أراء حرة: فيلم - احكي يا شهرزاد - 2009


نقطة تماس بين يسرى نصرالله والجمهور

أحب منذ صغرى أفلام يسرى نصرالله رغم انى لا أفهمها دائما, ولكن هناك شىء ما فى أسلوبه / اختيار كادراته / حركة الممثلين , شىء ما غامض فاتن يجعلك تجلش مجذوبا تشاهد الفيلم وتراقب الحوار حتى وإن لم تفهم الكثير. حدث هذا معى فى (سرقات صيفية) و (مرسيدس) و(باب الشمس) الجزء الأول فقط. فى (جنينة الأسماك) شاهدت كارثة سيريالية شاذة للجمهور المصرى على الرغم من أن الفيلم لاقى استحسانا كبيرا فى فرنسا وبعض الدول الأوروبية الأخرى إلا أن الجمهور فى مصر لم يتقبله وانصرف عنه بل وسخر منه. شعرت وقتها بالأسف لهذا المخرج...اقرأ المزيد الموهوب الذى يستنزف موهبته فى مخاطبة طبقة معينة نخبوية إلى حد ما فى وقت نحتاج فيه كل مبدعينا أن ينبشوا ويخترقوا صميم هذا الشعب بمساؤه ومشكلاته وهمومه. لذا كنت انتظر بمزيد من الشغف التعاون الأول (والذى اتعشم ألا يكون الأخير) بين (يسرى نصرالله) النخبوى وبين الكاتب الذى أحب أن أصفه بالكاتب الشعبى (وحيد حامد), وتساءلت كما تساءل الكثيرون: كيف سيلتقيا؟ كيف لمن صنع أفلام من طراز (اللعب مع الكبار) و(المنسى) والتى تتحدث عن نخاع هذا الشعب أن يلتقى مع سيريالية وجموح وجنون (يسرى نصرالله)؟ وجاءت النتيجة فوق التوقعات.. فيلم (احكى ياشهرزاد) هو مزيج فريد ليس من السهل تكراره بين الحدوتة الشعبية البسيطة التى يمكن لأى شخص أن يتفاعل معها مهما كانت ثقافته, ممزوجة مع صبغة تأملية متمهلة تحمل بصمة (يسرى) تدرك معها أن الموضوع ليس بسيطا كما يبدو وانما هناك من يريدك أن تفكر وتدقق معه فى كل شىء تشاهده حتى وإن كان نظرة أو لمسة أو رجفة. خالف (يسرى نصرالله) توقعات الكثيرين واستطاع أن يصل إلى شريحة عريضة من الجمهور هذه المرة ولكن دون أن يتخلى عن منهجه أو طريقته (وهذا صعب). استطاع أن يتشرب أفكار (وحيد حامد) ويمضغها جيدا ثم يصوغها فى قالب يحمل طابعه وبصمته, حيث يمكن لمن أحب (يسرى) فى أفلامه الجامحة الأولى أن يضم هذا الفيلم إلى مجموعته بلا عناء. هذا نصر فريد ل(يسرى نصرالله) أتمنى أن يتمسك به ولا يتنازل عنه فى أفلامه المقبلة كما إنها اضافة جميلة لسينما (وحيد حامد) والتى تنحاز دائما للبسطاء ومعدومى الحيلة. بالنسبة للتمثيل: منى زكى كانت فى أوج تألقها التمثيلى وقدمت دورا رفيع المستوى (اعتقد إنها بداية مرحلة جديدة لها كما كان (غروب وشروق) بالنسبة ل(سعاد حسنى). حسن الرداد ذو حضور جيد جدا على الشاشة ولكن بالطبع تنقصه الخبرة (أول ظهور سينمائى له).الشاب الأسمر فى حكاية الثلاث بنات كان طبيعيا ومتمكنا. الثلاث بنات نفسهن قدمن أدوارا لا تشعر معها انهن يمثلن (هذا مدح وليس ذم). محمود حميدة عبقرى كالعادة. الطبيبة فى الحكاية الثالثة جيدة. الحقيقة أن التمثيل كله كان فوق الممتاز ويعود الفضل فى هذا -طبعا- إلى موهبة (يسرى نصرالله). فى انتظار الفيلم القادم يا (يسرى).


