عندما يقوم أي كاتب أو سيناريست بإعادة كتابة رواية شهيرة وقديمة، يضع نفسه دائما في مأزق، وتزداد معه حدة الترقب واصطياد الأخطاء من الجمهور خاصة إذا كانت الرواية هي (أهل الكهف) المستوحاة من أشهر مسرحيات توفيق الحكيم، والذي تناولها برؤية فلسفية عميقة، حيث اشتهر الحكيم بأن جميع رواياته تتضمن ما وراء المعنى أو ما وراء الحدث، والتي أخرجها زكي طليمات، ونشرت أول مرة في عام 1933، وتدور أحداثها في العصر الروماني وتمت ترجمتها إلى عدة لغات، ومنها الإيطالية والفرنسية، والتي يدور محورها حول صراع الإنسان مع الزمن، والمتمثل في ثلاثة من البشر يُبعثون إلى الحياة مرة أخرى بعد ثلاثة قرون، ليجدوا أنفسهم في زمن غير الزمن الذي عاشوا فيه من قبل، ولكل منهم حياة وعلاقات وحياة اجتماعية، ولكن السؤال الذي يفرض نفسه هنا: كيف تناول الكاتب والمخرج الرواية؟ ومن أي زاوية نتلقاها؟ وهل نجح في تحقيق المعادلة الصعبة ليكون الفيلم على مستوى الرواية؟ لنجد الإجابة نعم ولا في نفس الوقت، فقد تناول الكاتب أيمن بهجت قمر العمل من زاوية تاريخية، حيث بدأ الجزء الأول بمعركة بين الجيش الروماني وأحد الجيوش المنافسة، والتي تم تنفيذها باحترافية، بينما شهد الجزء الأول بعض نقاط الضعف في السيناريو، والأداء التمثيلي، واختلف الأمر تماما مع الدخول في عمق القصة، والتي بدأت من خلال قصر يحكمه إمبراطور روماني مستبد، وهو ديكتوس، والذي يلعب دوره الفنان مصطفى فهمي ونلاحظ أن القصر يشهد عدة مؤامرات داخلية، سواء من وصيفة الملكة أو الوزير، ومن ناحية أخرى نرى مجموعة أشخاص في الخارج من الذين آمنوا بالميسحية، منهم حارس الإمبراطور خالد النبوي ومحمد ممدوح وكذلك محمد فراج وشقيقه التؤام، واللذان يمارسان لعبة الحاوي مستغلين التشابه بينهما، ومع علم الإمبراطور بإيمانهما، يقرر التخلص منهما عن طريق مبارزة الموت، والتي كانت من أقوى مشاهد الفيلم، والتي تذكرك بعض مشاهدها بالفيلم الشهير سبارتاكوس محرر العبيد، وبعد انتصارهما غير المتوقع في المعركة يقرران الهرب ليلتقيا بـأحمد عيد، والذي يفر بهما إلى الكهف للاختباء به ليناموا فيه على مدار 3 أزمنة، وبعد استيقاظهم عام 600 ميلاديا، يجدون أنفسهم في زمن آخر، ومن هنا يبدأ المعزى الحقيقي للرواية، والتي قدمها المخرج عمرو عرفة بشكل مباشر وواضح، الأمر الذي ساهم في توصيل الرسالة ببساطة للجمهور، فمع انتقالهم للقصر الجديد والإمبراطور الجديد بيومي فؤاد وابنته غادة عادل شبيهة الملكة في العصر القديم، يجدون أن جميع العصور كما هي ولم يتغير شيء سواء الدسائس والمؤمرات والصراع على السلطة واستغلال الدين مع ظهور الميسيحية، بالإضافة إلى إهدار دم الأبرياء ومعاناة الفقراء، الأمر الوحيد الذي لم يتغير هو الحب، و ربما يكون هو الأمل الوحيد للنفس البشرية، لنجد علاقة الحب بين خالد النبوي وغادة عادل مكررة في الزمنين، فقد هرعت إليه بعد قراره ومن معه بالعودة إلى الكهف، ويكون الأمل الوحيد في الطفل الرضيع الذي قررت غادة عادل رعايته ليكون هو الأمل في تغيير النفس البشرية في زمن آخر، ولكن هذا لم يحدث كما جاء في النهاية. وعلى الرغم من أن الفيلم يعتبر جيدا من الناحية الفنية سواء من ناحية الإخراج واختيار أماكن التصوير إلا أنه لا يعتبر عملا دسما ذا ثقل يوازي قوة العمل الأصلي، وعلى سبيل المثال عناصر الإبهار جاءت ضعيفة بعض الشيء خاصة في مراحل الانتقال عبر الأزمنة، بالإضافة إلى بعض نقاط الضعف في الأداء التمثيلي خاصة بين خالد النبوي وغادة عادل اللذين كانا المحور الرئيسي للرواية، وربما كان الأمر يحتاج إلى اثنين في مرحلة عمرية أصغر.