"دوبامين" ... الاختيار هو الشيء الوحيد الذي يفصل بين الإنسان والآلة

  • نقد
  • 07:36 مساءً - 1 نوفمبر 2022
  • 1 صورة



يعد الدوبامين إحدى الناقلات العصبية في الدماغ حيث أنه المسؤول عن العديد من الوظائف والأنشطة الرئيسية في الجسم، بالإضافة إلى إنه يؤثر على المشاعر والحركة والإحساس بالسعادة والآلم، أيضا فهو يساعد على تنظيم المزاج والسلوك ويساعد على اتخاذ القرارات. يعتبر الدوبامين مسؤولا عن مركز السعادة في الجسم ويتم إفرازه عندما يمر الإنسان بمواقف ممتعة مثل الشعور بالحب ومن ثم فالدوبامين يتحكم في تقلبات المزاج، ومن هنا جاءت فكرة مسلسل "دوبامين" والذي تعد فكرته وليدة على الدراما المصرية فمن ناحية تُرضي تعطش الجمهور لبعض الرومانسية، وعلى الجانب الآخر تخرجنا من شرنقة التيمة المتكررة والبعد عن العنف السائد في الكثير من الأعمال الدرامية، بالإضافة إلى أنها جرس إنذار جديد يضاف إلى سلسلة الأعمال التي تحذرنا من مخاطر مواقع التواصل الاجتماعي والدخول إلى عالم مجهول لا نعرف أبعاده وأهدافه.

فكرة دوبامين في العمل هو تطبيق إلكتروني يجمع كل حبيب وحبيبة مع الطرف الآخر والذي ابتكره مروان يونس بعد أن فقد حبيبته في الحلقة الأولى وذلك من أجل هدف لم يتم تحديده ما إذا كان تجاريًا أم إنسانيًا وهل يسعي إلى الوصول بالناس للسعادة أم هي محاولة خبيثة للسيطرة على المشاعر. يهدف المسلسل منذ الوهلة الأولى إلى توصيل رسالة بأن التكنولوجيا والإلكترونيات لم تعد فقط تتحكم في جميع تفاصيل يومنا وتتسبب في جفاف العلاقات الإنسانية، وأن حياتنا أصبحت عالما مفتوحا ومستباحًا من كل الأطراف بل أيضا أصبحت تتحكم في مشاعرنا وعواطفنا، وتوجهنا كما تريد وأي تطبيق جديد يصبح جزء من الشخص نفسه تتضمن كل حلقة أسئلة واختبارات جديدة تدور كلها حول مراحل الحب بكل جوانبه مثل مشاعر الغيرة ومتى يشعر بها أحد الأطراف، وهل هي دليل على عدم الثقة أم شعور بالنقص، وكذلك احتياجات كل طرف من الآخر ومتى يشعر بالأمان ومدى التوافق بين شخصيات كل منهما مثلما طرحها المخرج هادي الباجوري في فيلم "هيبتا " المحاضرة التي ألقاها ماجد الكدواني عن خطوات ومراحل الحب المختلفة مثل الملل والانبهار والتطبيع التي نمر بها حتى يكتمل الحب.

تصاعدت أحداث العمل بشكل كبير في الحلقات الأخيرة من العمل حيث بدأت جرعة التشويق تزداد، وظهر الوجه الآخر لصاحب التطبيق والذي أثبتت أن دوافعه ليست بريئة وأننا تحولنا لمجرد أرقام كما أشار العمل عدة مرات إلى هذه المقولة، فيما حذر المسلسل من خطورة الانصياع وراء أشياء لا تعرف مصدرها وفي نهاية الأحداث كان من المتوقع الفشل لهذا التطبيق وتدميره لكل من حوله حتي صاحب الفكرة نفسه والذي تمرد عليها بعد أن خرج التطبيق عن سيطرته وتسبب في جرائم، ولكن ملخص النهاية هو الحوار الذي دار بين ريم مصطفى وداوود صاحب تطبيق دوبامين والذي خرج من سيطرته في النهاية بأن الإنسان هو الوحيد الذي يجب أن يتحكم في عواطفه ومشاعره، وأن الاختيار هو الشيء الوحيد الذي يفصل بين الإنسان والآلة وأن الحب هو اللغز الذي يعجز الإنسان عن حله فلا نعرف من أين يأتي وأين يذهب.

أهم ما تميز به المسلسل هو جودة السيناريو والحوار والذي تم كتابته بحرفية شديدة من قبل الكاتب محمد جلال حيث شهدت كل حلقة سلسلة من الحوارات الرومانسية والتي تقترب بشكل كبير من حياتنا اليومية بالإضافة إلى بصمات المخرج رؤوف عبدالعزيز والذي قام بتغيير جلده تماما من خلال هذا العمل لأن المسلسل يعتمد على البطولة الشبابية ومجموعة من الوجوه الجديدة والتي قام بتوظيفهم بشكل جيد كما تميز العمل بسرعة الإيقاع والانتقال من مشهد لآخر فضلا عن المتعة البصرية والجرافيكس والموسيقى التصويرية التي تلاءمت مع أحداث العمل.

وصلات



تعليقات