أراء حرة: فيلم - Fight Club - 1999


نادي القتال هو نادي يوجد في العقل الباطن لكل واحد منا !!

هذا الفيلم يحدد المعنى الحقيقي للإبداع،، و أي إبداع !! هذا الفيلم ستشاهده بعقلك و ليس بعينيك،، هذا الفيلم خاض في النفس البشرية لأبعد الحدود،، عندما يجتمع دافيد فينشر مع براد بيت و إدوارد نورتن فلا تنتظر أقل من تحفة سينمائية نادرة،،نادي القتال هو ناد لا يوجد في الحياة العادية أو في الشوارع بل يوجد في العقل الباطن لكل واحد منا،، هذا الفيلم من أروع الأفلام التي رأيتها في حياتي فيلم يبعث الحيرة و الرعب و الضحك و الاشمئزاز و الغموض في قالب واحد،، فيلم سيعبث بعقلك و يقدم لك المتعة و يفيدك في آن...اقرأ المزيد واحد،، براد بيت قدم أداء العمر في هذا الفيلم و أيضا العبقري ادوارد نورتن الذي قدم شخصية الراوي بشكل خرافي،، نصيحتي لمن لم يشاهد الفيلم هي أن لا تتوقع أبدا أحداث هذا الفيلم لأنك سوف تصدم بمفاجآت لا تخطر على بالك،، النهاية صادمة للغاية.. قدم لنا فينشر فيلم لن يمحى من ذاكرة السينما و يصعب أن يكون هنالك أي فيلم مشابه له..


"تايلر ديردن والترنُّح بين الواقع والخيال .."

أنتَ تعشق (تايلر ديردن).. مُتيّمٌ تماماً بفلسفته الحياتية الخاصة، حافظٌ لكلماته وإيمائاته بـ(نادي القتال) عن ظهر قلب، تنظر له كإنسان جيد، إنسانٌ يجب إتباع فلسفته و-ربما- نشرها بين عقليات البشر في ربوع الأرض.. تعتبره نموذج لمثلك الأعلى في الحياة، تعتبره شخص مُرشد ومعين لك في العالم المُتقلِّب، المجنون، و(المُصتَنَع) الذي نعيش في رحبه اليوم.. أو هكذا تظن نفسك تفعل. مشهد (1) | نهار داخلي | وحيداً في منزل الجدة النائمة. . أضع إفطاري على مائدة السفرة وبجانبه فنجان القهوة المعتاد، ألتقط هاتفي...اقرأ المزيد المحمول من نهاية المائدة وأختار من ضمن عشرات الأغنيات عليه أغنية بعنوان (Finding The Bomb) لأسمعها أثناء تناولي للأكل، التتابع الموسيقي الشهير لفيلمي المُفضل الذي أُحب أن أصفه لأحد أصدقائي أنه (شكَّلني) بطريقةٍ ما، المقطوعة التي أجدها مُلائمة جداً للحالة اللحظية الراهنة: الساعة الثامنة والنصف صباحاً.. وعندي إمتحانٌ في (معهد السينما) بعد ساعة ونصف من الآن !. أجلس لتناول فطوري بعد أن انتهيت للتو من مراجعة سؤال المعلومات العامة الذي يتمنى قلبي ألا يأتي من الأصل، ها هو قد جاء التتابع الإيقاعي المُفضل لي من المقطوعة، أنا سعيدٌ الآن.. (اللحظة أصبحت سايكوباتيّة وجامحة بإمتياز!) أقولها في نفسي وأنا أفكر أن هذه المقطوعة إذا ما كانت لتُسمَع، فيجب أن يحصُلَ هذا في قلب المعمعة وفي ذروة الحالات الشعورية المُتضاربة في المواقف الحياتية.. ليس هنا، وقتها (ليس مثالياً) الآن!.. أنظر في الساعة، خمسُ دقائقٌ مضت، كثيرٌ جداً على وجبة إفطارية خفيفة !