شاهدت لك: احكى يا شهرزاد

وحيد حامد المؤلف..يعنى انه فيلم يستحق المشاهدة.. رغم كل شئ.. ده مبدائيا.. مش علشان تأليفه بس.. لكن علشان يستحق المشاهدة..لكن مشاهدته هذه ايضا ليست مكسبا كبيرا رغم كل شئ! (و خصوصا للجنس الخشن). و مبدائيا برضه نقدر نقول ان اصحاب فيلم (إحكى يا شهرزاد) إختاروا عنوانا غبيا و قديما و بلا طعم و غير تجارى بالمرة و من انماط عناوين أفلام اوائل السبعينيات..و هى طريقة العناوين المبهمة جدا و التى لها 2000 معنى مثلا..و هى التى كانت تستفز و تستنفر قراء رويات إحسان عبد القدوس..زماااان.. فى...اقرأ المزيد هذا الفيلم..إذ فجاة..ادركت منى زكى..انها إمرأة!.. انها واحدة "سنت"!.. اذ ربما حتى سنة 2007 فى فيلم تيمور و شفيقة كانت تعتقد انها طفلة او صبية صغيرة..لا أعلم! هل احست بالغيرة من منة شلبى و درة مثلا حاليا؟ ام من سهير رمزى و ميرفت امين زمان؟ و لا عايزة تقول..انا لما احب اكون ساخنة..هابقى سااااخنة..و هاموتكم! ماشى..اسخنى زى ما انتى عايزة يا ختى..شاطرة! و زى ما دايما ما بنقول..هانقطع الشك باليقين و الشورت فى البيسين فى "نفس ذات الوقت"!..و هانقول بكل صراحة..أن المشاهد الغير نظيفة..او "الملوثة" (علشان بس بدعة السينما النظيفة (سينما هنيدى – ولى الدين – احمد عيد – احمد حلمى إخوان (ممثلون و و مونلوجستات و مهرجون)) كلها من نصيب 3 ممثلات ناشئات لا يمتون للجمال بصلة!..فسلامة نظرك يا سيد المعلمين..مافيش اى عكارة جت فى عينيك الطاهرتين!!!..دول بنات كومبارس ذوى اوزان ثقيلة و بشرة سمراء داكنة او نحافة عجفاء..لاء و اية..بيئة بيئة يعنى! مشاهد منى زكى يعنى حرام يتقال عليها انها خادشة للحياء..يعنى هى ساخنة شوية صغيرة..بس مش للدرجة..يعنى فيه كتير زى حالاتى مش شايفينها فيها حاجة "اوفر" يعنى..هى بس جديدة على الكادرات المعتادة منى و حنان و حلا و منة فضالى و كدة..(ادوار مدرسات الحضانة و ربات المنزل يعنى!) فطلع من دماغك فكرة التنضيف و النضافة دى بقى! (لو انت من النوع المتحفظ قوى يعنى و نفسك تتفرج..روح الفيلم (رجال مع بعضهم او بنات مع بعضهن)..علشان الاحراج! محمد رمضان..(سعيد الخفيف) ادى دوره بجدارة و مهارة..و يستحق الشهادة..محمد فريد..هو نصف ممثل اصلا..و حلو ان جاله دور فى حياته قبل ما "يخلع" علشان يمثل فيه (أخيرا!!)..آخر مرة مثل فيها بجد..كانت فى ليالى الحلمية – الجزء الخامس! (الصراحة واجبة! ) حسين الرداد..عايز يقول المنتجين..لو احمد عز و هانى سلامة غاليين عليكم و بيتنططوا..فيا حج سبكى و يا معلم كامل ابو على و يا باشمهندس هانى جرجس فوزى..انا جاهز! و هاعمل لكم فيها قرد..! الراجل بجانب منى زكى..كمثل ماجد المصرى بجوار شادية مثلا..شتان الفرق بين القامتين..و ربما هو الذى هبط بمنى زكى بدل ما تصعد هى به! مشاهد الرومانسية اللى فى الفيلم دى يا جماعة تناسب الاجواء الاوربية و الامريكية اكثر..