قبل عدة أسابيع، تم الإعلان عن الفيلم القصير "آخر المعجزات"، وكان من المقرر عرضه في مهرجان الجونة السينمائي في دورته السابعة بصفته فيلم الافتتاح، لكن قبل يومين من بدء المهرجان، صدر قرار رقابي بمنع عرض الفيلم دون إبداء أي أسباب واضحة بخصوص هذ القرار المفاجيء، مما جعل إدارة المهرجان في موقف حرج، ليتم استبداله بالفيلم الكرواتي القصير "الرجل الذي لم يستطع أن يبقى صامتا" ليكون هو فيلم الافتتاح، وهذا بالطبع أمر صادم ومحبط جدا لكل صناع الفيلم، الذين كانوا ينتظرون عرضه بفارغ الصبر وبكل حماس في محفل سينمائي مهم مثل مهرجان الجونة، خاصة وأنه يقام في بلد الفيلم وصناعه.
آخر المعجزات هو من إخراج المخرج الشاب عبدالوهاب شوقي، وشارك في كتابة السيناريو والحوار مع الكاتب والمنتج مارك لطفي، وهو مأخوذ عن قصة قصيرة بعنوان "معجزة" من المجموعة القصصية "خمارة القط الأسود" للأديب الكبير نجيب محفوظ. وتدور أحداثه حول صحفي أربعيني يدعى يحيى، يتلقى مكالمة هاتفية من أحد الشيوخ يخبره برغبته في مقابلته، ولكن تتطور الأحداث عندما يكتشف يحيى أن الشيخ متوفي. ويشارك في بطولته كل من: خالد كمال، أحمد صيام، عابد عناني، هاني الطمباري، علي الطيب، مع ظهور خاص للنجمة غادة عادل. قرار منع عرض الفيلم أحدث ضجة واسعة في الوسط الفني والثقافي المصري، وعبر الكثير من النقاد والصحفيين والفنانين عن سخطهم ورفضهم لهذا القرار المُجحف والغريب، لكن أغرب في ما في الأمر هو أن الفيلم قد حصل مسبقا على إجازة رقابية للسيناريو وموافقة لتصويره أيضا، ثم صدر القرار الأخير بمنعه، إذن لماذا تمت الموافقة على تصوير الفيلم من الأساس؟! ويظل أيضا السؤال الذي يحتاج لإجابة منطقية وشافية هو: ما هي الأسباب التي أدت لمنع عرض الفيلم قبل يومين فقط من موعد العرض الأول له؟، لكن يبدو أن الإجابة تكمن في بطن الرقيب؛ الذي لم يفصح حتى الآن عن أسباب المنع. وإذا عدنا بالزمن للوراء قليلا لبضعة أسابيع ماضية سوف نذكر أيضا فيلم "الملحد" الذي تم منع عرضه بعد تحديد موعد العرض الذي كان مقررا في منتصف أغسطس الماضي في جميع دور العرض المصرية والعربية، رغم أنه حصل أيضا على موافقة رقابية مسبقة لعرضه.
تلته أيضا أزمة فيلم "هاني" من بطولة أحمد مالك والممنوع من العرض في مهرجان الغردقة لسينما الشباب في دورته الثانية التي أقيمت في سبتمبر الماضي، بعد تأكيد مشاركته وعرضه في المسابقة الرسمية للأفلام الروائية الطويلة، وكانت أسباب المنع ما بين أنه لم يحصل على مواقفة رقابية لعرضه، وأنه يحتوي على مشاهد جنسية مثلية لم ترضى عنها الرقابة وطالبت بحذفها أو تعديلها، واستمرت الأزمة بين صناع الفيلم وجهاز الرقابة للتوصل لحلول تُرضي الطرفين مع محاولات من إدارة مهرجان الغردقة للتوسط بينهما.في النهاية، يمكننا القول أنه من المؤكد، وللأسف طبعا؛ لن يكون "آخر المعجزات" هو آخر فيلم يُمنع عرضه بقرار من جهاز الراقبة على المصنفات الفنية أو غيرها، إلا إذا حدثت معجزة قد تُوقِف أو تُقلل من صدور هذه القرارات التي تمنع عرض الأفلام، على الأقل لأسباب منطقية وواضحة. ولكن الشيء الإيجابي في الأمر، هو أن فيلم "آخر المعجزات" بالتأكيد قد حصل بعد هذه الأزمة على دعاية مجانية قد تكون سببًا في تسليط الضوء عليه، وحشد جمهور يترقب عرضه في أقرب فرصة أو موعد مؤكد.