• محمد يعقوب
• 08:30 صباحًا - 16 فبراير 2025
• نقد آخر لنفس المستخدم

الشيخ حسني: أصلي بحب الميكانيكا .... يا ست روايح لا يقدم داوود عبد السيد بيئة فيلم الكيت كات، كهامش جانبي يقبع بخجل على حافة الحياة الحقيقية، رغم مشاهد جلسات الحشيش البدائية، والشخصيات بسيطة التركيب التي لا تطورها الأحداث ولا يطرأ عليها الكثير من التغيرات، وعلاقات اليوم الواحد السريعة التي تبدأ وتنتهي بأقل قدر من المشاهد،ورغم وجودالأبنية ذات الطبقات القليلة سيئة التخديم القائمة على حارات وأزقة ضيقة تهيم فيها قطعان الحيوانات الداجنه، يريد الفيلم أن يقول بأن هذه البيئة هي متن الحياة الواقعي وهي الجوهر الإنساني الحقيقي وماعداه هو الهامش مهما بلغت درجة تحضره،تدور الحياة حول مقهى الكيت كات وفق عطالة ذاتيه تستخدم طاقة داخلية متجدده ورغم ضعفها فهي قادرة على أن تبث النشاط في كل هذا المجتمع الصغير، يأخذ الفيلم الحياة على محمل النكته ولا يعقد وقائع الوجود وهذه قاعدة تنطبق على كل الشخصيات فالوجود أمر عرضي يمكن أن يكون جميلا وعلى إنسان دواوود عبد السيد في هذا الفيلم أن يقضي وقته في تبرير هذا الوجود، أما التبرير فهو الأهداف الصغيرة التي تحددها الشخصيات لنفسها بعضها دونكيشوتي الطابع، وبعضها يحمل ملامح المؤامرات والكثير منها مجرد تمضية النهار للوصول الى صباح اليوم التالي. رغم أن الشيخ حسني لا يكاد يغادر الشاشة ولكنه ليس موضوع الفيلم الوحيد، فهو مجرد طرف في معظم قضايا بيئة الكيت كات، وبدوره يحمل قضيته الخاصة، يقتنع الشيخ حسني بأنه مبصر بل ويقدمه الفيلم على أنه ذو بصيره نافذه، وقضيته هي البرهنه للآخرين بأنه شخص يمارس حياة طبيعية بدون عاهات، ولكن الفيلم لا يبدو مهتما بإثبات براهين من هذا النوع والهم الأكبر مركز على أن الشيخ حسني سيقضي ما تبقى من عمره مقدما البرهان تلو الآخر ويظهر سعاده عند تقديم براهينه لنفسه بدون أن يكون مهتما بالفعل بما يشعر به الآخرين، وينجح الفيلم في جعل الأعمى "المبصر" طرفا حيويا في قضايا الحارة الكبرى بيع البيت والدكان، جلسة الحشيش، قصص العشق والخيانة وكل القضايا التافهة الأخرى التي تشكل معالم الكيت كات،لم يكن فقدان البصر عائق أمام الشيخ حسني بقدر ما كان ميزه يستخدمها كل مرة بنجاح أما المعاق فكان غالبا كل متعامل مع الشيخ حسني وقد حَمَلَه السيناريو خبثا فطريامحببا أعطى شخصيته بعدها الإنساني المطلوب لتكون مفصلا روائيا هاما ومتكئا سرديا غنيا. لم يعتمد الفيلم على أجواء الرواية التي يأخذ عنها القصة، ولكن المخرج يبني نسيجة الروائي الخاص بكاميرا تلتقط الألوان والصور والحركة،فكانت بعض المشاهد جمل دراميه سرديه بليغة وصلت وبصيغها الأدبيه المغلفة للشخصيات التي شكلت معمار الفيلم الدرامي رغم وجود قصة في الخلفية تظهر خطوطها الرئيسية بقوة أحيانا لتضعف في أحيان أخرى وبطريقة يتم التحكم بها لصالح إبراز الشخصيات، نجحت هذه الصيغة الفنية التي تعتمد على شخصيات تساهم االأحداث في تعميق تأثيرها وإظهارها بالطريقة التي يرغب الفيلم أن تظهر فيها، دون أن يبدو أنه يتعمد ذلك فجاء تقديمها تلقائيا لا يشكل عبئا على المشهد. بدا محمود عبد العزيز أعمى حقيقي ولكن أعمى بالولادة وليس من تعرض لحادث عندما كان صغيرا ففقد البصر، وكان بارعا في حبك المقالب للمبصرين وأجبرنا على التعاطف معه رغم أن "ذنبه الأكبر هو الحشيش، أما أمينة رزق فكررت ذات الدور التي ظهرت به في فيلم السقا مات حتى بتكرار بعض جمل الحوار ذاتها، المشكلة في شريف منير الذي بدا واعدا في هذا الفيلم ولكنه أستسلامه للأدوار الثانية مسحة من ذاكرة المشاهد، ونجح المخرج في إظهار عايدة رياض في أدوارها التقليدية بشكل مختلف وكأنها تظهر به للمرة الأولى، كان هذا الفيلم علامة فارقة في تاريخ السينما وتاريخ المخرج وتاريخ المتفرج أيضا، ولعله أفضل أفلام القرن العشرين

• 0 مفيد
• 0 غير مفيد