أراء حرة: فيلم - الطائرة المفقودة - 1984


الطائرة المفقودة: محاولة جريئة تتحدى الإمكانيات وتختبر الخيال

من العبث أن نحكم على فيلم من عنوانه فقط — وهذا الخطأ وقعتُ فيه عندما قررت مسبقًا أن فيلم "الطائرة المفقودة" للمخرج أحمد النحاس، هو عمل دون المستوى. تخيلت أنه محاولة مصرية باهتة لتقليد سينما الكوارث الأمريكية، خاصة في ظل ضعف الإمكانيات الإنتاجية المعروفة عن السينما المصرية. لكن... ما إن بدأت مشاهدة الفيلم، حتى تغير حكمي كليًا. اكتشفت أن هذا الفيلم يحمل في طياته محاولة سينمائية شجاعة وجادة لتقديم شكل جديد من أفلام الكوارث، برؤية مصرية خالصة، تعتمد على الدراما النفسية والتوتر الجماعي لا على...اقرأ المزيد المؤثرات البصرية الضخمة فقط. تدور أحداث الفيلم حول سقوط طائرة مدنية وسط الصحراء، ووقوع ركابها وطاقمها في مواجهة الموت المحقق بعد أن حطت بهم الطائرة في منطقة مليئة بـ"الرمال المتحركة". وبين محاولات النجاة والتكاتف من أجل البقاء، يعرض الفيلم مشاعر اليأس والأمل والتضامن البشري في أوقات الخطر، بأسلوب تصاعدي يشد الأنفاس. ورغم أن المؤثرات البصرية شابتها بعض المبالغات — مثل مشهد ابتلاع الرمال المتحركة للأشخاص في ثوانٍ معدودة، وهو أمر غير منطقي علميًا — إلا أن المخرج أحمد النحاس نجح في الحفاظ على الإيقاع المشوق للفيلم، مستعينًا بمؤثرات صوتية فعالة، وبأداء تمثيلي جيد أغلب الوقت. غير أن بعض التفاصيل أضعفت من واقعية الفيلم، مثل ديكور الطائرة الذي بدا أقرب إلى "مطبخ شقة" منه إلى مقصورة طائرة مدنية، في واحدة من أكثر نقاط ضعف الفيلم وضوحًا. وكذلك الحوار غير المقنع أحيانًا، مثل جملة الكابتن للمضيفة: "قولي للركاب إن الشاي على حسابي!" — وهي جملة أقرب للنكتة منها إلى الحوار الواقعي في لحظة طارئة! ورغم هذه الملاحظات، يجب الاعتراف بأن الفيلم يُحسب له جرأة الطرح وسط ظروف إنتاجية صعبة. فقد أراد المخرج أن يُدخل السينما المصرية إلى منطقة لم تُجرب كثيرًا — أفلام الكوارث والنجاة — وفعليًا، قدم خطوة أولى تستحق الاحترام والتقدير، حتى وإن لم تكن خالية من العيوب.