، أقوم مُسرعاً لأُكمل أموري قبل الرحيل. مشهد (2) | نهار داخلي | لجنة الإمتحان/أحد فصول معهد السينما. . أنتظر في تلهُّف ورقة الإختبار التي تأخرت بضع دقائق.. فيما ستُسفر عن أسئلة وإلى أيُّ مدى ستكمن صعوبتها يا تُرَى؟، تأتي الورقة.. ألمح بنظرة خاطفة قبل تدوين إسمي عنوان فيلمي المفضل، أكاد لا أُصدّق !.. سؤالٌ عن الفيلم الذي ما زالت موسيقاه في ذهني؟!، أقرأ بتمعُّن السؤال الذي يبدأ بالإقتباس الشهير لتايلر ديردن (الأشياء التي تملكها في النهاية هي التي تملكك) قبل أن أجد إحدى حواجبي ترتفع عن الأخرى راسمةً الحيرة على وجهي بوصولي للكلمات الأخيرة للسؤال: (ضع العبارة في سياق درامي ملائم من وجهة نظرك يختلف عن سياقها الدرامي بالفيلم الأصلي من خلال معالجة سينمائية مبتكرة) !! .. تتبادر الإنطباعات الأوّلية كـ"بالتأكيد سأُبدع بالإجابة.. فأنا حافظ هذا الفيلم عن ظهر قلب".. أُعيد قراءة السؤال لأتفاجأ أن الأمر مُختلفٌ هذه المرة، سياقٌ ماذا؟!.. ياللهول !، أفكر قليلاً بضع دقائق في كينونة عبارة تايلر الفيلمية لأُذهَل أني لم أجد شيئاً آخر (مُلائماً) !!.. هل أعشق الفيلم لهذه الدرجة التي تمنعني من التفكير في صيغة أخرى لدراميّته؟!، تعاود ذاكرتي رصد شريط الفيلم سريعاً في ذهني لتضربني كلمات تايلر الأخرى في صميمي وسط بعثرة الأفكار في رأسي.. (أنت نفس المادة العضوية المتحللة مثل كل شيءٍ آخر.. نحن النفايات المُغنّية والراقصة فى هذا العالم)، ثانية واحدة.. كيف يأتي هذا السؤال أصلاً ؟!، كيف يمكن تقديم ما هو (أنسب) أو (أفضل) من مُفارقة المجتمع الإستهلاكي -المُقدّمة بالفيلم- على خلفية تلك الفلسفة ؟!، ربما كان السؤال يقصد وضع نفس التيمة -التي تُمثل الطمع/الجشع/اللاشبَع هنا- في قصةٍ مختلفة، ذات الفكرة بشكلٍ آخر.. انقطع حبل أفكاري فجأةً بعدما سأل مَن ورائي قائلاً: "سياق درامي هنا المقصود به قصة قصيرة أم معالجة درامية؟ أم سيناريو قصير؟. . أم ماذا تحديداً؟!" فأجابه المعنيّ بالإجابة: "أجب بالنمط القصصي الذي يحلو لك" !، فتسائلت في نفسي هل هناك فرقٌ حقيقي بالأساس بين المعالجة والقصة؟ أليست المعالجة هي قصةٌ من نوعٍ ما؟ أم ربما القصة السينمائية غير تلك الأدبية حتى مع إشتراكهم في سمة القُصر؟!.. أأكتبها كـ(قصة أدبية قصيرة) أفضل أم كموقف دراميٌ غير مُكتَمِل البناء ؟!، الأمر كان مُحيّراً بالنسبة لي. ظلتُ أفكر في موقفٌ دراميٌ جيد ولم أجد.. وسط هذا الكمّ من المُشاهدات السينمائية والقراءات الوافية لقصص يوسف إدريس القصيرة ولم أجد!!، في النهاية أضع أسهل إجابة لتلك التيمة الشائعة: الإنسحاق وراء الجشع المالي بالتأكيد!، (لا يهم.. هذا هُراءٌ على أية حال.. كيف يأتي هذا السؤال أصلاً؟!) أقولها في نفسي.. .. دايفيد فينشر كان عظيماً بحقُ الكلمة في فيلمه السايكولوجي الأقرب لقلبي هذا، يجعل المرء يتسائل في نفسه (هل هناك ما هو أفضل؟/هل هناك ما كان يمكن تقديمه ولم يَحصُل؟)