في ليله شتائيه وثلجيه بارده,عرضت محطه روتانا افلام الفيلم العربي القديم (خياط السيدات) بطوله شاديه ودريد لحام ونهاد قلعي وعدد من نجوم الشاشه السوريه في الستينات,حيث قام عاطف سالم باخراج الفيلم عام 1969. وتعبتبر مشاركه شاديه/التي اعتزلت الفن منذ سنوات الاولى لها في السينما السوريه . الفيلم اعادنا الى طبيعه الافلام السينمائيه التي حملت الافكار التقليديه والمنسجمه حقبه الستينات من القرن الماضي .واعتمد الفيلم في احداثه على المفارقات بين نجمي الكوميديا دريد لحام ونهاد قلعي,من الهدوء والعذوبه التي...اقرأ المزيد كانت تتمتع بهما الفنانه شاديه والتي تعد من ابرز المطربات اللواتي نجحن في السينما والتمثيل اضافه الى نجاحها كمطربه من الصف الاول. والطريف والغريب ان شاديه قامت بالفيلم بدور (أم) لعده اطفال,وهي محرومه من الانجاب,وقدمت دور الام بسلاسه وحب كبيرين. (خياط السيدات) انتج من قبل شركه (دمشق للسينما) وباكوره انتاج عازف القانون الشهير امين الخياط واخراج المصري عاطف سالم,عن قصه نهاد قلعي وسيناريو وحوار يوسف عوف.بمشاركه عدد من الفنانين السوريين الراحلين مثل زياد مولوي(عبدو)واحمد عداس وفهد كعيكاتي المعروف بشخصيه (ابو فهمي)والفنانه الراحله صبا المحمودي المعروفه بشخصيه (صبريه خانوم). وهذا الفيلم سبق وان شاهدناه ونحن اطفال,وفي كل مره نكتشف شيئا جديدا اثناء المشاهده الجديده.حيث نسمع في الفيلم لهجات سوريه مصريه ولبنانيه غير مبرره دراميا,الا انها تخدم تسويق العربي للفيلم.وهذا لايقلل من قيمه الطرح الفكري الذي يقدمه كتعبير عن روح الستينات ومطلع السبعينات وما رافقهما من انفتاح فكري واجتماعي وسياسي تأثرت به معظم الدول العربيه شأنها شان كافه الدول العالم. (صابر) يحكي الفيلم حكايه صابر (نهاد قلعي) الخياط المتخصص بالتفصيل الكلاسيكي الحصري للرجال والذي يرفض رفضا قاطعا ان يخيط للسيدات من باب الكراهيه مفهوم الموضه والعيب والحشمه وغيره, والرافض عموما اشكال التطوير والتحديث رغم انه يعاني من عسر مادي شديد وعدم مقدرته على اعاله اسرته من 6 اطفال وامهم (شاديه) المنفتحه فكريا والتي تحاول بطريقتها الانثويه الرقيقه اقناع زوجها بضروره الكف عن انجاب المزيد من الاطفال ,فلا تلقى منه الا المزيد من العناد والرفض والافكار الباليه القديمه.امام هذه الحاله الصعبه تبتدئ الزوجه بالتعبير بكتابه عن افكارها,وسرعان ماتجد هذه الكتابات طريقها الى النشر من دون اسم كاتبتها ,لتلقى كتابتها التي تركز عى افكار تتحدث عن اهميه النسل وضروره عمل المراة وافكار تقدميه اخرى انتشارا واسعا,وتحقق كاتبتها دخلا ماديا جيدا تحاول مساعده اسرتها به.حين يكتشف الزوج ان زوجته هي الكاتبه وانها تعمل سرا دون علمه يجن جنونه وينفصلان ليبتدئ بمعاناته وحيدا في القيام باعباء المنزليه وخدمه اطفاله والاحساس بالعبئ والارهاق الذي كانت تعاني منه زوجته في خدمه الاسره الكبيره.الى ان يأتي الحدث الدرامي الفاصل الذي يدفعه للخياطه لسيدات,ومن ثم الشهره الواسعه والدخل المادي الكبير,واقتناعه بما تقوم به زوجته من عمل محترم وتقبله بعد حين للتغيير والتحديث على اسس صحيحه تحترم وتوازن بين هذا التحديث والعادات والاعراف الاجتماعيه الكلاسيكيه. (جماليات الشام) روعه الفيلم القديم انه يمكن اعتباره (وثيقه تاريخيه هامه)بجماليات دمشق المدهشه والنظيفه وغير المزدحمه,دون ان تتجنب اسى يعتريك وانت ترى البيئه الخضراء العامره والنضره في حدائق دمشق وضواحيها (مناظر رحله القطار للزبداني).اضافه الى مظاهر تحرر المترافقه بأناقه حقيقيه للملابس النسائيه,وبساطه العلاقات بين الشباب والتعرض للشباب (الضائع),ففكره مثل تحديد النسل مثلا ,تسعى معظم الحكومات العربيه الى تطبيقها عمليا,وصولا الى مفهوم الاسره العصريه الصغيره.كما يتناول الفيلم مشكله (العيب) في عمل المرأه التي كانت سائده في ذلك الحين. كما يتعرض الفيلم لمشكله الفنان التشكيلي التي يؤدي شخصيته الفنان دريد لحام ,المتمسك بمبادئه بينما الاخرون والجاهلون من اصحاب المحال والنقاد يرفضون رؤيته الفنيه ويطلبون صورا ورسومات لوجوه مباشره. ونجد الناقد الفني الذي يعجب برسمه خربشها ابناء شقيقة (غوار),ويرى الناقد انها لوحه فنيه مهمه.بينما يزدري باقي اللوحات ,وكذلك نجد الاشاره الى النموذج الذي يرسمه الفنان وهي الفتاة الجميله التي يتلصص عليها الرجل العجوز وهي تتمايل امام الفنان التشكيلي. سمه الافلام القديمه او بعضها ,انها تحمل رائحه الماضي,حيث الشوارع الهادئه وبساطه الجيران وابناء الحاره والحي,ورغم احساس بعض المشاهدين او النقاد بسذاجه مقاطع من الفيلم مقارنه بما هو الان ,الا ان سينما الزمن القديم لا تخلو من جماليات حتى ونحن نعلم بساطه الاحداث التي تقوم بها. ويكفي ان فيلم (خياط السيدات) قدم للشاشه والدراما العربيه نجوما احتلوا مساحات كبيره من التاريخ الفني مثل الفنانين دريد لحام ونهاد قلعي ومحمود جبر ونجاح حفيظ (فطوم) وقدمت شاديه روعه اضافيه للفيلم عندما انطلق صوتها في رحله القطار الى (الزبداني) بأغنيه (يا طيره طيري يا حمامه) مستذكره ابنائها بعد خلافها مع زوجها صابر او نهاد قلعي.