نجح الممثل والمؤلف والمخرج خالد الحربي في عمله الدرامي “90 يوم” الذي يعالج فيه قضية اجتماعية تؤرق الحياة الأسرية السعودية الحديثة. تدور أحداث الفيلم حول شاب يُدعى فهد (فيصل الزهراني) يتزوج من فتاة تُدعى سارة (مروة محمد) التي كانت ترفض الزواج كليًا لكنها تتعلق في حب فهد زميلها في العمل وتتزوج منه متغلبة على كل الضغوطات العائلية، غير أنها تتفاجأ بأنه أخفى عنها عدم قدرته على الانجاب، فيحصل صراع بين الزوجين، وفي حالة غضب يطلق فهد زوجته سارة، فيتدخل خاله عبدالله (خالد الحربي) ويذكّرهما بأن يلتزما بالعدة ولا تخرج سارة من بيت زوجها (وإن طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم ولا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن..) حتى اكتمال العدة (فعدتهن ثلاثة أشهر) فينصح فهد وسارة على الالتزام بفترة العدة والتي مدتها 90 يومًا قبل أن يتخذا القرار النهائي بالانفصال، هذه الفترة تعتبر فرصة لكلا الطرفين لاكتشاف أخطائهما بموضوعية وتحديد مدى توافقهما. قدّم فيصل الزهراني أداءً متميزًا في دور فهد، واستطاع أن ينقل مشاعر القلق والتردد التي يمر بها شاب سعودي في موقف مشابه. أما مروة محمد، فقد قدمت أداءً فعالًا يعكس شخصية سارة القوية والمستقلة، والتي تسعى لتحقيق ذاتها ضمن إطار العلاقات الاجتماعية الحديثة. ودون مدوحة فقد أبدع خالد الحربي في إخراج الفيلم، حيث استخدم تقنيات تصوير متميزة ونقل المشاهد بشكل سلس بين الأحداث المختلفة، الإخراج كان متقنًا وجعل المشاهد يشعر بأنه جزء من القصة. وتميز الحربي في هذا السيناريو بالواقعية والبساطة، مما ساعد في تقديم قصة قريبة من قلب المشاهد السعودي، فالحوارات كانت ذكية وتعكس تفاعلات الحياة اليومية في المجتمع السعودي، مما جعل الشخصيات تبدو حقيقية وقريبة من الجمهور. وهناك أيضًا ميزة أخرى واكبة نجاح أحداث الفيلم، هي الموسيقى التصويرية، فقد كانت مناسبة ومدروسة بعناية وأضافت جوًا من التشويق والرومانسية، ساعدت كذلك في تعزيز الحالة العاطفية للمشاهدين وربطهم بشكل أعمق بالشخصيات والقصة. ويظهر لنا ونحن نشاهد الفيلم أنه يتناول مجموعة من المواضيع الأسرية الهامة؛ مثل التوافق الزوجي، وأهمية الاحترام المتبادل بين الشريكين، واستعراض أهمية كيف يمكن لفرصة فترة العدة أن تكون مساعدة في تحسين مسار العلاقة الزوجية، كما يُبرز الفيلم دور الفردية والاستقلالية في العلاقات الاجتماعية، وعدم الالتفات للتداخلات الخارجية في شئون الأسرة الداخلية. رغم أن الفيلم تلقى إشادة جيدة من الجمهور، إلا أنه لم يسلم من بعض الانتقادات، فقد اعتبروا أن فترة الـ90 يومًا قد تكون غير واقعية في بعض الأحيان ولا يلتزم بها الزوجان عند الطلاق، كما أشار آخرين إلى أن بعض الأحداث كانت متوقعة ولم تحمل عنصر المفاجأة الكافي. مع ذلك يمكن أن نقول؛ إن فيلم “90 يوم” يعكس بصدق واقع الحياة الأسرية في المملكة وكذلك العالم العربي، واستطاع الفنان خالد الحربي من خلاله أن يقدم قصة مؤثرة تلامس قلوب المشاهدين، وتعالج ظاهرة واقعية وتدعو إلى تماسك الأسرة، بفضل الأداء القوي من فيصل الزهراني ومروة محمد، والفنانة المبدعة سناء يونس، والفنان عبدالعزيز السكيرين وبقية الفنانين، والإخراج المتميز الذي نقل القصة بأسلوب سينمائي مبدع. لذلك يمكن أن نقول؛ إن الجهود المغروسة في هذا الفيلم آتت أكلها، وتفجر إضافة نوعية للسينما السعودية.