"الموت ما هو إلى بداية كل شيء"، عبارة عصرية اعتمدت عليها أغلب أعمال التشويق والإثارة التي تتمحور حول جرائم القتل والغموض، ومع صعوبة تقديم أفكار جديدة في هذه الفئة والحاجة لمجهود كبير في إنجاز هذه النوعية من الأعمال والتي تعتمد في مقامها الرئيسي على الحبكة وعمق الشخصيات، بجانب الجانب التشويقي وهو العامل الجاذب للمشاهدين.
في محاولة جديدة لاقتحام العالم العربي، تعاونت شبكة نتفليكس على تقديم العديد من الأعمال في الكثير من الدول العربية من الأردن والسعودية مرورًا بمصر، وهي تجربة قد تكون مفروشة بالورد لعدة أسباب، لعل أهمها عدم تطرق الدراما المصرية بشكل كبير لأعمال الخيال والخيال العلمي والتشويق والإثارة التي تعتمد عليها نتفليكس بشكل كبير، والتي ظهرت من خلال مسلسلات "جن" و"المنصة" المعروض بشكل حصري على المنصة، بجانب مسلسل الخيال العلمي المصري المرتقب "ما وراء الطبيعة"، وبجانب هذه الأعمال تأتي تجربة سعودية درامية بمزيج من الغموض والدراما، حيث تتمحور القصة حول موت رب العائلة حسان في حادث غامض يترك وراءه الكثير من الأسرار التي تُكشف على مدار الحلقات للمشاهدين.
هناء العمير في تجربتها الثانية الإخراجية بعد مسلسل "بدون فلتر" أكدت قبل عرض مسلسل "وساوس" على احتوائه على العديد من التفاصيل الخاصة بالشخصيات بجانب الإيقاع السريع والتشويق والإثارة، وفي الحقيقة حمل المسلسل هذه العناصر، ولكن برتوش بسيطة منها وحبكة فارغة.
استند المسلسل بشكل كبير على الفلاشباك، وفي هذه النوعية من الأعمال يكون الاعتماد الرئيسي على مدى عمق الشخصيات وتطورها، وفي مساحة مسلسل يتكون من 8 حلقات فقط فشل العمل في تقديم الجانب النفسي والإنساني من هذه الشخصيات التي تتصارع بحثًا عن الحقيقة بعد وفاة الأب، فتحول الغموض إلى ضبابية وفقدان الانصهار الوجداني والعاطفي بين العمل المرئي والمتلقي. قدم العمل حلقات متتالية تتمحور حول شخصية من الشخصيات المشاركة في الحدث ما بين ماضيها وحاضرها، وعلى الرغم من محاولات هناء العمير في تقديم العمل بجودة عالية من الناحية الإخراجية، لكن كانت نقطة ضعف غير مبررة ولم تنجح اللقطات المعادة والمكررة في خلق شعور الإعجاب بالحالة بأكملها، فجاءت الأحداث بطيئة بحوارات مملة ومكررة، بل وركيكة في بعض الأحيان، وكان الشغل الشاغل في النهاية هو إنهاء العمل بنهاية مفتوحة تحسبًا لمواسم قادمة على الرغم من أن العمل كان تجربة قصيرة فقط من الأساس.
على الرغم من ضعف العمل على مستوى الحبكة والبناء والحوار، ربما من الإيجابيات القليلة يأتي الإخراج بشكل جيد، وهو من ضمن العوامل التي تتميز بها الدراما السعودية في الفترة الأخيرة بجانب الديكورات الباهظة والمبالغ فيها في بعض الأحيان، وربما لو كانت الحبكة والقصة على مستوى الإخراج والتصوير لخرج العمل بشكل أفضل. وعلى صعيد الأداءات التمثيلية، قدم أغلب طاقم العمل أدوارهم ما بين الجيد والغير مقنع، وربما الأداء الأفضل خلال العمل كان من نصيب عبدالمحسن النمر وشيماء الفضل وعلي الشريف.
"وساوس" كان مثل رداء جذاب للغاية لا يحتوي على بطانة من الداخل، فلم تنجح مظاهره الإخراجية الجيدة في إخفاء عيوبه ونقاط ضعفه، تجربة لم تكن الأفضل من نتفليكس، ولكنها توحي بالمزيد في المستقبل القريب.
عنوان النقد | اسم المستخدم | هل النقد مفيد؟ | تاريخ النشر |
---|---|---|---|
"وساوس" .. رداء جذاب بدون بطانة | أحمد هشام | 1/1 | 10 سبتمبر 2020 |