بعد سيطرة المنصات الإلكترونية على الدراما التليفزيونية والتي أصبحت مُفضلة للجمهور نظرًا لاقتصار الأعمال على حلقات قصيرة والتي تعتبر سلاح ذو حدين فهي تخلو من الرتابة والتطويل ولا تشعر المُشاهد بالملل وغالبًا ما تكون احداثها مباشرة و في صميم الموضوع وعلى الجانب الأخر أحيانًا يكون العمل بحاجة إلى المزيد من التفاصيل سواء بالنسبة للشخصيات أو السياق الدرامي وهذا ما انطبق على بعض الأعمال الجديدة التي بدأ عرضها مع نهاية الموسم الصيفي والتي اجمعت على اظهار مخاطر الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي وإلى أي مدى تضر بالمجتمع وبالعلاقات الأسرية ومنها مسلسل (زي القمر) و(ورا كل باب) و (إلا أنا).
وبالنسبة لمسلسل (زي القمر) والذي يتكون من عدة حكايات ومنها حكاية (غالية) والتي قامت ببطولتها الفنانة درة والتي ناقشت مشكلة زواج الانترنت واهمال المشاعر والعواطف خاصة أذا كانت الفتاة تُعاني من عقدة نقص بسبب أنها عاقر ولا تستطيع الإنجاب وتتعرض باستمرار لضغط من أهلها للزواج حتى تخضع لرغبتهم وتقدم على الزواج من رجل مقيم في الخارج لا تعرف عنه شيء ومع مرور الأيام تكتشف أنه إنسان مادي معدوم المشاعر والعواطف وأنها تعرضت للخداع بأنها ليست الزوجة الأولى في نفس الوقت التي تنجرف مشاعرها إلى صديقه والذي وجدت فيه كل ما تحتاجه مما يثبت أن مواقع التواصل الاجتماعي لا تغني عن المشاعر الإنسانية وأنه لا بد من التقرب إلى الشخص وجهًا لوجه واختباره في المواقف الصعبة والسهلة ومعرفة إنفعالاته وتقلباته وطباعه كل هذا مع أداء متميز للفنانين درة ومراد مكرم.
ويليها حكاية (وأنا قبلت) والتي قامت ببطولتها الفنانة أيتن عامر والتي عالجت عدة قضايا هامة ومنها مشكلة زواج الفتاة لشخص يصغرها بعدة أعوام ومدى تقبل المجتمع والأهل لهذه الفكرة والتي قُبلت برفض شديد أدى إلى انقطاع صلة الرحم والجريمة ليطرح العمل سؤالًا هامًا فهل فارق السن هو المقياس للعلاقة أو بارتياح الأشخاص لبعضهم وهل العمر يقاس بعدد السنوات كما يناقش العمل جرائم خطف الأطفال حديث الولادة من المستشفيات وهو أمر يتكرر باستمرار وتمت معالجته في عدة أعمال وكان أشهرها مسلسل أوان الورد للفنانة يسرا، والهدف الأساسي من الحكاية هو طرح موضوع ربما ليس جديدًا على الدراما ولكنها قضية مستمرة مهما مر من وقت مع اختلاف بعض التفاصيل وهي سيطرة الأباء على أبنائهم والذين أحيانًا يعتبروهم ملكية خاصة لهم وكان ذلك بالنسبة للطرفين وبالنسبة للرجل والذي قام باداءه الفنان تيام قمر والذي يعاني من تسلط والده الشديد ورغبته في أن يكون نجله نسخة مُكررة منه وأزداد تشدد الأب مع سفره للخليج واعتناقه للأفكار المتشددة وتحريمه للفن والموسيقى والجانب الأخر هو الفنانة أيتن عامر والذي اعتبرها شقيقها سلعة تباع وللاسف أنه لا يزال هناك عقليات بهذا المنطق لا تراعي أي صلة رحم أو ضمير فيقوم بتزويجها لرجل مسن مقابل حصوله على مبالغ ومشاركته في أعماله ولم يكتفي بهذا بل تجرد من جميع مشاعر الأخوة عندما قام بخطف طفلها كوسيلة ضغط لتعود لزوجها وارتبطت الحلقات بشكل أو بأخر بمواقع التواصل الاجتماعي ولكن من الجانبين