اعتاد أغلبنا على الاستمتاع بأفلام تايلور شرايديان، سواء كان مؤلفا أو مخرجا، حيث تتميز أفلامه بشكل كبير بتصوير الصراع القائم بين جميع الأطراف بطريقة الدراما وليس الصور، زاجا دائما بالعديد من القضايا العالمية وسط مشاكل محلية مثل أفلام Sicario، وWind River، وتضمين الجانب الإنساني، مع عدم نسيان إثارة التوتر، والتهديدات طوال الأحداث، مع اللعب بالمناظر الطبيعية لحد أدنى ضمن التأثير الكبير لتلك الأحداث.
وفي هذا الفيلم استطاع تايلور شرايديان، أن يحول كل شيء يلمسه إلى متعة حقيقية، وذلك حيث وضع اتجاها جديدا كعادته للأنواع الإجرامية التي تحدث خارج المدينة، موضحا أن بعض الأفكار الأساسية من الشرعية والقانون والخلاص قد تتلوث مع بعض الجرائم البسيطة العادية، ومستخدما نفس النهج المتعمد الذي تم استخدامه سابقًا بنجاح في Wind River.
مستندًا إلى رواية مايكل كوريتا التي تحمل العنوان نفسه لعام 2014 Those Who Wish Me Dead، يدمج فيلم شرايديان مع قصة كوريتا بالتشويق المطلوب مع روح أمريكية فريدة، وفي غابات لا نهاية لها، حيث تقضي امرأة الإطفاء سابقا هانا (أنجلينا جولي)، حياتها اليومية في ثبات تام، بعد صدمتها الشديدة في مشاهدة بعض الأشخاص الأبرياء تلتهمهم ألسنة اللهب، دون قدرة على إنقاذهم، لتحصل الآن على فرصة غير متوقعة من القدر لتظل قادرة على إثبات قيمتها، حيث تقابل الطفل الخائف كونور (فين ليتل)، الذي شاهد والده يُقتل على يد رجلين من منظمة سرية. لأنه يعرف الكثير عن فسادهم، فتقرر هانا فعل كل ما في وسعها للحصول على المعلومات التي يحتفظ بها كونور للوصول إلى الصحافة، وإنقاذ كونور من موت محقق.مبدئيا نجح تايلور شرايديان في تحويل Those Who Wish Me Dead، من فيلم درامي مشوق، إلى إثارة بوليسية، ثم إلى فيلم عصابات ومطاردات، كل هذا وأكثر مجتمعين في عمل واحد، مع إضافة نكهته المميزة، وتقلباته وانعطافاته على الحوارات، ورسم الشخصيات المؤلم دائما وبشكل خاص، والتي كانت دائما مدفوعة بقوة بقصص تنمو بشكل الأقدار الفردية، المثيرة للاهتمام والتي توضع في مواقف فريدية، ويكشف عن جدور مشاكلهم لحظة بلحظة، مع بعض المفاجآت التي من الصعب توقعها، وحبكة القط والفأر، التي تخصص بها تايلور شرايديان في أغلب أفلامه.
وهنا، ومن خلال الدراما التي وضعها شريدان لنهجين يحتفظان بنفس القيمة؛ وهما الأفعال وتأثيرها على الآخرين، نرى أن الفيلم يدور حول نقطتين أساستين: الأولى رعب الطفل كونور الذي قُتل والده أمام عينه، ولا يثق بأي شخص يقابله، والنهج الثاني أشباح هانا التي تطاردها طوال الوقت وتأنيب الضمير الذي سيطر على حياتها، ومعاناتها من اضطراب ما بعد الصدمة، ولذلك لا يتوقف فيلم Those Who Wish Me Dead، أبدا عند شد انتباهك لما يحدث، ولكن يمتد ليشمل قدرة تايلور شرايديان، على تنفيذ المؤثرات المرئية، والخاصة، بمشاهده الملونة من البرتقال والأصفر والأحمر، مع انغماس جيد في الطبيعة، بين المساحات الكبيرة والاستعراضات الحالمة في الخلفية المزينة بالمناظر الطبيعية الرائعة التي عززتها تصوير بين ريتشاردسون، مع تميز بمشهد الحركة الأخير في الغابة المحترقة، وبعض تسلسلات القتال المكثفة. يؤخذ على الفيلم بطئ الإيقاع الدرامي للفيلم بعد سيره بشكل جيد، وارتفاع نغمته، وتوليد كم كبير من التوتر من المطارات التي تحدث، مع تخفيف حدة الوضع فجأة، بالإضافة إلى التركيز القليل للسرد على عمل رجال الإطفاء الآخرين، ومهمتهم الشاقة، وفشله في إظهار الحياة اليومية لأولئك الذين يخاطرون بحياتهم لحماية الغابات.أما بالنسبة للأداء التمثيلي فقد مر وقت طويل منذ أن تصدرت النجمة (أنجلينا جولي) دورا أكشن مميز، وكان أخر دور لها هو Salt في عام 2010، وهو من الأشياء الجيدة التي اعتقد أنها حققت توازن كبير ضمن أحداث الفيلم، فمع قصة جيدة، وانتقالات كافية لتغيير الشخصية، ظهرت إنجلينا بشكل مثير للإعجاب، وتأكيد على قدرتها الهائلة في تقديم الصورة الصعبة للشخصية، أيضا قدم الوافد الجديد فين ليتل دعما لائقا في شخصية الطفل كونور، واستطاع من خلال مشاهده مع إنجلينا جولي تقديم تناغم مميز، وكان لأيدان جيلن، ونيكوﻻس هولت، أفضل مظهر في شخصية قاتلين بدم بارد.
Those Who Wish Me Dead، هو دراما مفيدة تحتوي على جميع المكونات، ليكون فيلما رائعا وممتعا رغم بساطته، بألوان كلاسيكية، وسحر الطبيعة الرائعة، التي تعرف كيف تكون قاسية في نفس الوقت، مع قصة مثيرة للاهتمام.