"ايفان لوك" مهندس مدني ناجح، يغادر مقر عمله مساء باتجاه بيته و لكن مكالمه هاتفيه مفاجئه تضعه امام مفترق طرق خطير، و يجد نفسه عشيه تدشين اكبر مشروع له، مجبرا على اتخاذ قرار مصيري . هذه الفكره الاساسيه لفلم "لوك" لكاتبه و مخرجه "ستيفن نايت" قد تكون قصه كلاسيكيه و لكن مغامره "ناوت" و اختيار قالب "فيلم المكان الواحد" انقذ الفيلم من الوقوع في التكرار و بالتالي الفشل، و ان كان قد وضع امامه تحديات اخرى لعل اهمها تفادي الملل و الرتابه التي تهدد هذا النوع من الافلام. قدم هذا الفيلم توليفه من العناصر الناجحه و التي اسهمت سويا في جعله احد اهم افلام 2013، اولها قصه متماسكه، ذات حبكه سلسه حاول فيها "نايت" ان يتجنب التعقيد قدر الامكان، و ان يركز عمله على رجل واحد "ايفان لوك"، فاختزل لذلك الشخصيات في شخصيه واحده و الاطر المكانيه في سياره على الطريق السريع الى لندن، و الزمان في الوقت الحقيقي للرحله اي ساعه و نصف تقريبا. فكره قدمت مرارا في السينما العالميه، و لكن اختيار "نايت" قولبتها في شكل فيلم "المكان الواحد" و تناولها من خلال سيناريو بسيط و حوار اعتمد اساسا على المكالمات الهاتفيه التي اجراها "لوك" في سيارته و لتي كان لها دور كبير في تقدم الاحداث على مدار الفيلم، و كسر الرتابه اضافه الى الحوار الذاتي او الحوار بين لوك و والده ( الغائب الحاضر) كشف عن دوافع الشخصيه النفسيه و قدم مبررا هاما للتحول الذي عرفه البطل، فلم يبدو قراره او جمله قرارته مسقطه او غامضه بالعكس فان المشاهد يجد انه تحول مقنع و مبرر جيدا. و جاء التصوير بتقنياته و حيله المتنوعه ليخدم القصه، فاستخدم كل الزوايا الممكنه للتصوير بالرغم من ان المكان الواحد في فيلم "لوك" ليس سوى سياره "ايفان" و التي تعكس بذكاء حاله الحصار التي يعانيها البطل؛ كادرات منتقه بعنايه ركزت اساسا على ملامح وجه "ايفان لوك" و انفعالاته المختلفه و التي نجح "هاردي" في تشكيلها و تطويعها بحرفيه عاليه لخدمه دوره. و لعل الرهان الاصعب في فيلم"لوك" انه زاوج بين سينما المكان الواحد و الممثل الواحد،و هو رهان صعب يعزز فرص الفشل و مخاطر الوقوع في فخ الملل، و لكن "هاردي" من خلال اداءه الانساني الواقعي و انفعالاته الصادقه و طوال ساعه و نصف، جعل من المشاهد طرفا في قصه "ايفان لوك" او لنقل رفيق سفر يراقب في صمت و ترقب قلق ما ستتمخض عنه يقظه البطل و هو يحاول لملمه شتات حياته قبل فوات الاوان، بينما يطوي الارض بسيارته هربا من ماض يلاحقه و ينغص عليه حياته، البطل هنا اختار السير في الطريق الوعر مخاطرا بكل ما يملك و بكل ما حققه، ليتفادى الوقوع فيما وقع فيه والده، و لكي يقطع مع ماضيه.
عنوان النقد | اسم المستخدم | هل النقد مفيد؟ | تاريخ النشر |
---|---|---|---|
بين مطرقه الماضي و سندان الحاضر | مها عادل | 1/1 | 24 سبتمبر 2015 |
لن اعيش في جلباب أبي | ياسر يوسف محمد | 1/1 | 10 ديسمبر 2014 |