عالج الكاتب الكبير إحسان عبدالقدوس في روايته الشهيرة الوسادة الخالية، التي تحولت إلى فيلم للفنان عبدالحليم حافظ، ظاهرة الحب الأول ومدى تأثيره على الإنسان على مدار حياته، وأكد أن الحب الأول خاصة في السن الصغيرة مجرد وهم، وأنه مع الزمن والمعاشرة ومرور السنين يتغير الإنسان من حيث أفكاره ومشاعره، وفي فيلم 6 أيام نرى فكرة مشابهة ولكن بأسلوب مختلف، وهي ما يحدث عندما يتقابل حبيبان بعد مرور عدة سنوات، منذ فترة المراهقة حتى ما بعد التخرج بعدة سنوات، فهل تتغير المشاعر ويصبح الاثنان شخصين آخرين أم تتجدد المشاعر مرة أخرى؟ لا شك أنه مع مرور السنوات تتغير الأحوال وتتبدل الشخصيات 180 درجة، فالإنسان يحتاج إلى سنوات كثيرة ومراحل كثيرة حتى يستطيع اكتشاف نفسه ويتعرف على طموحاته ورغباته، وقد اختار صناع العمل اسم 6 أيام لأن بطلَي العمل قررا أن يتقابلا كل عام في موعد مميز من أجل معرفة أحوالهما واختبار مشاعرهما، وأكد الفيلم على نظرية فيلم الوسادة الخالية بأن حالة التوهج والمشاعر الحميمة تختلف مع مرور الوقت، وأكبر دليل على ذلك أنه مع كل فترة زمنية تمر دون تواصل بينهما يبقى نوع من الحنين إلى الماضي ولكن بصورة مختلفة، ومع كل مرة يلتقيان فيها تتغير ملامحهما وأحوالهما سواء على المستوى المهني أو الاجتماعي، وترجع هذه المتغيرات لجذور نشأتهما وتربيتهما، فمن الواضح أنهما عانيا منها كثيرا، خاصة بالنسبة لـأحمد مالك الذي تبدلت شخصيته أكثر من مرة بسبب سيطرة والده عليه، والذي تحكم في مصيره بشكل كبير، وكذلك آية سماحة التي رضخت لاختيارات خاطئة كثيرة من أجل أهلها. نجح المخرج كريم شعبان في إبراز وإظهار معالم مصر، من محلات العصير والشطائر في جميع المراحل الزمنية، والتي تبدأ في عام 2004، عندما كنا نستخدم كروت الشحن لاستخدام كبائن التليفونات في الشوارع، ومع أغاني عمرو دياب وشيرين عبدالوهاب، حتى عام 2015، ومحلات الشطائر والتنزه في مناطق طبيعية في وسط البلد والكورنيش، وصولا إلى العام الماضي ومرور العالم بأزمة فيروس كورونا وتداعياتها، بالإضافة إلى المزج الرائع الذي استخدمه المخرج بين أغاني أم كلثوم وعبدالحليم حافظ والأغاني الحديثة التي تمثل مرور السنوات. على الرغم من اعتماد الفيلم على الحوارات المتبادلة بشكل كبير، لكنه لا يُشعِر الجمهور بالملل، لأن الحوارات جاءت مشوقة وجاذبة، وقد نجح في توليفها السيناريست وائل حمدي بخبرته الكبيرة، وساعد على ذلك أن الحوارات كانت مصحوبة بمشاهد أخرى تم تصويرها في مناطق طبيعية مع موسيقى تصويرية وأغاني ناعمة، وبالنسبة لمشهد النهاية، فمن الممكن أن يختلف عليه المشاهدون، فالأغلبية سوف تتعاطف معهما نظرا لأن حياتهما كانت تعيسة ولم يشعرا فيها بالراحة والأمان، بينما على الجانب الآخر من الممكن أن يراها آخرون نهاية اعتيادية مكررة في جميع الأفلام الرومانسية لا تتماشى مع أحداث الفيلم. أما عن أداء النجوم فجاء أحمد مالك جيدا ولكن ليس في أفضل حالاته، بينما استطاعت آيه سماحة أن تنغمس في أعماق الشخصية في جميع مراحلها.