شهدت مسلسلات رمضان هذا العام تنوّعًا كبيرًا في الأعمال، سواء من حيث المواضيع الاجتماعية أو القضايا الهامّة أو الجوانب الترفيهية، بينما أخفقت أعمالٌ أخرى عانت من التكرار والمبالغة. وعلى رأس الأعمال الناجحة هذا العام، التي تنتمي إلى الدراما الاجتماعية التشويقية ذات البعد الإنساني، جاء مسلسل "وتقابل حبيب" للفنانة ياسمين عبدالعزيز، التي أثبتت التجربة أنها قادرة على أن تكون نجمة درامية من الطراز الأول، بالإضافة إلى كونها الفنانة الوحيدة تقريبًا التي ما زالت تصمد أمام النجوم الشباب في شباك التذاكر. جمع المسلسل بين عنصري التشويق والإثارة، وركّز على الصراعات المحتدمة بين كبار رجال الأعمال، الذين يضحّون بالمبادئ والأخلاق والمشاعر في سبيل النفوذ والمصلحة والسيطرة الكاملة. وقد مثّلت شخصية نيكول سابا هذا النموذج بامتياز، إذ جسّدت المرأة المسيطرة الخالية من العواطف، والتي تتحكّم بالجميع دون رحمة. وعلى النقيض، برز الجانب الرومانسي الرقيق من خلال قصة حب محكوم عليها بالفشل بين كريم فهمي وياسمين عبدالعزيز، في لحظات مسروقة، مفعمة بالموسيقى الحالمة والأغاني الوجدانية. ومن ناحية أخرى، برزت أعمال تناولت مواضيع شديدة الخطورة، من أبرزها مسلسل "أثينا" للفنانة ريهام حجاج، الذي دق ناقوس الخطر في عالم الذكاء الاصطناعي. وتدور أحداثه حول مجموعة من طلبة إحدى الجامعات الخاصة، يقعون تحت سيطرة تطبيق ذكي يُدعى "أثينا"، فعّله أحد الطلاب المهووسين بالأفكار المجنونة، ليصبحوا فريسة سهلة للـ"دارك ويب". ويُقدم بعضهم على الانتحار بأبشع الطرق نتيجة للسيطرة العقلية عليهم. كما أظهر المسلسل قدرة الذكاء الاصطناعي على محاكاة أشخاص غير حقيقيين، من بينهم شخص متوفّى، تم تركيب صوته باستخدام هذه التكنولوجيا. وفي السياق نفسه، جاء مسلسل "منتهي الصلاحية" للفنان محمد فراج، الذي عالج قضية المراهنات الإلكترونية، التي بدأت تُشكّل خطرًا حقيقيًا، لا سيّما على الشباب. وتبدأ تلك المراهنات بألعاب بسيطة تُعرف بـ"الطيارة"، وتتدرج لتشمل الرهانات على مباريات محلية وعالمية، لتبدأ بمئات وآلاف الجنيهات وتنتهي بملايين. وكما هو حال جميع ألعاب القمار، يتحقق الفوز مرة واحدة مقابل عشرات الخسائر، مما يجعل الشخص أسيرًا لهذه اللعنة، ويدفعه إلى ارتكاب الجرائم، حتى يصل به الحال إلى أن يكون بالفعل "منتهي الصلاحية". أما الأعمال التي تناولت قضايا اجتماعية هامة، فيتصدّرها مسلسل "لام شمسية"، الذي اقتحم مناطق شديدة الحساسية، من خلال طرح قضية التحرُّش بالأطفال. ورغم أن الطرح قد يبدو متأخرًا، فإنه لا يزال ضروريًا ومستمرًا، حيث تناول المسلسل شخصيات مريضة نفسيًا وغير سوية، تعمل في المدارس، أو مراكز الدروس الخصوصية، أو الأندية الرياضية. وقد وجّه العمل رسالة مباشرة إلى الأهالي بضرورة زيادة الوعي، والاقتراب من أطفالهم، ومساعدتهم قدر الإمكان، مع المتابعة المستمرة والمراقبة الدقيقة لمن حولهم. وقد عُرضت هذه الرسائل بأداء تمثيلي متميّز، من خلال لحظات صامتة وتعبيرات وجه معبّرة. ويلي هذه المسلسلات مسلسل "أولاد الشمس"، الذي يقوم ببطولته مجموعة من الشباب، على رأسهم أحمد مالك وطه الدسوقي. ورغم أن موضوع العمل ليس جديدًا - إذ طُرح سابقًا في السينما والدراما - وهو قضية الأطفال الذين نشأوا في دور الرعاية، فإن الجديد هو تسليط الضوء على نظرة المجتمع لهم بعد خروجهم، واحتكاكهم بالعالم الخارجي. ويركّز المسلسل على كيفية ضمان مستقبل آمن لهؤلاء الشباب، حتى لا يقعوا فريسة لأشخاص مثل محمود حميدة، صاحب إحدى دور الأيتام، الذي يسيء معاملتهم، ثم يستغلهم في أعمال إجرامية بعد بلوغهم سن الـ18. وعلى الجانب الآخر، ظهرت بعض الأعمال التي خيّبت آمال الجمهور، وعلى رأسها مسلسل "سيد الناس" للفنان عمرو سعد، والذي يُعدّ سقطة للمخرج محمد سامي، رغم كونه أحد أكثر المخرجين التصاقًا بالشارع المصري، خاصة في المناطق الشعبية، حيث يُعرف بتقديم خلطة درامية تجذب الجمهور. إلا أن هذا المسلسل عانى من التطويل، والمبالغة الشديدة في أداء معظم الفنانين، بالإضافة إلى الضجيج، والصوت المرتفع، وعدم منطقية بعض الأحداث. وكذلك الحال مع مسلسل "شباب امرأة" للفنانة غادة عبدالرازق، إذ أن إعادة تقديم الأعمال الكلاسيكية الشهيرة دائمًا ما تُقابل بالمقارنة مع الأصل، خاصة إذا كان العمل الأصلي من بين أهم مئة فيلم في تاريخ السينما المصرية. ولم تكن تلك المشكلة الوحيدة، بل إن العمل بأكمله جاء غير متقن، واحتوت أحداثه على الكثير من الانحرافات عن الرواية الأصلية، مما أفقده منطقيته، بالإضافة إلى المبالغة والافتعال في أداء غادة عبدالرازق وبعض النجوم المشاركين، فضلًا عن نهاية سريعة وضعيفة. أما مسلسل "ظلم المصطبة"، فرغم تحقيقه بعض النجاح بفضل الأداء التمثيلي المبهر من جميع النجوم، والتصوير الجيد الذي أظهر البيئة الريفية المصرية، فإن الأحداث فقدت تماسكها تدريجيًا، وجاءت مفككة. وربما يعود ذلك إلى اعتذار المخرج هاني خليفة، والخلافات التي وقعت أثناء كتابة السيناريو.