، إستنزفني هذا السؤال تماماً، قُرابة نصف وقتٌ الإمتحان كاملاً لسؤاله الإفتتاحي وما زال هناك ثلاثة أسئلة أُخرى !. مشهد (3) | نهار خارجي | بعد الموقــعة وقبل الوصول للبيت. . أجد نفسي تائهٌ في أفكاري المتضاربة بين وسيلتي المواصلات التي أستقلها عودةً للمنزل: مترو الأنفاق ومن ثمَّ الميكروباص، أجد نفسي -رغم وجود الكثير والكثير ليشغل بالي حينها- أفكر مجدداً في سؤال فيلم (نادي القتال)، ألم يقولوا أن الأفكار الفيلمية نابعة من الواقع؟.. لماذا انغمست في الخيال إذن؟، أينعم المطلوب لم يكن تحليلاً لشخصية تايلر وفلسفته المتطرفة مثلاً بل كان الفكرة العامة التي يدور حولها الفيلم، لكن يظل.. لماذا لم أستطع المُجاراة؟، لماذا لم أستطع فصل تيمة المجتمع الإستهلاكي اللعين خارج قالب شخصية تايلر؟، أتذكر جملة تايلر (أنا أقول لا تكن مثالياً أبداً.. أنا أقول دع السفينة ترسو في المكان التي تريده..)، أرُّد عليه في دواخلي: "لكن هذا لا يستدعي المثالية!". . . اكتشفُ تدريجياً كم انطوت عليّ الخدعة، نعم.. لقد امتلكني الفيلم، تماماً كما حذرني تايلر نفسه من ذلك، ياللعجب !.. وكأن الآية انقلبت على صاحبها، أو ربما هذا مجرد شعورٌ لحظيٌ موقت، الأمر ضبابيٌ بشدة الآن، لا أستطيع التأكد من شئ.. لم أتصور أن أكون بهذا القدر من التعنُّت واللاموضوعية تجاه أحد الأفلام، بل مع فيلمي المفضل أيضاً !.. بل مع فيلمي المفضل لشخصيتي الحياتية المفضلة !!، أجد نفسي على قُرابة بضع الأميال من البيت تحت أشعة الشمس الحرقاء، الصفراء، والجميلة.. قبل أن أشغل المقطوعة الموسيقية: (Finding The Bomb) تضرب في أعماقي من جديد. مشهد (4) | ليل داخلي | في البلاكونة أحتسي الناسكافيه الساخن. . أعدت شريط اليوم ووجدت نفسي أنظر للأمر نظرة شاملة أكبر، اكتشفت كم كنت خاطئاً بشأن فلسفة (تايلر ديردن) بعد ان تكشّفت لي جُنباتها من خلال سؤالٌ إمتحانيّ إجباريّ !.. في الواقع ربما مسألة كونه (فيلمي المفضل) هي المشكلة الحقيقية: كيف تتمسك بالموضوعية تجاه الفيلم الذي تعتبره جزءٌ من كينونتك؟!، أنت أثناء مُشاهدة (نادي القتال) تصبح شخصٌ بردود أفعال وأفكار، وشخصٌ آخر تماماً إذا ما أردت إختبار التجربة في الواقع.. مثيرٌ هو حجم التناقُضات التي يمكن أن يكتشفها مهووس السينما في نفسه، أليس كذلك ؟!.. لكن هذا لا يُخفي أن تايلر مؤمن بأهمية حرية الفكر، حرية أن تكون ذاتك حتى ولو وَضعها بشكل تعسُّفي ضمن فلسفته.. يقول (فقط عندما تفقد كل شئ..) ويُكمل (تكون حراً لفعل أي شئ): يجعلك تشكُّ أنه رجلٌ إرهابي قبل أن تقول "ولما لا يكون مُعتنق مذهبٌ دينيٌ من نوعٍ ما" ؟! السينما شئٌ جميل لا غُبار في ذلك، الفكرة هنا مقدار كسر هذا الإيهام السينمائي من المُشاهد، مدى جزمه وقبوله بعملية الخداع السينمائي؛ أن برغم ما يُعرض أمامه أفكاراً واقعية مُقتبَسة من الواقع، إلا أنها في النهاية تظل محض (خيالات) معروفة مجازاً بإسم (أفلام) !!.. أقولها صراحةً في نفسي: لقد شربت من شخصية (تايلر) بشكل مُبالغ فيه، أو ربما هذا ما أعتقده.. أُعيد تذكير نفسي بجملة من جمل تايلر مجدداً: (أنت لست عملك.. لست مقدار ما تملك في البنك..)