"الفيل الأزرق 2" ما بين الخيال والهلوسة: طرق عديدة فتحها أحمد مراد ومروان حامد

  • نقد
  • 02:25 مساءً - 30 يوليو 2019
  • 4 صور



ما بين الحقيقة والخيال، وهى التيمة المعروفة للكاتب أحمد مراد، يلعب المخرج مروان حامد على عدة أوتار ما بين الدجل والشعوذة والسحر الأسود وانفصام الشخصيات والادمان والانتقال من عالم لأخر، ومن حالة لأخرى. من خلال الجزء الثاني من فيلم الفيل الأزرق والذي كان أشد قوة ودسامة من الجزء الأول والذي حقق إيرادات أكثر من 31 مليون جنيه، ومن المتوقع أن يحقق الجزء الجديد أضعاف مضاعفة للإيرادات نظرًا لإضافة المخرج للمزيد من أجواء الغموض والتشويق مغلفة ببعض مشاهد الرعب، مما يجعله الأكثر جاذبية لمحبي هذه التيمة. هناك صراع مستمر شاهدناه وتمت معالجته في الكثير من الأفلام، سواء العربية أو الأجنبية ما بين الأمراض النفسية وبين عالم السحر والجن، فكثير من الجرائم التي غالبًا ما تكون أكثر مما يستوعبها العقل تتم تحت مسمى سيطرة الجن على الجسد، بينما يعارضها الأطباء وعلماء النفس أن هذه الحالة تندرج تحت مسمى المرض النفسي سواء الفصام أو مثل ما رأينا في الفيلم بارانويا الإضطهاد أو الذهان، على هذه الوتيرة يسير فيلم "الفيل الأزرق 2"، ولكن بجرعة مكثفة من الغموض والرعب، فالجزء الأول دارت أحداثه حول الدكتور يحيى راشد والذي يلعب دوره كريم عبدالعزيز والذي يصاب بحالة نفسية تعزله عن عمله كطبيب نفسي لمدة 5 سنوات عقب وفاة زوجته وابنته في حادث ويتم استدعاؤه لمعالجة إحدي المرضى الخطرين، والذي يتضح أنه صديقه خالد الصاوي هو المتهم بقتل زوجته، ليكتشف في نهاية الجزء الأول أن هناك جن يدعى نائل من عالم أخر، انتقل إلى جسد خالد الصاوي عن طريق وشم رسمته ديجا، والتي تلعب دورها شيرين رضا على يد زوجته لقناعتها بأن ذلك سوف يحقق لها المتعة الجسدية مع زوجها، مما جعله يقوم بقتلها في النهاية، وينجح الدكتور يحيى في حرق الجن مع نهاية الفيلم باستخدام عبارات معينة من الكتب المتخصصة في هذا المجال.

