لان النوستالجيا أصبحت جزء لا يتجزأ من حياتنا، والحنين إلى الماضي والعودة إلى الزمن الجميل أصبح يُداعب شريحة كبيرة من المجتمع، من حيث العودة إلى الرقي والجمال، والشياكة والهدوء والبعد عن الضوضاء والصخب ومواقع التواصل الاجتماعي، بدأ المنتجين والمخرجين يتجهوا هذا التوجه خاصة بعد اكتساح هذه الاعمال، بداية من جراند اوتيل مرورا بليالي أوجيني و أهو ده اللي صار.
ولأن الدراما والسينما دائما يحاولان استثمار هذا النجاح؛ فقرروا إعادة التجربة مرة أخري من خلال مسلسل حواديت الشانزليزيه وهي التجربة الإخراجية الأولي للمخرج مرقس عادل وهذا ليس عيبا إذا كان كل عمل يضيف شيء جديد، ولكن هل حقق المسلسل هذه المعادلة الصعبة؟، وهل كان هناك ضرورة أن يكون مطولا ويصل إلى 45 حلقة؟
ومع مشاهدة الحلقات الأولي تعطيك الانطباع أنك بصدد عمل من العيار الثقيل، فالمسلسل مليء بالخطوط الدرامية المغلفة ببعض الأحداث السياسية، خاصا بعد الحلقة الأولي نجد موسيقي تصويرية مميزة ربما تكون أفضل ما في العمل علي الرغم من كثرتها في السياق الدرامي، والتي أحيانا تكون أكثر من الأحداث نفسها، ثانية فكرة مختلفة والتي تبدأ بجريمة قتل إياد نصار واعتراف 5 سيدات بالقتل، والتي تحدث لأول مرة في الدراما، ولكن بعد مرور الأسبوع الأول نبدأ اكتشاف بعض الأخطاء، والتي تصاعدت بشكل كبيرا وتحولت إلى كوارث..
- أولها الديكور المصطنع، والألوان الصارخة المسيطرة على كل ركن من أركان العمل، لتشعر أنك أمام لوحة مرسومة بألوان الزيت، وكذلك الماكياج الزائد، وتسريحات الشعر التي تجعل كل الممثلات متشابهات، وعلي نفس اللون خاصا مع كثرة الشخصيات، حتي مكساج الصوت في مشاهد الأغاني جاءت مصطنعة وغير متقنة، ومن الواضح أن الصوت كان مركبا، ولا يتماشي مع الأغاني فكان من الممكن أن يستعين المخرج بمطربة محترفة، حتي تبدو الألحان طبيعية، بالإضافة إلى كثرة مشاهد الأغاني والاستعراضات التي لم تخلو منها كل حلقة، حتي بلغ الأمر أن تستغرق الأغنية الواحدة أكثر من نصف حلقة مما يجيب علي سؤال أن مضمون العمل لا يستحق هذا الكم من الحلقات.وننتقل إلى السيناريو والحوار الذي شهد الكثير من نقاط الضعف، فمشاهد تضمنت حوارات هامة، تليها مشاهد تافهة ودخيلة علي البناء الدرامي مع وجود شخصيات كثيرة مفروضة علي العمل دون أي مبرر درامي تظهر فجأة، وتختفي فجأة، وعلي سبيل المثال راقصة الشمعدان التي تتأمر علي زوجها للاستيلاء علي شقته، وبعض نزلاء البنسيون الذي استنزفوا الكثير من الأحداث، ناهيك علي المط والتطويل والبطء الشديد في سير الأحداث فمع مرور أكثر من نصف الحلقات إلا إن الأحداث لا تزال رتيبة، وأحيانا غير منطقية فعلي سبيل المثال مرض الفنانة داليا مصطفى، وإصابتها بحالات نفسية غير مفهومة دون أي مقدمات أو سند درامي أكثر من عدم قدرتها علي الانجاب، وشكها في سلوك زوجها، فلا يستدعي ذلك أن تُصاب بحالات هيسترية تصل إلى محاولة خطفها لطفل من أمه في أحد المحلات، بالإضافة إلى أنه لم يتم توضيح أسباب كافية عن مدي الضرر الذي لحق بالنساء الخمس، والذي يدفعهم إلى الاعتراف بالقتل العمد، فضلا عن الكثير من المشاهد الفرعية التي استغرقت الكثير من الوقت، مثل وفاة أحد الشخصيات الفرعية، أو تكرار مشاهد الأحلام التي تطارد داليا مصطفى، وأيضا طول مدة الاستماع إلى الأغاني القديمة والتي لم تخلو منها أي حلقة.
وبالنسبة لمقارنة المسلسل بالأعمال السابقة التي تسير علي نفس النهج، مثل مسلسل ليإلى أوجيني فكان من المفروض ألا تتم المقارنة، ولكن مع مرور الأحداث لا نستطيع تجاهل تلك المقارنة مع تشابه الكثير من الأحداث، بداية من التياترو والذي كان المحور الأساسي في ليإلى أوجيني الذي دارت فيه معظم الأحداث، فكان هو الآخر الركيزة الأساسية في حواديت الشانزليزيه، مع اختلاف بعض التفاصيل حتي في الشخصيات سواء كانت المطربة الطموحة، التي تسعي للشهرة دون تقديم أي تنازلات أو المنافسة بين مطربات الجيل.