، بالأحرى كان يجب أن يُدرِج (أنتَ لست نفسك) معها.. كانت لتوفر الكثير عليّ ! ...يا إلهي الرحيم.. حتماً ستُنهي هذه الأفلام مصيري يوماً ما ! *** المقطوعة الموسيقية (فاينديج ذا بومب) : https://www.youtube.com/watch?v=GrOl0ef_bQI


نادي القتال .. عندما تنتصر السينما على الرواية

سأحاول أن أكبح جماح تدفق الأدرنالين في عروقي -رغم عشقي لنشوة هذا التدفق- وأنا أكتب عن هذا الفيلم، اللعنة! أنا لم أدرك حتى وقت كتابة هذه السطور، ولربما بعد ذلك، أني أكتب عن أفضل فيلم شاهدته في عمري السينمائي، والذي يفوق عمري الحقيقي بثلاثة أضعاف، وهي مبالغة بالطبع. فيلم "نادي القتال" المأخوذ عن رواية بنفس الاسم للكاتب العبقري وأحد آلهة السرد "تشاك بولانيك"، وهو من إخراج أحد آلهة الإخراج، ألا وهو قصير القامة "ديفيد فينشر". وسط هذا الأوليمب الفني، يخرج علينا فيلم نافس الرواية الأصلية، والتي...اقرأ المزيد أعدها علامة في تاريخ السرد الإنساني والأدبي، إلا أن الفيلم ضرب على أوتار جديدة غابت عن بال صاحبنا "بولانيك"، لذا أستطيع القول-وأنا مجبر أخاك-إن الفيلم أفضل من الرواية. بادئ ذي بدء أحب أقتبس عن "بولانيك" قوله: "لقد سمعت أن الناقد ريكس ريد قال أشياء بذيئة تجاه رواية نادي القتال، سمعت أنه قال إن هذه الرواية سوف تجد جمهورها في الجحيم. حسناً، يبدو أني، يوما ما، سوف أضطر أن أزوره هناك وأبتاع له شراباً". أقول إني قد أبصرت "بولاينك" يقف على الخط الذي يفصل بين الجنون والفن. لقد بلغ "بولانيك" في روايته، منتهى الفوضى والجموح والجنون والعشوائية والعنف، وبالضبط هذا ما حدث مع الفيلم، إلا أن الفيلم غلبت عليه بهارات "فينشر" على نفس قدر بهارات "بولانيك". إن الفضل في هذا كله لا يرجع لمؤلف الرواية، بل يرجع إلى "فينشر" الذي أضاف لسيناريو الفيلم ما لم يتوقعه "بولاينك" نفسه الذي قال بعد أن شاهد الفيلم إنه يشعر بالغيرة الشديدة من الفيلم وإنه نسخة محُسنة من الرواية. في الفيلم هناك توسع أكبر للقصة، وحذف لبعض ما ورد في الرواية أو تحوير له، مع بيئة خلاقة أبدع "فينشر" في صنعها لتكون مركز الأحداث التي استغرقت مائة وتسعة وثلاثين دقيقة، مستنفذة الطاقة في مداها الأقصى، دون تبديد للفكرة التي تدور حولها الرواية. الفيلم الذي اقتبس عن الرواية مجموعة الحوارات والنقاشات الفلسفية الاستفزازية، والصدمات البرجوازية والاجتماعية، والتلاعب بالزمن، والخروج عن المألوف، والعنف والفوضى، والعرق والضجيج. تتناول الرواية-الفيلم-بكل وضوح أزمة المجتمع الغربي الذي غاب عنه معنى وجوده لذا يبحث عن هذا المعنى عن