فترة المراهقة عند البنات تعتبر من أخطر، وأحد أهم القضايا التي تمت معالجتها في السينما المصرية، منذ زمن، وتختلف معالجتها باختلاف كل زمن وكل عصر، واختلاف عاداته وتقاليده ربما كان أهمهم هو فيلم المراهقات للفنانة ماجدة عام 1960، والذي حققا نجاحا كبيرا لأنه مس قلوب المشاهدين، وضغط علي وتر شديد الحساسية
توالت بعد ذلك أعمال أخري في فترة الثمانينات مثل اغتيال مدرسة، وسنوات الخطر، وفي الألفينيات فيلم مذكرات مراهقة للمخرجة إيناس الدغيدي عام 2001، والذي ناقش مشاكل أربع فتيات من شريحة اجتماعية مختلفة، والذي أثار جدلا كبيرا وأيضا فيلم أوقات فراغ عام 2006، الذي راهن عليه صناعه لأن جميع أبطاله كانوا وجوه جديدة في ذلك الوقت.
أما بالنسبة لفيلم بنات ثانوي المعروض حاليا في دور العرض، والمفروض أن فكرته مبنية علي معالجة مشاكل المراهقات، في مرحلة عمرية ما قبل الجامعة علي ضوء المتغييرات الجديدة، واقتحام عالم الإنترنت، والسوشيال ميديا ولكن السؤال هل حقق الفيلم الهدف منه؟ والإجابة لا.
الفيلم مليء بالأخطاء أولها، وأهمها أن البنات الخمس جميعهم في مدرسة حكومية واحدة وتقريبا من طبقة واحدة دون ذكر فتاة واحدة علي الاقل في مدرسة دولية، والتي أصبحت ملحقا لمعظم البنات حتي مع ارتفاع مصروفاتها، ولكنها أصبحت متاحة حتي للطبقات المتوسطة، وحينما نذكر المدارس الدولية مع اقتحام غول اسمه الإنترنت والسوشيال ميديا، فإنما نشير إلى عالما واسعا مفتوحا علي مصرعيه، مباح به كل شيء الصالح منها والكارثي، فمعظم فتيات هذا الجيل أصبحوا أكثر تأثرا بالمجتمع الخارجي عن الأسرة والبيت ووقعوا أسرى لأفكار، ومعتقدات تعتبر دخيلة علي مجتمعنا الشرقية، وهذا لم نراه في العمل بل اكتقى المخرج محمود كامل ببعض مشاهد للبنات أثناء الدراسة، وانشغالهن عن الاستماع للدروس باستخدام الموبايل، بالإضافة إلى مشهد أخر لجميلة عوض تستعرض فيها تفاصيل حياتها للجميع غبر هاتفها.
ثانيا أسلوب الحديث لجميع البنات جاء خاطئا، ومختلف عن أسلوب حديث بنات هذا الجيل، فمعظم فتيات هذا الجيل يتحدثون تارة باللغة الإنجليزية وأخرى بالعربية مع استخدام السرعة، والرد العنيف بعض الشيء، وفي فيلم بنات ثانوي كانوا يستخدمون الصوت العالي، والمصحوب بالنبرة الشعبية، والردح وردود الأفعال المبالغ فيها مع كل من حولهم طوال الوقت حتي في مواقف بسيطة لا تستدعي ذلك، حتي بالنسبة لجميلة عوض والمفروض أنها تنتمي لأسرة أرقى اجتماعيا، والذي اضطر والدها لإلحاقها بمدرسة حكومية بعدما تعرض لأزمة مالية، وقت ثورة يناير بل سارت هي الأخري تتحدث بنفس اللهجة كما لو أنت تنتمي لنفس الطبقة، بالإضافة إلى أن بوادر انحراف كل بنت جاءت تقليدية مثل الأفلام القديمة مثل هدي المفتي التي تقع في حب مدرسها وتحاول الانفراد به في درس خصوصي، وكذلك تدخين مايان السيد للسجائر دون علم الأهل، ومن هنا يظهر تجاهل واضح للكاتب أيمن سلامة بالخوض في أعماق بنات هذا الجيل، والتي تجاوزت هذه الأمور بشكل كبيرا، وعلي سبيل المثال لم نري واحدة منهن متأثرة بفكرة أو سلوك معين اتبعته عن طريق إحدى المواقع العالمية، أو مواقع التواصل الاجتماعي، مما أدى بها الأمر إلى حدوث كارثة بل نرى مشهد لمحاولة انتحار أحدهم علي طريقة فيلم المراهقات.ثالثا السيناريو كان به الكثير من نقاط الضعف، فالظروف الأسرية للبنات جاءت تقليدية، وبعضها غير محبوك فكلهم من أسر فقيرة، والفقر يلعب جزءا كبيرا في حياتهم، وهذه الظروف من الممكن أن يعاني منها جميع الأعمار وليست مرتبطة ببنات في المرحلة الثانوية، ومن ثم انصرف صناع العمل عن قضية الفيلم الأصلية وهي نفسيات البنت في هذه المرحلة العمرية.
وربما كانت القصة الأفضل، والمشكلة الأقرب إلى يومنا هذا هي حكاية هنادي مهنى مع محمد مهران شيخ الجامع المتشدد، والذي ينصاع وراء الدعاة المتشددين، والذي أخذ من فتواهم مبررا لإرضاء نزواته واستطاع اقناع حبيبته بالزواج بدون أي وثائق أو مستندات، معتبرا ذلك اتباعا للشريعة حتي تنتهي حياته بجرعة زائدة من حبوب المنشطات الجنسية في منزل هنادي مهنى، والتي دخله خلسا دون علم شقيقها.
وأما بالنسبة لأداء النجوم فجميع الأبطال جاء أداءهم مبالغ فيه وخاصا هدي المفتي، ومايان السيد علما بأن جميع أبطال الفيلم، مع أنهم من نجوم الصف الثاني إلا أنهم اثبتوا جدارتهم في أعمال أخرى، ولكنهم لم يتم توظيفهم بالشكل المناسب، ربما كان أفضلهم هو الفنان محمد مهران، والذي يستطيع التعبير بعينيه، ووجهه بشكل كبير مما بتناسب مع طبيعة دور السلفي المتشدد، وأيضا هنادي مهنى بملامح وجهها البريئة.