر يناهز الـ 92 عاما إثر تعرضه لوعكة صحية فقد خلالها صوته الأنيق أهم ما يميزه أمام جمهوره وجدران المسارح، والذي قد مكنه من قبل للمشاركة في الأداء الصوتي لعدد من الأعمال الفنية المميزة أهمها دوره في النسخة المدبلجة إلى العربية في فيلم "عمر المختار"، حيث لعب "صوت" توميلي الضابط الإيطالي صاحب الشخصية الصارمة.

وفي هذا التقرير جمعنا لكم أهم محطات في حياة الفنان الراحل شرير السينما الأنيق.

عن نشأته ورحلته الي باريس عاصمة النور:

ولد الفنان الراحل جميل راتب في القاهرة لأب مصري مسلم وأم مصرية صعيدية ابنة أخ الناشطة المصرية هدى شعراوي، وليس كما يشاع أنه من أم فرنسية،

درس في جامعة الحقوق الفرنسية في مصر، وبعد السنة الأولى سافر إلى باريس لإكمال دراسته لكنه غير خط سيره في عاصمة النور، حيث نمى هوايته في التمثيل وصقلها بالدراسة وقرر إكمال حياته المهنية في هذا المجال. ولم تكن رحلة راتب في فرنسا فنية فقط، بل امتزجت بالكفاح والشقاء، حيث عانى كثيرا، حسبما اعترف، بسبب انقطاع المصروف الذي اعتاد أهله على إرساله له، لدى علمهم بأنه اتجه للتمثيل وترك السياسة، وقال إنه اضطر للعمل في عدة مهن منها المترجم والنادل وحمال الخضراوات لتدبير مصروفاته الشخصية.

وارتباطا بفرنسا بدأ راتب مشواره الفني الحقيقي، حيث كان أول عمل يشارك فيه فيلم "أنا الشرق" من بطولة الممثلة الفرنسية كلود جودار، وجورج أبيض وحسين رياض وتوفيق الدقن

وبعد ذلك كون جميل راتب مع أصدقائه فرقة، وبدأوا العرض على مسارح صغيرة، قدموا من خلالها أعمالاً مبكرة ليونسكو وغيره، وكان في أدوار البطولة دائماً، وبعد أن نجحت الفرقة بدأوا يطلبونهم فى المسارح الكبيرة مع مخرجين كبار، مثل (عطيل) لشكسبير بالفرنسية والعربية وعرضت في تونس، والكلاسيكيات لموليير وراسين وغيرهما فضلا عن المسرح الأجنبي غير الفرنسي، وأخرج عدداً من المسرحيات.

شارك مع أشهر فرقة مسرحية وهى الكوميدى فرانسيز بمسرحية "الوريث" عام 1952.

كما أن الكاتب الفرنسىي "أندريه جيد" عندما شاهده في مسرحية "أوديب ملكًا" نصحه بدراسة فن المسرح في باريس، وهو ما قام به بالفعل.

عاش في فرنسا 30 عاماً (1946 - 1976) قدم 75 عملا بينها 15 فيلما، وساعده إتقان اللغات الأجنبية في المشاركة ببعض الأفلام العالمية مثل "لورانس العرب" عام 1962، أما العمل الذي يعد نقطة تحول في مسيرته فهو فيلم "الصعود إلى الهاوية" عام 1978، وحصل من خلاله على جائزة أفضل دور ثان وسلمها له الرئيس المصري الراحل أنور السادات.

تزوج “جميل” من فتاة فرنسية كانت تعمل بالتمثيل الذي اعتزلته بعد ذلك وتفرغت للعمل كمديرة إنتاج ثم منتجة منفذة ثم مديرة مسرح الشانزليزيه، والتي يحرص على زيارتها في بيتها الريفي عندما يذهب إلى باريس لأنهما شبه منفصلين منذ فترة .

عودته إلي مصر وأهم أعماله الفنية:

وعندما عاد إلى مصر خاض تجربة الإخراج المسرحي وقدم مسرحيات مثل (الأستاذ) من تأليف سعد الدين وهبة، ومسرحية "الزيارة" المأخوذة عن مسرحية "السيدة العجوز" لـ درينمات، والتي اشترك في إنتاجها مع محمد صبحي، ويشار إلى أنه كان قبل ذلك قد عمل مع النجم العالمي أنتوني كوين مساعد مخرج فى تقديم المسرحية نفسها كما أخرج جميل راتب مسرحية (شهرزاد) من تأليف توفيق الحكيم كما اشترك أيضا في أعمال هامة لكبار المخرجين منهم عاطف الطيب، صلاح أبو سيف، يوسف شاهين، علي عبدالخالق، هنري بركات، كمال الشيخ ويحيي العلمي.

رصيد جميل من الأدوار المتميزة لا يعد ولا يحصي، حاول أن يقدم نماذج متنوعة ما بين شخصية البهظ في فيلم الكيف ودوره في " البرئ" و "الصعود إلى الهاوية" و"سنة أولى حب" الى "بيت بلا حنان" و"كفاني ياقلب" وصولا الى أدواره اللافتة في "شفيقة ومتولي" و"لا عزاء للسيدات" و" البداية" و"حكاية وراء كل باب" و"حب فى الزنزانة" و"خائفة من شيء ما" و"وداعا بونابرت"،، وشارك في أفلام مميزة مثل " الأقزام قادمون" و"طيور الظلام"، حتى دوره فى "جنينة الاسماك" كان رائعا، وكان مقنعا في دور رئيس الوزراء في "تيمور وشفيقة".

في التليفزيون كانت هناك مساحة واسعة أمامه ليقدم تنوعا أكبر، ربما أفضل أدواره شخصية السفير مفيد أبو الغار في "الراية البيضا"، ودوره الصعب في حلقات "غدا تتفتح الزهور" أمام سميرة أحمد، من تأليف الراحل يوسف عوف، رجل يتلون بين الحب والكراهية، كما حقق شعبية كبيرة مع محمد صبحي سواء في "رحلة المليون" بعبارة "بيع .. بيع"، أو في دور أبو الفضل جاد الله عويس والد ونيس في أجزاء المسلسل الاجتماعي الاخلاقي يوميات ونيس، كما كان له دور مميز آخر فى حلقات "مسألة مبدأ" الذي تناول تجارة السلاح.

وعن صفاته، قد عرف بالذكاء و حسن الخلق والفكر الثوري بالإضافة الي التواضع الشديد، وله لقاء تليفزوني أظهر ذلك بشكل كبير فيقول راتب:

" مرّة بتسألني مذيعة في برنامج تليفزيوني عن شخصيات أحب أشكرها أثرت في حياتي، افتكرتْ ح تكلم عن ناس مشهورة ، قلتلها حابب أوى أشكر ثلاثة: سواق أوتوبيس شافني في الزمالك، وقّف الأتوبيس ونزل يسلّم عليا، وعاملة نظافة في مطار القاهرة لم تجد ما يعبر عن إعجابها إلا إنها تعزمني على إزازة كوكا كولا، وسواق تاكسي قلتله أنا ما عنديش أولاد فقاللى: إحنا كلنا أولادك، دول تلاتة أثروا فيا أوي ومش قادر أنساهم، وباشكرهم من كل قلبي"

ونحن أيضا لن ننساك ونشكرك كثيرا علي عطائك وحبك للفن الذي ارهقك كثيرا وداعا ايها الجميل الليس برتيب بل المحبب لدينا جميعا.


وصلات



تعليقات