يعد "مولانا" مجدي أحمد علي كتابة سيناريو وإخراج عن رواية الكاتب والإعلامي إبراهيم عيسى، أيقونة سينمائية بحق، ورسالة دلالية، لعل شعوبنا العربية في أمس الحاجة لمثيلاتها من الرسائل المعرفية والقيمية والسياسية والاجتماعية والجمالية. عن رواية طويلة (553 صفحة من القطع المتوسط)، متشعبة الأحداث متبعثرة الشخصيات، ولكن قوية الحوار، جلية المقاصد، جريئة الوجهات، بنى مجدي أحمد علي منظومته البصرية السينمائية بعد غياب ليس قليل عن الأفلام الروائية الطويلة (آخرها عام 2010 من خلال شريطه "عصافير النيل" المقتبس، أيضاً، عن رواية ﻹبراهيم أصلان). وهي منظومة قامت منذ البداية على منهجية الشطب والتعديل وصولاً لسيناريو وحوار مجروم ومشدود لجهة استيفاء شروط العمل البصري، شكلاً من خلال زوايا الكاميرا، وحركيتها، وحدبها، وتشويقها في بعض المشاهد، ومضموناً من خلال الانتصار لمذهب إسلامي قام (حورب وأعدم رموزه) على تغليب العقل، وجعله ميزاناً للنقل، وعلى احترام البرهان دون التقليل من العرفان. إنه ديدن المعتزلة، ودربهم لتلمس إنسانية الدين، وقابليته للصمود أمام أسئلة البشر وحاجاتهم وخلافاتهم ولحظات ضعفهم. من هنا يمكن فهم الإمتاع الذي حققته خلال صيرورة الفيلم، وتوالي أحداثه وحدوته، شخصية حاتم الشناوي (أدى دوره باقتدار عمرو سعد)، رجل الدين/ الموظف في وزارة الأوقاف وإمام أحد المساجد. إنه إمتاع الاختلاف، والقدرة على تقبل البشر كما هم بمختلف هناتهم وبساطتهم وموجبات ضعفهم. بعيداً عن التشدد، وبدون تجهم، أدار علي شبكة صراعات الفيلم، وبنى مصائر الشخصيات؛ صراع بين الصوفية والسلفية، آخر بين بعض الإثنيات، ثالث بين الغرائز والضوابط، رابع بين سلطة الإعلام والسلطة الأمنية الاستخباراتية، صراع خامس بين الفقهية المتداعية منزوعة الدسم والوعي، والفقهية المتطورة المحصنة بوعي الضرورة، القارئة لمفردات العصر، المتناغمة بين عنوانيّ الأصالة والمعاصرة تناغماً يطرب السامعين، ويجعل من موسيقى "عصفور طل من الشباك" التي اعتمدها المخرج، غاية في الذكاء والحساسية الجمالية والرومانسية الحالمة بعالم أبهى. منح المخرج فرصة الظهور لابنه أحمد داخل ثنايا الفيلم، بدت خالية من أي محسوبية، فذاك نجح بإقناع المتلقين بأحقيته بدور (حسن/ بطرس)، وقدرته على إدارة اضطرابه النفسي والوجداني بتشرب عميق. وهو ما ينطبق على إعطائه فرصة لرمزي العدل (بعد طول غياب)، فقد أدى (الممثل/ الجيولوجي) دوره (الشيخ مختار) بجلالٍ آسر، وانتزع احترام من يقرأ ما بين سطور الأداء، ويجهد في التقاط الفارق داخل أفياء اللحظة المتحققة. "أنا اللي حألهم إنه دا ابني"، "الخوف لا يمنع الموت، الخوف يمنع الحياة"، "إحنا هنا لأنه الباشاوات عايزنا نكون هنا"، وجمل حوار أخرى كثيرة حول الدين والإيمان والكفر والتكفير والقرآن والحديث والتأويل والاجتهاد والفساد والسلطة الغاشمة والدنيا والآخرة، تجعل الفيلم بحق فرصة مهمة لاستعادة معنى الفن السابع، ودوره وضرورته.
عنوان النقد | اسم المستخدم | هل النقد مفيد؟ | تاريخ النشر |
---|---|---|---|
"مولانا" مجدي أحمد علي.. أيقونة تسامح داخل شريط سينمائي | محمد جميل خضر | 1/2 | 9 يوليو 2017 |
نجاح الدعاية اكبر من نجاخ الفيلم نفسه | محمد احمد محمد احمد | 1/1 | 27 مايو 2017 |
مولانا.. ونجاح بـ «رغبة سياسية»!! | Tarek Elshafei | 4/8 | 22 يناير 2017 |