فمع مشاركة أيتن عامر لمتابعيها بجميع تفاصيل حياتها لاقت هجومًا وتعليقات سلبية من الكثير ومن ناحية أخرى نتيجة استغاثتها بالمجتمع لمساعدتها في البحث عن طفلها عبر مواقع التواصل الاجتماعي الأمر الذي ساعد على استعادته ومن ثم عبر العمل عن إحدى الجوانب الإيجابية للتكنولوجيا. وبالنسبة لمسلسل (عائلة جيجي) وهو إحدى حكايات مسلسل (ورا كل باب) فأعاد إلينا بهجة الكوميديا الهادفة والتي تجمع بين الرسالة والفكاهة فكان الهدف الأساسي منه هو إلقاء الضوء بشكل مباشر ومختصر على مخاطر مواقع الاجتماعي والعالم الإفتراضي المزيف بكل جوانبه وتفاصيله بالاضافة إلى هوس التريند وطغيانه على حياتنا ومن ناحية أخرى كيف يساهم إدمان الانترنت في زرع الفجوة بين جميع أفراد الأسرة بالرغم من تواجدهم في نفس المنزل وكما لو كان كل منهم في عالم أخر أو تحت تاثير النداهة كما قالت جدتهم الكبيرة ليلى عز العرب والتي تمثل الجيل القديم المتمسك بأي شيء له قيمة حتى سيارتها القديمة والتي لم ترغب في تغييرها والتي تتحدث بهدوء شديد لتتفاجئ عندما تنتقل للأقامة مع ابنتها وأحفادها أنهم أصبحوا أثرياء لكونهم من مشاهير البلوجرز وأن حياتهم كلها مزيفة ومفتعلة بداية من حفيدتها الكبرى هند عبدالحليم والتي تقضي معظم يومها تحكي تفاصيل حياتها أمام شاشة هاتفها والتي تنادي بشعارات كاذبة لا تعمل بها وتقوم بابداء نصائح لا تعمل بها حتى ترفض الوقوف بجانب زوجها والسفر معه لاكمال دراسته من أجل الاستمرار في حياتها كبلوجر بينما تنصح الفتيات بأن يقفوا بجانب أزواجهم في كل شيء بينما يقوم شقيقها إسلام جمال بترويج منتجات مزيفة عبر الانترنت ولا يمانع من فعل أي شيء ليصبح ترند على مواقع التواصل سواء مقالب مزيفة حتى يصل به الأمر أن يفتعل خطوبة وهمية من إحدى مشاهير البلوجرز والذي لا يربطه بها أي مشاعر أو عواطف حتى شقيقتهم الصغرى والتي لم تكمل 14 عامًا والتي أصبح لها 28 ألف متابع في فترة قصيرة حتي تواجههم صدمة القبض على شقيقهم الأكبر ليبدأ الكل في إعادة ترتيب حساباته وعلى الرغم من جودة النهاية إلا انها كانت في حاجة إلى المزيد من الحلقات من أجل شرح المزيد من التفاصيل عن حياتهم بعد إقلاعهم عن تلك التصرفات. كما يناقش حكاية (بالورقة والقلم) ضمن سلسسلة حكايات (إلا أنا) واحدة من أهم القضايا التي نعاني منها وهي الأنتقام عبر عن طريق الفضائح عبر مواقع التواصل الاجتماعي وأيضًا افتعال حسابات وصفحات وهمية الأمر الذي تكرر مع كثير من الناس وخاصة المشاهير أو أي شخص يُعاني من أحقاد أو ضغائن في عمله وهذا ما حدث مع بطلة العمل الفنانة يسرا اللوزي والتي تعمل في شركة تسويق وتعاني من الكثير من الخلافات بسبب المنافسة في العمل والتي تتفاجئ بوجود حساب وهمي لها. كما تتفاجئ أن خطيبها علي الطيب هو من قام باختراق هاتفها ويقوم بنشر تفاصيل حياتهم على مواقع التواصل ويقوم بالسؤال باستمرار عن تفاصيل حياتها مع أصدقائها ويتنصت علي على مكالمتها، ومن ثم يناقش العمل قضية أخرى وهي إنفصال الوالدين وهم عائلة علي الطيب والذي أصبح شخصًا غير سويًا نتيجة أعمال الأب وسيطرة الأم عليه وأخذ يتنصت على أصحابه ويخترق هواتفهم.