الفيلم مثالٌ جيدٌ لبلاغة السينما .. إذا افترضنا أنَ بلاغةَ فَنٍّ ما هي تحقيقُهُ الهدفَ الذي تجشَّمَ المبدعُ مشقةَ الإبداع لتحقيقه، فهذا الفيلم أصرَّ صانعوهُ منذُ لقطاته الأولى على أن يذهبوا بالمبالغة الكوميدية المسرحية إلى أقصاها .. كان واضحًا منذ البدايةِ أنَّ الأحداثَ تدورُ في إطارٍ كاريكاتيريٍّ تفقدُ خلالَهُ إنسانيتَها ويتحولُ داخلَهُ الأشخاصُ إلى تروسٍ في آلةٍ عملاقة .. فالباحثان الكيميائيان لم يصبحا أستاذَين (عاديين) في مركز بحوثٍ متعطلٍ مثلاً، لكنهما استقرّا في نقطةٍ بعيدةٍ رمى بهما إليها هذا القدَرُ الآليُّ وهي أن يمتلكا معملاً لكنه معملُ (طُرشي)، والفرقة العائليةُ تتحللُ من إسارِ الوطنِ وتعودُ راضيةً إلى هذا الإسار بطقوسٍ راقصةٍ بسيطةٍ للغاية .. أزعمُ أن هذه القصديةَ لإنتاجِ فيلم كوميديا سوداء هي السبب وراءَ نجاحِ الفيلم، فلو كانت المبالغاتُ غير مقصودةٍ لذاتِها وجاءت عفوًا من صانعي الفيلم (أعني: لو كانت "جلِّت منهم") لسقط الفيلم في اللاحِرفية .. خاطب الحوار اللحظة الحاضرة من تاريخ البلد، وهذه المحدودية مقصودةٌ لذاتها بشكلٍ واضحٍ أيضًا، كما في الجملة التي يختم بها الدكتور حسن (خالد صالح) الفيلم: "مافيش جواز لحد نهاية الفترة الانتقالية" رغم أن زمن قول هذه الجملة هو انطلاق شرارة ثورة (25 يناير) حيث لم يستقرَّ بعدُ في الوعي الجمعيِّ اصطلاح (الفترة الانتقالية) ناهيكَ عن أن يتيقَّنَ (الدكتور حسن) من نجاح الثورة في الإطاحة بمبارَك ونظامِه، إلاّ أن يكون متكئًا على أستاذيته في علم الاجتماع، وبالتالي معرفته بما تئولُ إليه الثوراتُ في الغالب! الخلاصةُ أنَّ اللامنطقية والآلية التي تحكم الحوار والأحداث أحيانًا مقصودةٌ لذاتِها بشكلٍ واضحٍ مما يُعفي الفيلم من تهمة القفزات المنطقية وتهلهل السيناريو مثلا .. أداء الممثلين رائعٌ في المجمَل .. (خالد صالح) قدير كعادته .. (ألفت إمام) تعود في دور لطيف إلى الشاشة .. (طارق عبد العزيز) معبِّر للغاية .. الفيلم جيد جدًا
عنوان النقد | اسم المستخدم | هل النقد مفيد؟ | تاريخ النشر |
---|---|---|---|
كوميديا سوداء ومبالغات مقصودة | Mohamed Salem Obada | 0/0 | 6 ابريل 2013 |
فيلم يستحق المشاهدة | حمد الصالح | 1/1 | 10 فبراير 2019 |
الكوميديا السوداء فى الدولة السوداء | Mostafa Elsafty | 2/2 | 12 يناير 2014 |