و لا يهضمها المشاهد المصرى و العربى العادى..او بمعنى اصح..المشاهد الجميل اللذيذ"الروش" "البلدى" "الشعبى" بتاعنا!..الا لو افنى سنين عمره فى مشاهدة افلام رومانسية اجنبية و قراءة اشعار و رويات.. بص لأفعال الحب فى فيلم (الساحر) مثلا (منطقية جدا و مصرية بصحيح!) و شوفها هنا! (يعنى هى هنا تناسب بالأكثر كيت وينسليت و جونى ديب أكثر من منى و سحس!) و ماتقوليش الحب هو الحب..لا يا حبيبى..طرق التعبير عنه تختلف من ثقافة لثقافة! التصوير بقى..جااااامد آخر حاجة..سمير بهزان..ساحر..فنان بجد..الكادرات لوحات فنية..الراجل ده تحس انه ياما دارس فى امريكا او ممكن تحس انه كان بيشتغل مصور فى اوروبا مثلا.. الراجل ده لو اشتغل فى وكالة اعلانات هايكتسح الجميع..بجد برافو..انا اديله 9 و نص من عشرة.. محمود حميدة..الراجل عامل لك فيها الثعلب العجوز..و محسسك انه الوريث الشرعى لرشدى اباظة مثلا..لاء و مصدق!..ثقل ظل غير عادى..و على فكرة عايز يحط نفسه فى مكانة مايستحقهاااااش بالمرة..واضح جدا انه اصيب بما يسمى بـ"لعنة يوسف شاهين"..إفففففف جدا! وقع المخرج يسرى نصر الله وقع فى فخ غبى بجد..عندما تجاهل التصوير السينمائى لانفعالات طبيبة الاسنان و اكتفى بنقل صورتها من المونيتور خلف منى زكى (اثناء تسجيل البرنامج التلفزيونى فى الفيلم) و هى تستمع لها فى بلاهة و فكها يتدلى لأسفل..صباح الهبل يا ماعة!..حط الكاميرا على وشها يا عم يسرى!..هانعمل ايه بمنى زكى؟ هو مين الراوى؟ منى و لا الدكتورة؟ ده مونيتور ابيض و اسود و مش واضح!!!..يا راجل حرام عليك!..هو انت بتتجاهل الفعل..و بتسجل رد الفعل؟؟؟!!! ده ايه ده؟ المفارقات الطبقية فى دائرة درامية واحدة (خصوصا فى المظاهر الاقتصادية) هى احدى اساليب وحيد حامد المعروفة جيدا..غير انها ليست هكذا!!! مش قوى كدة يعنى بصراحة..الا فيما ندر..يعنى مثلا واحدة بتشتغل فى اقوى محلات عطور سيتى ستارز مول و فى قمة الشياكة و النضافة و الحنتفة و كمان الكلاس لازم تبقى بقى ساكنة وسط حى الزبالين؟! ليه يعنى؟ ماتخليها فى محل كبير فى مصر الجديدة و ساكنة فى حى فقير..لاء..سيتى ستارز..و حى الزبالين!! ..مفيش وسط..وحيد حامد بقى.. ماهو جذاب و "مهضوم" فى القصص الروائية ليس هكذا فى السينما..بجد! احمد فؤاد سليم جاى يملأ وقت..آه..من الآخر..او ياكل عيش..او جاى يتسلى..كدة..آه..يعنى مش عارف ايه لازمته!..يعنى هو مين و فين و ليه؟ و اشمعنى؟ و ضرورى يعنى؟ و لا مجرد مزيد من "التقطيم" على المصريين!!!..طيب ليه؟ لن تعرف!..طيب مانجيب حد تانى.. لاء..! أحمد فؤاد سليم!..هو يوسف شاهين موصيك عليه؟! وكله كوم..و مبنى الجريدة كوم تانى!..الديكورات الداخلية فى قمة البذخ و الرفاهية..و بعدها بيطل على العشوائيات و مبانى معفنة جدا..هو ده موجود فى مركز التجارة العالمى فى بولاق ابو العلا فعلا..لكن هل كل المبانى كدة؟ طيب اندهشنا و هزينا دماغنا..و بعدين؟..الفيلم ماشى فى وتيرة واحدة..معزوفة واحدة..الرجال يقهرون المرأة بكل الاشكال.. بكل لون.. فى الفقر..و فى الغنى.. فى الصحة و المرض.. فى السراء و الضراء.. يا قهرتى!! الفيلم رسالته انه يجعلك تتصعب على احوالنا..تتحسر..تمصمص شفايفك..تهز دماغك فى اسف..طول الفيلم..تنتهد..و تمصمص شفايفك..و تهز دماغك فى اسف..و تفضل تهز..هز كمان..كمان هز..تانى..اتصعب بقى شوية..حبة تنهيد..و ترجع تمصمص شفايفك..طيب و ايه اخرتها؟ نموت من الحسرة مثلا؟ يا عم المشاهد خش الفيلم و اتحسر على مصر و النساء فى مصر لو عايز..حسرة حسرة يعنى.. إف! لازم يجيب لك..بيت فى قمة الفخامة و الرفاهية..و ناس مش جايلها نوم.. اكل شهى جدا و غالى غالى جدا..و ناس نفسها مسدودة جدا.. قصة رائعة..و فيلم يتشاهد مرة واحدة فقط.. و اذا وقع نظرك عليه ثانية ستشيح بنظرك بعيدا.. ستسمع الجملة التالية عند عرضه على الفضائيات..هذا العام..واخد بالك..هذا العام .. "اقلب..إقلب..إقلب..بلا هم!" فيلم سيعجب الغالبية العظمى من النساء..لانة يظهر الوحش السادى و مصاص الدماء الرهيب و الغول المرعب و الشيطان المريد اللى اسمه..الراجل!!! هو ليس فيلما داكنا زى افلام خالد يوسف..يس برضه مليان هموم و مشاكل و حسرة! النتيجة النهائية:6.5 من 10


احكي يا شهرزاد ... لقاء السحاب

• ملاحظات عامة : o دخلت الفيلم لأرى كيف ستكون المبارزة بين مخرج أراه التلميذ النجيب الوحيد في مدرسة يوسف شاهين و بين المؤلف الأكثر إبداعا في السينما المصرية في العشرين سنة الأخيرة و هل سيتميز أحدهما أو هل يفرض أحدهما شخصيته على الفيلم ؟ ..ففوجئت بالرد .. لم تكن مبارزة بل كان تناغما مبدعا و صل إلي درجة خيالية في بعض مشاهد الفيلم خاصة المشاهد التي تجمع المذيعة هبه يونس بزوجها في نهاية كل حدوتة من الثلاث حواديت . o وحيد حامد يواصل إبداعاته بعد \"الإرهاب و الكباب\" و \"المنسي\" و \"معالي...اقرأ المزيد الوزير\" و اضحك الصورة تطلع حلوة \" و \" النوم في العسل \" يأتي بـ \" احكي يا شهرزاد\" .. البداية كانت بالاسم الرائع للفيلم و كأنه يقول أن الماضي كان على شهرزاد أن تتوقف عن الكلام أما الآن فيكفي هذا لابد أن تتكلم ، و شهرزاد هنا ليس المقصود بها المرأة كما يظهر للوهلة الأولى و لكنه يقصد بها كل المتعرضين للقهر بكل أنواعه و هنا يتمثل بالقرءان حيث اسم السورة التي تتحدث عن الضعفاء في المجتمع من الأيتام إلي المرأة إلي الأقليات و هي سورة \" النساء\" .. فاختار هو أيضا أن يكون الاسم لشهرزاد حين يتحدث عن القهر ، و لكن ليس فقط الاسم فقد جعل المرأة في الفيلم هي ضحية هذا القهر و قد كان من الممكن في كل الحواديت أن يستبدل المرأة بالرجل و لكنه اختار المرأة ليوصل الرسالة بشكل معين. . o يسري نصر الله المخرج الأروع حاليا في مصر .. مخرج صاحب رؤية فعلا... يهتم بكل التفاصيل بشكل