ليالي اوجيني عمل فني متفرد .. هل شوهد من قبل ؟

منذ عرض "جراند اوتيل" ونحن على موعد مع عمل فني يداعب حنيننا الى تلك الفترة الساحرة من الزمن ( الاربيعنيات والخمسينيات ) ، والتي يتمنى الكثير لو انه عاش بعض منها ويترحم عليها. ربما يبالغ الانسان دائما في تجميل صورة الماضي* كلما شعر بآسى الحاضر وربما هذا ما دفع المنتجين للاتجاه لانتاج مثل تلك الاعمال بعدما لمسوا حنين اغلب الناس لها بعدما اكتسب العصر الحالي كل نقائض الماضي بدءا من الدفئ ، الذوق الرفيع ، الاخلاق ( الضابط الرئيسي للعلاقات الانسانية ،والمحدد الرئيسي لمصائرها سواء استمرت ام كتب لها ان تنتهي كما حدث بين الدكتور فريد وكاريمان بعد قصه حب تمنى الكثير لو انها كللت بالاستمرار). حتى ازياء ذلك العصر واناقتها وهدوء وبساطه الحياه وقتئذ. كنا على موعد مع جرعة مكثفة من المشاعر الدافئه بين شخصيات العمل في صنوف العلافات الانسانية (الحب والجيرة والصداقه) فبدءا من جدعنه وشهامه جليلة وامين وابلة نعمات مرورا بمشاعر الامومة التي فاضت بها (كريمة/كاريمان) وصوفيا ووفاءهما تجاه ابناءهما انتهاءًا بحب صادق بيه الناضج والرقيق العذب دكتور فريد الرقيق وعزيز العاشق الولهان ، ولان الشئ يعرف بنقيضه فكان لابد ان نرصد عجرفة وغرور نبيله وطمع إخوة ابله نعمات وقسوة عايدة واسماعيل ولولا وغيرة وعناد طنط ماجده. ازعم ان كتاب النص تفوقوا على انفسهم وغيرهم ممن كتب عن تلك الفترة حيث ظهر ذلك جليا في استخدام كم كبير من الكلمات العامية التي لم تعد دارجة الان الا نادرا جدا فبعد انتباهي الذي تأخر حتى نهاية الحلقة الاولى وبدءا من الحلقة الثانية سجلت اكثر من 133 لفظ من تراث العامية المصرية لم يعد يقال الان - على الاقل بين الطبقات التي تقابل الان الطبقات التي كانت تحوي شخصيات العمل - لم يقتصر الامر على مجرد ادخال تلك الالفاظ إلى الحوار بل ساعدهم المخرج في ضبط اللهجة في كلمات لم تكن ليلحظها احد او يعلق عليها لو انها نطقت بالطريقة الحالية على سبيل المثال " مُتأكد " كان تنتطق على لسان " صادق بيه " وأحد الشخصيات الاخرى " مِتأكد " حديثا بضم الـ م وقديما بكسر الـ م مثال اخر " فارق لك ؟" هذه الايام نسأل باستنكار " هيفرق معاك ؟" الامر نفسه روعي في اسماء الشخصيات فهناك اكثر من 20 اسم قديم لم يعد مستخدما امثال فكيهه ونبيهه ونعمات ونرجس وانيسه. ولم ينتهي اتقان صناع العمل عند اختيار الاسماء والالفاظ بل امتد الى المشروبات والاكلات فأعادوا على مسامعنا - دراميا - أسماء أكلات ومشروبات كان ذكرها قد اختفى مثل الشكشوكه والبيض بالعجوة والرواني - نعناع وشربات ومستكه وابو فروة (المارون جلاسيه ) كان من السهل ان يكون بديل ابو فروة قنديل الذرة المشوي مثلا ! لم يركن صناع العمل الى الهدية المثالية في ذلك الوقت وهي الورود بل ضرب لنا مثال في عملية وواقعية أناس تلك الفترة عندما احضرت طنط ماجدة (ليلى عزالعرب) نعناع بلدي لجارتها عايدة في اول زيارة لها وذلك لانها سمعت بكاء وصراغ ابنتها الصغيره نادية ليلا فاخبرتها ان النعناع مفيد لها كمهدئ الا يذكرك ذلك بـ " فن اختيار الهدايا " في فيلم بلبل حيران ؟ افضل طريقة للتدليل على التسامح و عدم التمييز هي عدم التمميز ، لقد مرت سريعا تلك اللقطة التي يقول فيها عزيز وهو يتحدث عن علاقته بصوفيا ومعارضة امه للزواج منها "لانها ليست يهودية" ثم يكمل حديثه ولا تسمع اي تفاصيل عن كونهم اسرة يهودية او ان تاتي الكاميرا على شمعدان اعلى المنضده تزينه الشموع . هكذا ارادها المخرج هاني خليفه خاطفه وغير مميزه ولا تستحق اكثر من ذلك الجزء من الثانية التي قال فيها عزيز كلمة يهودية حتى يقع الكتاب والنقاد - امثالي - في فخ التمييز من اجل اثبات عدم التمييز ، ألم اقل لك ان الشئ يعرف بنقيضه ! كل هذا الاعجاب بالعمل والايمان بفردانيته لم يمنعني من التقاط اوجه شبه كبيرة الى حد ما بين ليالي اوجيني وجراند اوتيل ، بالطبع اولها هي اسم العمل المنسوب لمكان في كلا القصتين كان فندقا الفارق بينهم ان جراند اوتيل كانت تدور به الاحداث كلها بنسبة لا تقل عن تسعين بالمائة بينما على العكس تماما ليالي اوجيني الذي لم تتجاوز نسبة الاحداث التي تدور بداخل الفندق والملهي الليلي الملحق به عن ستون بالمئة على اقصى تقدير. كانت امينه خليل (كريمة/كاريمان) محور نقاط التشابه هذه فقد كانت العامل المشترك بين العملين ولكنها هذه المره بدلت الادوار مع ظافر العابدين فلعب ظافر دور امينة في جراند اوتيل ولعبت امينه دور عمرو يوسف في جراند اوتيل الشخصية صاحبه الاسرار. تقع نازلي (امنيه خليل) المتزوجه من مراد في حب عمرو يوسف او (فؤاد) الذي يبحث عن اخته واضطر من اجل ذلك للعمل متخفيا تحت اسم (علي ) في جراند اوتيل وفي ليالي اوجيني يقع الدكتور فريد المتزوج من عايده في حب امينة خليل او كاريمان المتخفيه تحت اسم (كريمة) التي عملت في اوجيني مضطره لاستكمال رحلة البحث عن ابنتها.

حتى المكان الذي يتقابل فيه الدكتور فريد وكريمة /كاريمان كان شط البحر وفي جراند اوتيل اعتاد فؤاد ونازلي على اللقاء عند شط النيل ، ايضا شخصية كل من الست سكينة (سوسن بدر ) وطنط ماجده (ليلى عزالعرب) الام الشديدة التي ترسم كل خطوات ابنها ولا تدعه يتحرك بحرية في حياته وهو محمد ممدوح ( امين ) في جراند اوتيل ومراد مكرم ( عزيز ) في اوجيني.

*عزالدين فشير - رواية عناق عند جسر بروكلين

نقد آخر لمسلسل ليالي أوجيني

عنوان النقد اسم المستخدم هل النقد مفيد؟ تاريخ النشر
ليالي اوجيني عمل فني متفرد .. هل شوهد من قبل ؟ احمد رميح احمد رميح 2/2 4 سبتمبر 2018
ليالي أوجيني: رومانسية الأربعينات بعيدا عن دراما الأكشن مريم مرايحي مريم مرايحي 0/0 19 يونيو 2018
ليالى أوجينى..ستبقى فى شغاف القلب Eua Rad Eua Rad 1/1 2 مايو 2019