طريق الحضارة الاستهلاكية وذلك من خلال بطل الرواية والفيلم (إدوارد نورتن) الذي لا يحمل أسمًا. يقول الراوي: "نعمل في وظائف لا نحبها لنشتري أشياء لا نحتاجها لنثير اهتمام أشخاص نكرههم". تعكس شخصية الراوي شخصية الطبقة المتوسطة. "نحن أطفال التاريخ الأوسطون، الذين ربانا التليفزيون وقال لنا إننا يومًا سنصير مليونيرات ونجوم سينما ونجوم موسيقا روك، لكن هذا لن يحدث. ونحن الآن نستوعب الحقيقة". استوعب أبناء هذا الجيل هذه الحقيقة عند بلوغهم سن الثلاثينات، لقد فقدوا إيمانهم بكل شيء وانقلبت موازينهم. وبدأت أصنامهم، التي تربوا على عبادتها، في التحطم. لقد عجز الراوي-بالنيابة عن الطبقة الوسطى-عن إيجاد السعادة. عجز عن العيش دون معنى دون هدف، لقد سأم العيش دون خيارات وإمكانيات، إنه منزوي في هذا الركن الذي يسمى حياته غير قادر على الخروج منه. فشل في تغيير حياته. إنه عبد لمشترياته ولقائمة هذه المشتريات، إنه (طور في ساقية) مصابٌ بهوس الامتلاك. المستهلك المثالي. إنه مصاب بالأرق. إلا أن طبيبه قدم له حلًا غريبًا، وهو أن يشاهد المصابين بالأمراض المستعصية وحالات الإدمان في جلسات الدعم النفسي الجماعية، كي يستوعب تفاهة الألم الذي يدعيه. يلتحق الشاب بهذه المجموعات، ويشعر بالراحة، عندما يبكي في أحضان "بوب ذو الأثداء الكبيرة" لكنها راحة مؤقتة تزول. سرعان ما تنزل إلى أرض الملعب شخصية من أروع ما قدمت في السينما. "مارلا سينجر" (هيلينا بونهام كارتر). العدمية والعبثية مجسدة في امرأة، فلسفتها خلص فيها "بولانيك" آراء "كامو" و"نيتشته" و"كيركاغرد" و"شوبناهور" في عبارة "قد تموت في أي لحظة والمأساة إنها لا تموت". تجئ "مارلا" لتكون بمثابة المسمار الأخير في نعش الراوي. لقد بلغ سيله الزبى. وفقد كل الأمل. إلا أنه وجد ضالته على متن إحدى الطائرات. "تايلر ديردن" (براد بيت)، ثم سرعان ليتحول "تايلر" مسيح الراوي. خلق لنا "بولانيك" شخصية نيتشوية بجدارة. هي الشخصية التي يريد الراوي أن يكونها، هي شخصية تمثل إنسان نيشته الأعلى. "تايلر" شخصية خارقة، شخصية الراوي الخارقة. "تايلر"، الفتى السيء الوسيم، المتمرد، صاحب الآراء التي تجعلك مشدوهًا حينما تسمعها، ذو الشخصية المغناطيسية التي قد ترحب بقضاء أبديك معها في الجحيم. وهو المتحدي صاحب الروح القتالية التي تجعله يريد أن يقاتل "هيمنجواي". "تايلر" الذي قلب حياة الراوي رأسًا على عقب. هو من يرى الحقيقة كاملة ولا يرضخ لها، وتمرد عليها متحديًا بذلك أبناء هذا الجيل. وهو من وضع المرآة أمام الراوي، يريه بذلك حقيقة نفسه وحياته. لاحظ قوله: "نحن حقًا عبيد لأشياء لا نحتاجها، أشياء نقضي حياتنا في البحث عنها دون التوقف لوهلة والتفكير بسببٍ مقنع لتلك الحاجات النمطية، المنزل المثالي والزوجة اللطيفة والأطفال الرائعون وقطع الأثاث المتينة التي تمتد لسنوات وسنوات .. الأشياء التي