مبهر ( انظر مثلا لأظافر الشاب في الحدوتة الثانية ) ، و حركات الكاميرا معبرة عن الحالة الذي يريد إيصالها و كأن الكاميرا مربوطة بمخه يحركها كيفما يشاء ( انظر مثلا لحركة الكاميرا لتظهر صورة هبه يونس على الشاشة الكبيرة خلف السيدة في الحدوتة الثالثة و كأنها ترى نفسها في هذه السيدة و كأنه يشرح للناس و بكل إبداع لماذا كل هذا الغضب على وجه المذيعة في هذه الحدوتة بالذات ) و حركات الممثلين أيضا توضح أن هناك قائد محنك لهذا العمل يعرف تماما ماذا يريد أن يفعل .باختصار ليس هناك شيء بالصدفة أو عشوائي أو بعيد أو غريب عن رؤيته للفيلم. o موسيقى تامر كروان رائعة فعلا و لكن يعيب الفيلم أنها لم تستخدم إلا قليلا .. كان يجب أن تكون في مساحات أكبر لتخفف قليلا من حدة العمل و تزيد قليلا من الشجن العاطفي. o أداء الممثلين كان رائعا و لكن للحقيقة فإن تمكن المخرج و المؤلف طغى على كل شيء و لكنهم أدوا أدوارهم بالشكل المطلوب و بكل بساطة و بدون مبالغات لا داعي لها و أعتقد أن المخرج لم يكن ليسمح بهذا ، و لكن الملفت للنظر هو هذه السيدة التي قامت بدور السجانة في الحدوتة الثانية و التي ظهرت في مشهد لا يتعدى الدقيقة الواحدة ، فهده السيدة إما أنها فعلا تعاني من مشكلة حقيقة أو أنها تستحق الأوسكار على هذا المشهد . o يعيب الفيلم فقط بعض التطويل القليل في الحدوتة الثانية و أقل منه في الثالثة و يشترك المؤلف و المخرج في هذا. • التفاصيل : o الفيلم بشكل عام يعد قريب في الفكرة من فيلم الفانتازيا \" النوم في العسل \" .. و هي صرخة من المؤلف للمجتمع بأن يرفض ما يتعرض له على الأقل حتى بالكلام ..و لكن عبقرية هذا الفيلم أنه جاء بقصص واقعية تحدث أمام الجميع و الكل مشترك سواء قاهر أو مقهور و أحيانا الحالتين في نفس الوقت. o الإطار العام للفيلم هو القهر الذي تتعرض له هبه يونس من زوجها و الذي بدوره يتعرض لقهر سياسي ليحصل على منصب رئيس تحرير في جريدة قومية ..و نرى في البداية قهره له عن طريق الضغط عليها لتغيير خط سير برنامجها من برنامج سياسي لبرنامج اجتماعي ليرضي الحزب الحاكم، ثم يواصل قهره لها طوال الفيلم بل و يرتبط هذا القهر و طريقته و نوعه و حواره بكل حدوتة تعرضها في برنامجها بعبقرية شديدة من المؤلف حتى نصل إلي الذروة في نهاية الفيلم بضربه لها و قراراها بأن تحكي هي الأخرى مأساتها. o الحدوتة الأولى تبدأ قبل ظهور بطلتها سوسن بدر ، تبدأ في المترو عندما تركب هبه يونس مع سلمى حايك المصرية فتحاط بنظرات استهجان من كل الراكبات لأنها ليست محجبة فتعطيها صديقتها قطعة قماش لتضعها على رأسها لتتخلص من نظرات الناس و الغريب أنها بالفعل تخلصت من هذه النظرات على الرغم من غرابة باقي ملابسها و المتناقضة تماما مع حجابها ، و كأن المؤلف يعلن قبل بداية الحدوتة أنه سيتكلم عن قهر المجتمع عندما نصب كل شخص نفسه حكم على أفعال غيره و الغريب أنه يحكم و فقط من المظهر ، ثم كان الجزء الأول من الحدوتة الأولى و التي تتحدث عن امرأة كانت باهرة الجمال تتكلم أكثر من لغة و متفوقة في عملها و لكنها رفضت كل من حاولوا الزواج منها و السبب يظهر على لسانها في أكثر من جملة \" من 17 لـ 27 كانوا بيتقدمولي كتير ، بس مش فاهمه إزاي واحد يشوفني خمس دقايق و يجي يقولي تتجوزيني ؟ ، و من 27 لـ 37 قالوا إزاي واحدة بالجمال ده و متجوزشي لحد دلوقتي .. أكيد معيوبة \"لتعلن ضمنيا أن السبب الأول لرفضها الزواج كان لرفضها أن تتعرض لهذا القهر .. قهر الحكم بالمظهر. أما الجزء الثاني من الحدوتة كان عندما وافقت أن تجلس مع أحد من تقدموا لها ليتفاهموا حول خطوات الزواج فإذا به يملي عليها شروطه بداية من لبس الحجاب و انتهاء بمشاركتها في مرتبها ، و كان الرد الصاعق \" و قدام كل ده هتقدملي إيه ؟؟ \" فكان رد الرجل بأنه سيكون زوجها في إيحاء بأنه سيقدم لها الجنس ..، و هذا الجزء من هذه الحدوتة هو الجزء الخاص فقط بالأنثى في هذا الفيلم ( و هو جزء محشور في هذه الحدوتة و كان من الممكن الاستغناء عنه و لكن لا بأس به فلم نشعر بنشازه ) حيث تعلن الأنثى و بشكل شديد الوضوح أن الجنس أبدأ لم يكن على رأس أولوياتها و أنه قليل جدا أمام ما تقدمه و أنه أيضا مرضي للطرفين و ليس لها فقط كما يظن الرجال ..قالتها بطلة الحدوتة في حوارها مع هبه عندما قالت \" أحيانا باداعب نفسي أو في الأحلام \" يعني ممكن تستغني عن الرجل في هذا الموضوع لو اضطرت لهذا ،و أيضا قالتها هبه في حوارها مع زوجها عقب نهاية هذه الحدوتة مباشرة ، و كأن شهرزاد تصرخ يا رجال الحب و المعاملة كإنسان هو ما نبحث عنه و ليس الجنس ، و نعود للجزء الأول من الحدوتة حيث ذهبت بطلة الحدوتة لدار مسنين لتعمل بها حيث لا أحد يتدخل في حياة الآخر و لا يحكم على الآخر و حيث الحب و التناغم و كما قالت و هي تصف الدار \" هنا كل واحد بيعزف معزوفته بس في الآخر فيه تناغم \" و كأن المؤلف يطلب على لسانها أن يكون هذا هو حال المجتمع. o الحدوتة الثانية تتحدث عن نوع آخر من القهر الاجتماعي و هو القسوة الشديدة التي يتعامل بها المجتمع مع المخطئ ، حيث تحكي القصة عن ثلاثة أخوات تعرضوا لظروف قاسية بوفاة أبيهم و استغلال عمهم المدمن لهم حتى تخلصوا منه و وقعوا في براثن الشاب الذي يعمل في المحل الذي ورثوه عن أبيهم فأقام مع الثلاثة علاقة و هو يوهم كل واحدة منهم أنه سيتزوجها حتى يكتشفوا ما يفعله فتقوم الأخت الكبرى بقتله و حرقه ، الكل مخطئ في هذه الحدوتة العم و الشاب و الثلاثة أخوات و المؤلف لم يحاول أن يبرر ما فعلوه و هو حتى لم يحاول أن يخفف من فظاعة فعلتهم و لكنه يتحدث عن مخطئ تحمل بكل شجاعة نتيجة خطأه و دفع الثمن و الآن يحاول أن يستعيد إنسانيته لماذا كل هذه القسوة في التعامل معه ، حتى هبه يونس أثناء الحوار مع بطلة الحدوتة قست عليها بشكل سيء ..