أراء حرة: فيلم - ليال - 1982


ليال... نسخة مش مترابطة من أفلام حسن الإمام

فيه أفلام لما تتفرج عليها، تحس إنك شفتها قبل كده، مش بس شفتها… ده يمكن حافظها كمان....وفيلم ليال هو واحد من النوع ده — قصة الراقصة اللي بتحب، وبتنخدع، وبتنتقم، وسط عالم مفروش بالفلوس من ناحية، وبالوجع من ناحية تانية. وفي فيلم "ليال"، بنشوف واحدة من أكتر الحكايات استهلاكا في السينما المصرية، السيناريو مش بس قديم، ده اتحرق واتهرس مليون مرة قبل كده، وفي كل مرة كان بيتقدم بنفس الطريقة تقريبا لكن الغريب مش بس في القصة، الغريب في الطريقة اللي أخرج بيها حسن الإمام الفيلم، كأننا بنشوف كولاج غريب جدا من...اقرأ المزيد أفلامه القديمة، ومن مشاهد مقتبسة بشكل فج من تجارب تانية. الفيلم بيبدأ بالحكاية القديمة اللي السينما المصرية ما بتتعبش من تكرارها وبنفس الترتيب اللي متوقعينه، الحب يتحول لخداع، والخداع ينتج عنه انتقام، والانتقام دايما لونه أحمر، وطعمه مُر. المشكلة مش في القصة، لكن في إنها اتقالت بنفس الطريقة في عشرات الأفلام، وماحدش فكر يسأل: "هو إيه اللي ممكن يتقال جديد؟" زي كتير من أفلام الثمانينات، الفيلم بيشتغل على ثنائية: **"الأغنياء الطماعين"** ضد **"الفقراء الغلابة"**، اللي دايما بيتعرضوا للبيع أو الاستغلال، واللي دايما بيكون عندهم كرامة أكتر، وإن كانوا أضعف. ده مش عيب في حد ذاته، لكن لما يتكرر بنفس الكليشيهات — نفس طريقة اللبس، والكلام، وطريقة تصوير تحس إنك مش بتشوف فيلم... بتشوف درس تعليمي في الفروق الطبقية. حسن الإمام، ملك الميلودراما بلا منافس، بيعرف كويس يلعب على مشاعر الجمهور، يعرف إمتى يدخل بالمزيكا، إمتى يقرب الكاميرا من الدموع، وإمتى يخلي البطل ينهار قدامك، بس أوقات الحِرفة لما تتكرر كتير… بتفقد سحرها، وفي ليال، واضح إن حسن الإمام كان بيعيد رسم مشاهد شافها واشتغلها مئات المرات، فمابقاش فيها نفس اللهفة، ولا نفس العمق. ومع ذلك، ما نقدرش ننكر إن عنده قدرة يخلي حتى القصة المستهلكة "تمشي"، يعني أنت بتتفرج، وبتقول: "آه أنا عارف دي هتعمل إيه... بس خليني أشوف هيعملها إزاي." في وسط كل ده، سهير رمزي قدرت تقدم أداء فيه مساحة من الوجع والتمزق، هي مش بس بتتهز على المسرح، هي شخصية مكسورة من جوا، عاوزة تتحب… وبتدفع تمن كل لحظة صدقتها، هي مش أعظم أدوارها، لكن فيه صدق في عيونها، وفيه مشهد أو اتنين كانت فيهم بتكلم الكاميرا كأنها بتكلم نفسها… وده اللي خلى الشخصية تفضل حاضرة في ذهن المشاهد، رغم إن القصة كانت مكررة. ليال مش فيلم مقبول ويعدي، ومش من أفلام حسن الإمام القوية زي الخطايا أو بين القصرين، ولا من أدوار سهير رمزي اللي نقدر نقول إنها كسرت الدنيا، لكنه مثال لفيلم بيمشي على الطريق المألوف، وبالرغم من كده، فيه شوية لحظات حقيقية، فيها وجع أنثوي صامت، وفيها صراع بين إنك تحب… وتنتقم. لو هتسألني: "أنصح أشوفه؟" هقولك: شوفه… بس مش علشان تتفاجئ، شوفه علشان تفهم ليه الحكاية دي اتقالت ألف مرة، وليه لسه بنرجع لها كل شوية. وده بالضبط اللي بيخلي الواحد يتوقف قدام ليال مش كفيلم، لكن كـ"كولاج سينمائي" من شغل حسن الإمام القديم. هو مش بيعيد تقديم نفسه، لأ، هو بيقص ويلزق من نفسه... من أفلامه الأقدم، من مشاهد كانت ضاربة زمان، ومن أي شيء يقدر يشحن به القصة عاطفيا، حتى لو ماكانش ليه علاقة حقيقية بالزمن أو السياق. يعني المشهد بتاع شفيق جلال والطربوش؟ كأنك فجأة رجعت لـ"لخلي بالك من زوزو"، أو لجو "الكروان له شفايف"، والمشكلة مش في المشهد نفسه، المشكلة في إنك بتسأل: **"هو ده فيلم سنة 1982 ولا سنة سبعين؟"** ليه لسه الطربوش موجود؟ ليه الصوت المسرحي القديم، ليه الزخرفة المبالغ فيها في الحوار؟ هو حسن الإمام شايف الزمن وقف عند مرحلة معينة، وبيصر يشدنا ليها… غصب عننا. واحدة من النقاط اللي بتخلي الفيلم أبطأ من اللازم هي الأغاني، سهير رمزي غنت أكتر من مرة، بصوتها، والحقيقة؟ الأغاني دي ما كانتش بتضيف أي حاجة للأحداث، هي مجرد حشو، تطويل علشان الفيلم يوصل لساعة ونص، أو يمكن علشان نحس إن "ليال" بقت مطربة كمان، مش بس راقصة. بس المشكلة إن الأغاني كانت بتوقف الإيقاع، بتقطع تسلسل المشاعر، ومابتضيفش لا للشخصية ولا للحبكة. يعني أنت بتسمعها ومش عارف… ليه؟ والنتيجة في النهاية إن فيلم ليال بقى غريب التكوين — بيتقال فيه كلام من الخمسينات، بيتصور بلغة السبعينات، وبيتعرض لجمهور في الثمانينات! يعني كأنك بتاكل أكلة معمولة من ثلاث وصفات من قرون مختلفة، والمطبخ بيغلي، بس الطعم مش راكب.