مشوار طويل وسط ليل مافيهوش قمر و قلبى تايه إحساس بغربة بين البشر ، هكذا وصفت إحدى أغانى الفيلم حال بطل العمل طاهر عبد الحى سليم او تيتو هكذا لـُقب . قد يعتبر الكثيرون الفيلم تجارى و قد تعتبرونى أحمل الفيلم فوق طاقته و لكنى بصدق أرى الفيلم واقعى ، فطفل الشوارع الذى نراه منذ فيلم " ياسمين " سنة 1950 مرورا ً بـ " العفاريت " سنة 1990 أصبح رجلا ً يريد الإندماج فى المجتمع باديا ً حياة جديدة و لكنه يدخل فى شراكة قذرة مع النظام ممثلا ً فى ضابط الشرطة ، الفيلم يريك رجل الشوارع و الأطراف تتجاذبه النظام و هو يستخدمه و المجتمع و هو يتعامل معه بحذر حانيا ً مع أمثاله دون الشروع فى إدماجه . قصة العريان تبدو بسيطة و لكن سيناريو و حوار محمد حفظى أضاف لها عمق غير عادى و كلاسيكية شديدة النعومة فالسيناريو خلى تقريبا ً من الثغرات و الحوار بدا واقعى لأبعد حد استطاع بحساسية مفرطة استخدام لغة الشارع دون ابتذال و لغة الأثرياء و الطبقة الراقية دون تكلف و ينقلك بينهما بسلاسة تامة و بلغ السيناريو مبلغ الإبداع فى مشاهد مثل مشهد مواجهة نور لتيتو و إبلاغ تيتو لرفعت باشا عدم إنجازه المهمة المكلف بها . طارق العريان بحق هو أحد أهم المخرجين السينمائين الذين ظهروا من التسعينيات و حتى الآن فهو متمكن من أدواته و يعد مؤسس أفلام الحركة الحديثة بشكل يضاهى لحد كبير السينما العالمية و لا ينقصه سوى الإنتاج الضخم ، فى هذا الفيلم لا يؤخذ عليه سوى تكراره لمشهد موت البطل فى فيلمه الأول "الإمبراطور". استطاع العريان إعادة تقديم خالد صالح و بزوغه كنجم كبير على يديه ليقدم واحد من أهم أدواره فى مشواره الفنى مضيفا ً للدور تاريخ و بعد نفسى كبير . حتى السقا نفسه ظهر بطريقة مختلفة تماما ً لم يستطع حتى شريف عرفة فى "مافيا" أن يقدمه بها فظهر أكثر رصانة و أكثر تحكما ً فى إنفعالاته و كانت ثالث تقديمات العريان فى هذا الفيلم عمرو واكد لينطلق بعدها للعالمية . حنان ترك فقط هى التى ظهرت باهتة و عادية انفعلاتها زائدة كعادتها ففى الحزن جزينة جدا ً و فى التوتر تبدو أقرب للجنون و فى الفرحة محلقة ، ليقتصر التمثيل على المثلثل السقا - واكد - صالح . اما موسيقى هشام نزيه فصنعت حال غير عادية من التوحد مع الفيلم تجعل المشاهد يشارك بكل وجدانه فى الأحداث بكل ما فى الموسيقى من حياة او توتر او حزن و شجن . و جاء مونتاج خالد مرعى شديد النعومة ينقلك من مشهد لآخر بمنتهى الهدوء محافظا ً على دقة الإيقاع . و ديكور محمود بركة جمع بين الحسنيين فخامة بيوت الأثرياء و الفقر المدقع فى العشوائيات و الإصلاحية . كما استطاع العريان أن يستغل عنصر الإضاءة بشكل جيد جدا ً و يقدم أعلى إبهار بصرى من خلال كاميرا القدير سامح سليم . فيلم تيتو يعد بحق من أهم أفلام الألفية الجديدة راصدا ً بصدق جزء من واقع المصريين .
عنوان النقد | اسم المستخدم | هل النقد مفيد؟ | تاريخ النشر |
---|---|---|---|
مشوار طويل | محمد ياسر بكر | 6/7 | 26 اكتوبر 2013 |