"إن شالله الدنيا تتهد":.. الكذب وسيلة للنجاة، والغاية تبرر الوسيلة

  • مقال
  • 12:11 صباحًا - 10 يوليو 2025
  • 4 صور



تنويه: يحتوي المقال على حرق للأحداث، ومرفق به رابط لمشاهدة الفيلم.

يأخدنا الفيلم الروائي القصير إن شالله الدنيا تتهد في رحلة سريعة داخل كواليس عالم صناعة الإعلانات، خاصة داخل استديوهات التصوير الكبيرة التي تضج بالحركة والجدية في العمل، الذي يتم تحت ضغط رهيب وفي سباق مع وقت التصوير المحدود. وتدور أحداثه حول المنتجة الفنية الشابة (لبنى) التي تواجه خسارة مهنية ضخمة محتملة، عندما يقرر (فاروق) بطل إعلانها الجديد الاعتذار عن استكمال التصوير نتيجة ظرف قهري، ويتعين عليها الاختيار بين مسؤولية الوظيفة وأن تكون إنسانة، وتحاول إنقاذ تصوير الإعلان الذي يقترب من الانهيار.

وهو من تأليف وائل حمدي ومن إخراح كريم شعبان، وشارك في بطولته: سلمى أبو ضيف، عماد رشاد، أمير صلاح، عماد الطيب وآخرين.

الكذب وسيلة للنجاة: عندما تجد بطلة الفيلم (لبني / سلمى أبو ضيف) نفسها في موقف صعب للغاية بعدما يتلقى بطل إعلانها الجديد (فاروق / عماد رشاد) خبر وفاة أعز أصدقاءه ويقرر الاعتذار عن استكمال تصوير الإعلان، يتوجب عليها كمنتجة فنية إيجاد حل لهذه المشكلة، وتدخل في صراع مع مدير الإنتاج (مجدي / عماد الطيب) الذي يخشى الوقوع في خسارة مالية بسبب إلغاء يوم التصوير، وتحاول تهدئة الأمور والتصرف بطريقة مهنية وعقلانية وبعيدة عن العواطف. وما بين شد وجذب مع مدير الإنتاج والمخرج ومحاولة إقناع فاروق بتمالك نفسه واستكمال التصوير، تحكي له قصة قديمة عن موقف مشابه تعرضت له في أول يوم تصوير لمشروع تخرجها، حيث تلقت خبر وفاة والدها وكان عليها الاختيار بس مواصلة العمل أو إلغاءه، لكنها اختارت مواصلة العملة على الرغم من الألم الداخلي الذي يحاول السيطرة عليها في صمت. يقتنع فاروق بهذه القصة ويستأنف تصوير الإعلان الذي يتطلب منه الابتسام والضحك أمام الكاميرا وهو في حالة نفسية سيئة للغاية، لأنه فضل إنقاذ طاقم العمل من الخسارة المحتملة، وإحياء مسيرته الفنية التي يحاول بدءها وهو في السبعين من عمره. وبعد الانتهاء من تصوير الإعلان، تتلقى لبنى مكالمة هاتفية من والدها ويطلب منها الحضور إلى المنزل لتناول وجبة الغداء مع الأسرة، ونكتشف أن القصة التي حكتها لفاروق هي مجرد كذبة بيضاء اختلقتها لإنقاذ يوم التصوير الذي شارف على الضياع، وهذه ببساطة حبكة الفيلم.

ومن خلال هذه الفكرة البسيطة للغاية، لخص لنا المؤلف وائل حمدي واقع المعاناة التي يعيشها العاملين في الوسط الفني باختلاف أدوارهم ومهامهم داخل مواقع التصوير، واستطاع المخرج كريم شعبان تجسيدها ونقلها على الشاشة بواقعية وحرفية عالية جدا، وهذا لأنه عمِل في مجموعة متنوعة من المساعي السينمائية الإبداعية، من الأفلام القصيرة التجريبية ومقاطع الفيديو الموسيقية إلى الإعلانات والأفلام الوثائقية والأفلام الروائية، وبالإضافة لإخراج العديد من الأعلانات التجارية لعلامات تجارية كبيرة، لذا لم يكن مضطرا لاختلاق وإضافة تفاصيل غير واقعية، بما فيها تفاصيل الشخصيات الرئيسية، لدرجة أن شخصية المخرج التي جسدها أمير صلاح تشبه شخصية كريم شعبان في الحقيقة إلى حد كبير جدا، بجانب توظيف أدواته الإخراجية بصورة جيدة للغاية، خاصة فيما يخص اختيار عناصر الإضاءة وزوايا الكاميرا وأحجام اللقطات، والتي كونت مع الموسيقى التصويرية وشريط الصوت وبراعة المونتاج مزيجًا رائعا تجسد في الشكل النهائي للفيلم.

الغاية تبرر الوسيلة: ركز الفيلم أيضا على إبراز فكرة "الغاية تبرر الوسيلة"، التي كانت تتبناها الشخصيات الرئيسية دون وعي أو قصد مباشر، من خلال إصرارهم الشديد على استكمال تصوير الإعلان بغض النظر عن حالة فاروق النفسية التي بدأت بالانهيار، والتي قد تؤثر سلبًا على أداءه، وبرز هذا الأمر من خلال جملة (إن شالله الدنيا تتهد) التي تكررت عدة مرات، وهي أيضا اختيرت لتكون اسم الفيلم! وعبارة "الغاية تبرر الوسيلة" تُنسب إلى المفكر والفيلسوف والسياسي الإيطالي (نيكولو ميكافيللي)، والذي تنسب إليه أيضا النظرية أو الفلسفة الميكافيلية، التي تتسم بالتلاعب بالآخرين، والتركيز على المصلحة الذاتية، وعدم المبالاة بالمعايير الأخلاقية لتحقيق الأهداف. وياللمصادفة، يشبه الفيلم تلك الفسلفة الميكافيلية إلى حد كبير جدا، حتى وإن كان الأمر غير مقصوداً من الأساس.


لمحة أخيرة: صدر الفيلم في عام ٢٠٢٤، وشارك في عدة مهرجانات محلية ودولية، وحصل على إشادات نقدية جيدة، وتم عرضه مؤخرا على موقع "يوتيوب" في يوم ١ يوليو من العام الجاري، وهو متاح للمشاهدة مجانًا.

https://youtu.be/tjQudhs8LNQ?si=kkxSXluf38MvVT8x




تعليقات