الوقت هو الشيء الذي من الصعب أن تتحكم فيه، فمع مرور الساعات والدقائق، من الممكن أن تنتقل حياتك من حال إلى حال، ومن مكان إلى مكان، والصدفة والقدر يكونان العنصرين الأساسيين في تغيير مسار حياتك. من خلال هذه المعاني يطل علينا الكاتب الكبير محمد صادق بروايته الجديدة بضع ساعات في يوم ما، وهي ثاني أعماله التي تحولت إلى فيلم سينمائي، بعد روايته الشهيرة هيبتا، والتي لاقت نجاحا كبيرا، حيث تناولت مراحل الحب من بدايتها حتى مرحلة الزواج، من خلال محاضرة ألقاها الفنان ماجد الكدواني، وفي فيلم بضع ساعات في يوم ما، تدور الأحدث في نفس السياق، من خلال مجموعة ثنائيات، بينها صراعات وتشابكات تختلف كثيرا عن فيلم هيبتا، ولكن يبقى الحب في النهاية هو كلمة السر، ولكن تلك الشخصيات مليئة بالتناقضات والصراعات النفسية التي نعيشها مع كل منها، بما في ذلك البحث عن الذات والهروب من الذات، والعواطف المذبذبة والخيانة والتسامح والإحباط ومشاعر الذنب. لنبدأ بقصة أحمد السعدني وزوجته مي عمر ، اللذين يمثلان الجانب المزيف والوهمي من وسائل التواصل الاجتماعي، فهما يعيشان حياة هادئة سعيدة يتمتعان فيها بالسعادة أمام الجميع، بينما تعاني مي عمر من سوء معاملة زوجها وتعنيفه لها، فالحياة بينهما ليست أكثر من صفقة متبادلة، حيث يستفيد كل منهما بشيء ما، وتليها العلاقة بين محمد سلام، وهو شخص مخادع يبحث عن الشهرة الوهمية مليء بالحقد من داخله، وحبيبته هدى المفتي الفتاة الثائرة على القيود والتقاليد، والتي تقرر التمرد على ذاتها بتصرف غير مألوف، وهو مكالمة هاتفية طويلة مع شخص مجهول مليء بالإحباط ناقم على حياته، لا يجد معنى لوجوده نتيجة لشعوره بالذنب، وننتقل إلى أهم ثنائي وهما هشام ماجد وهنا زاهد، اللذين شكل دوراهما تحديا كبيرا لهما، نظرا لاختلافهما عن أي أعمال سابقة، فقد شهدت العلاقة بينهما في العمل بعض التقلبات والتغييرات من الحزن والفرح، ومن الإيفيه للمشاعر الإنسانية، فبالنسبة لهشام ماجد، فهو شخص خجول لا يقدم على اتخاذ القرار والفعل سريعا، بينما هنا زاهد تمثل شخصية ساذجة سليمة النية تسير حياتها بدون تخطيط. لم يخلُ الفيلم من الدراما النفسية من خلال شخصية مايان السيد، التي تعاني من متلازمة توريت، وهي مرض يصيب المخ يعاني فيه المريض من حركات متكررة لا إرادية في أي مكان في الجسم، لا يستطيع الجسم السيطرة عليها، وتلتقي بالصدفة مع خالد أنور عن طريق حادث سيارة. نجح المخرج عثمان أبو لبن في واحد من أفضل أعماله أن يقوم بمزج وربط وتضفير جميع الشخصيات بشكل متوازي، دون أن تفلت منه أي خيوط درامية، علما بأن الأحداث كانت سريعة ومشوقة، بالإضافة إلى المتعة البصرية وحسن اختيار أماكن التصوير، والذي اشتهر به المخرج في جميع أعماله، حيث إنه يلجأ دائما إلى أماكن طبيعية. أما عن أداء النجوم فشهد العمل مباراة تمثيلية بين جميع الفنانين، وعلى رأسهم أحمد السعدني ومي عمر، والتي أظهرت مواهب جديدة لم تكن ظاهرة من قبل، وأيضا أسماء جلال في أداء دور الفتاة المذبذبة التي تعاني من اضطراب في مشاعرها.