تمتلكها أصبحت تمتلك". "تايلر" يقول لنا قبل الراوي، إن علينا احتقار الحضارة والثقافة والتاريخ، هذا الثالوث الذي أدى لضياع فردية وخصوصية كل شخص منا، هذا السبب الذي أدى لانتشار البرجوازية وهيمنتها، وتفشي نيران الحقد والضغينة عند الطبقة الوسطى، بل وإضرام رغبتهم في الشراء والاستهلاك لإيجاد هدف لهاته الحياة إلى أن أصبحوا في نهاية المطاف عبيدًا لممتلكاتهم. من هنا يأتي "تايلر" بفكرة التمرد. يقدم للراوي حلًا يمكن من خلال إيجاد الهدف، وتأتي فكرة نادي القتال للحياة. هذه الفكرة التي ألهمت جميع فتيان العم سام. عليك فقط أن تطلق لنفسك العنان. قواعد نادي القتال بسيطة للغاية. القاعدة الأولى هي ألا تتكلم عن نادي القتال، والقاعدة الثانية هي ألا تتكلم عن نادي القتال، ثالثًا القتال بلا قمصان أو أحذية ولسوف يستمر القتال مادام مستمرًا فلا رأفة مسموح بها، ولك وحدك أن تقرر حدود احتمالك، وبالطبع لا مكان للمشاهدة، أنت موجود معنا في النادي إذن عليك أن تقاتل. بعد ذلك، يدق ناقوس العنف والفوضى والتمرد، وتبدأ القصة. ونرى إجابة تساؤل "ماذا سيحدث إذا تركت لنفسك العنان؟!" إذا تعمقت في الرواية وفي الفيلم ستجد أن هؤلاء الفتية اغتصبوًا البرجوازية والنظام السائد اغتصابًا وجوديًا، إلى أن أصبح البقاء للأقوى. ينتصر العملان للطبقة الوسطى أو البروليتاريا، عن طريق الهزة الشديدة لهذه الطبقة. سترى حلول لمشكلات وجودية. وإن كان ليس هناك حلًا فلا مشكلة في ذلك، على لسان الراوي، المهم أنك ستكون حرًا. وإذا تعمقت أكثر سترى مفهومًا جديدًا للحرية والكمال والتضحية والفوضى والتنظيم والتدمير. وسرعان ما سترى أن الرواية والفيلم أصبحا رمزًا للتمرد والثورة على الوجود، في سبيل إيجاد السعادة والراحة وبناء حضارة جديدة خالية من الأصنام. النقاد، وفي مقدمهم الناقد الشهير "روجر إيبرت"، لم يحبوا هذا الفيلم مطلقًا، واعتبروه سيئًا للغاية شأنه شأن كل الأفلام التي خلدها التاريخ. بالطبع شكل عليهم هذا النوع من الأفلام صدمة جعلتهم بعد ذلك يعيدوا النظر في رأيهم في الفيلم. أرى أن الفيلم خالي من العيوب من تماما، وأجزم بأنه قطعة فنية كاملة. جاء تمثيل "براد بيت" الأفضل في حياته الفنية، كما هي الحال مع "إدوارد نورتن" "وبونهام كارتر". جميعهم قدموا أداءً عظيمًا وفريدًا. وعن السرد فهو أفضل سرد سينمائي قد تراه في حياتك، وأضمن لك هذا. وبخصوص السيناريو والحبكة، فجاءت الحبكة مترابطة للغاية، ولا يمكنك توقع ما هو آت، وكانت النهاية شديدة المنطقية، فبعد مشهد النهاية ستعود للوراء ربما حتى للبداية، كي تستخلص التلميحات التي قدمها كاتب السيناريو "جيم أوهلس" والمخرج "فينشر". أما عن الإخراج فلا غبار عليه، وقدم نظريات سينمائية جديدة في فن الإخراج والتصوير السينمائي، هو بالطبع أفضل فيلم أخرجه "فينشر" في حياته المديدة، وعليه أن يكون فخورًا به.