و الحدوتة بدأت بمحاولة إقناع هبه يونس لبطلة الحدوتة بالظهور معها في البرنامج فتطلب في مقابل ذلك علاج سجانتها السابقة في السجن و التي تقوم على رعايتها ليعلن المؤلف للجميع أن هذه السيدة تحاول استعادة إنسانيتها فأرجوكم ساعدوها على هذا بدلا من أن تقهروها و تظهر مرة أخرى هذه الرسالة بوضوح في حوار هبه يونس مع زوجها بعد نهاية الحدوتة. o الحدوتة الثالثة و الأخيرة و الأصلية في نفس الوقت و التي بدأت مع بداية الفيلم ثم مهد لها في حوار هبه مع زوجها عقب نهاية الحدوتة الثانية عندما هاجمها زاعما أنها عادت في برنامجها للسياسة \" ما هو كله سياسة ، المجتمع اللي يطلع الوساخة دي ما هو متأثر بنظام سياسي هو السبب .. كله سياسة \" و لذلك قررت أن تكون الحدوتة الثالثة عن القهر السياسي و هي قصتها في الأساس و إن انعكست على أبطال آخرين ، و الحدوتة تحكي عن طبيبة أسنان جميلة من أسرة عريقة محترمة تقع في براثن اقتصادي شهير يقوم بالنصب عليها و لكنها تتخلص منه في المحكمة و تتخلص أيضا من جنينها لأنها لا تريد أن تحمل منه و لكنها في نهاية القصة تفاجئ باختياره وزير فتحمل يافطة و تذهب أمام مجلس الوزراء لتسأل عن معيار اختيارهم \" لنضافتهم أم .... \" ، و كما نرى هنا فالسيدة لم تقهر تماما فقد حصلت على كل حقوقها و لكن المجتمع كله هو الذي قهر باختيار مثل هذا الوزير و كأنه يعود إلي بداية القصة و طريقة و معايير اختيار رئيس التحرير للجريدة القومية التي يعمل بها زوج هبه و كما تقول لزوجها بعد أن يفقد المنصب \" إذا كنت انت رقاص ففيه رقاصين تانين كتير أحسن منك \" و كأنه يعلن أن هذا هو معيار الاختيار و الترقي في هذا النظام السياسي و الذي أدى إلي نظام مجتمعي فاسد مسئول عما حدث في الحدوتتين الأولى و الثانية و لذلك كانت هبه في منتهى الغضب و هي تستمع للسيدة و كأنها تتحدث عنها هي و بالفعل نرى انعكاس الحلقة على هبه فورا وكأن المؤلف يريد أن يعلن في النهاية أن النظام السياسي الفاسد هو السبب في كل هذا القهر في المجتمع.


نهاية الصباح و بداية المساء

الفيلم عبارة عن سرد طويل يبدأ بدافع يفتح الباب للمذيعة هبه يونس (منى زكي) لترى صور من المعاناة التي تعرضت لها نساء من مختلف الطبقات الاجتماعية من الجنس الآخر ومن ظروف وأزمات البلاد أيضا . أربع قصص بما فيها قصة هبه يونس التي تتوالي بالظهور بين الحين والآخر مع زوجها كريم يلعب دوره الفنان (حسن الرداد) المخرج يسري نصرالله أبدع في تصوير لغة الجسد باعتدال على النقيض مما فعله المخرج محمد جمعه في فيلم أحلام حقيقيه مما غاظني الشاب الذي يعمل جرسون في أحد الكافتيريات على النيل وهو يحاول الاقتراب في...اقرأ المزيد كادر التصوير ويقول ل هبه يونس (بالهنا والشفا) , يبدو أن المخرج هو من وجه له هذا التصرف مما أعجبت به الموسيقى الجميلة التي صنعها الموسيقار تامر كروان في بداية ونهاية الفيلم