وفي الجزء الثاني بعد مرور 5 سنوات من هذا الحدث، وبعد زواجه من نيللي كريم حبيبته الأولى وإنجابه ولدًا منها، يتم استدعائه للمصحة النفسية مرة أخرى لمعالجة حالة مشابهة وهى هند صبري، والتي قتلت زميلتها في المستشفي، وهى متهمة بقتل زوجها وابنتها، وبعد أول مقابلة، يكتشف أنها تعرف الكثير عن حياته وتعطيه إشارات وعلامات مرعبة بما سوف يحدث له في المستقبل من جرائم. في هذا الإطار يحاول فك هذه الألغاز باستخدام حبوب الفيل الأزرق مرة أخرى والتي تنقله إلى عوالم وأزمنة مختلفة. يزداد الفيلم غموضًا وتشويقًا كلما مرت الأحداث إلى درجة تشعرك بالتشتت وأنك في متاهة لا تعرف نهايتها، خاصة بعدما اختلطت جميع الخطوط ببعضها، وتم تشكيك المشاهد في كل من حوله، وتزداد الشعرة الفاصلة بين الحقيقة والخيال، وبين العلم والخرافة، فكلما مر الوقت تكتشف المزيد من المرضي النفسيين. وعلى الرغم من أن أحمد مراد ومروان حامد في هذا الفيلم يلعبا على خيال المشاهد بشكل كبير، خاصة في مشاهد الفانتازيا والعودة إلى أزمنة مختلفة وطقوس الغجر، إلا أن هناك شيئًا من الحقيقة، فحبوب الفيل الأزرق لم تبعد كثيرًا عن الهلاوس التي يراها كريم عبدالعزيز، فحبة الفيل الأزرق والمعروفة علميًا باسم DMT، والتي أصبحت منتشرة بين الشباب وأطلق عليها عدة أسماء أبرزها عقار الشيطان، بالفعل يبدأ مفعولها في خلال 20 ثانية من تناولها كما شاهدناه في الفيلم، ويستمر مفعولها من ساعتين إلى 3 ساعات، وأثبتت التجارب العلمية أن 75% ممن تناولوا هذا العقار تعرضوا لخطر الانتحار، والـ25% الباقيين أصيبوا بأمراض نفسية وعصبية خطيرة، حيث تحتوي الحبة على شبكة ضخمة من التوصيلات العصبية والحسية التي تتناغم مع بعضها، وتفرز مجموعة من الهرمونات والمواد الكيماوية التي تقوم بدورها لتهيئة الشخص وتنقله من عالم لأخر فيرى أشخاص ويسمع أصوات غير ذات وجود وتصل بهم للوفاة. وقد أثبتت بعض التجارب الشخصية أن هناك شخص شعر بعد تناول الحبة أنه التقى بأحد ملوك الجن وتحاور معه لمدة ساعة فضلًا عن شخص أخر شاهد في هلاوسه بعض الكائنات الفضائية.

نستخلص من ذلك أن فيلم الفيل الأزرق يتنقل بك بين 3 عوالم مختلفة: عالم الجن والخرافة، وعالم الأمراض النفسية، وأيضًا الإدمان والمخدرات، ويترك كل مشاهد لتفسير الأمر كما يريد وهى نوعية من السينما أصبحت مطلوبة في الوقت الحالي. ولكن بدون حرق للأحداث، هناك تعقيب على النهاية على الرغم من محاولة فك ألغازها وشفراتها وطلاسمها، فهى انتصرت لفكرة الخرافة والخيال على حساب العقل والمنطق، ربما لأن المشهد الأخير يمهد لبداية أحداث جديدة لجزء ثالث من العمل.

ولو تحدثنا عن الفيلم من الناحية الفنية، فمايسترو العمل جاء في الإخراج، والذي لا يقل على المستوي العالمي، وربما أفضل، فمروان حامد بذل جهدًا وأثبت جدارة غير مسبوقة سواء في سرعة الإيقاع والحركة وعنصر المفاجأة في كل مشهد، مما يجعل المشاهد في حالة تيقظ مستمر ويتشبث بمقعده أكثر، أو في إبهار الصورة والملابس والديكور ساعد على ذلك الموسيقي الصاخبة لـهشام نزيه والتي تحمل نبرة مرتفعة تساهم في بث جو الرعب للمشاهد، وبالنسبة لأداء النجوم فهند صبري قامت بتغيير جلدها إلى أقصى درجة وأظهرت إمكانيات كامنة بداخلها، خاصة في مشاهد الفانتازيا، وظهورها كجنية وغجرية، وأيضًا كريم عبدالعزيز والذي استطاع التعبير بوجهه عن مشاعر الرعب والدهشة والتشتت بكل إمكانياته وبالنسبة لنيللي كريم، فهي أفضل من يقوم بتأدية مثل هذه النوعية من الأدوار، وأما إياد نصار فاستطاع ترك بصمة في الفيلم رغم صغر حجم دوره.




تعليقات