تدور أحداث المسلسل حول الهجرة والظروف الصعبة التي يعيشها خليط كبير من المواطنين واللاجئين العرب والذين تجمعهم سماء مدينة دمشق، والروابط التي تجمع كل أولئك الشخصيات.
مسلسل " سحابة صيف " هو عمل اجتماعي معاصر , يتحدث عن واقع الحياة في ظل كل الظروف القاسية التي تمر بنا في العصر الراهن , إنه يسلط الضوء على مدينة دمشق بكل تشكيلاتها الاجتماعية الطارئة والمتغيرة في الوقت الراهن , كيف أصبحت هذه المدينة خليط من المواطنين فيها واللاجئين إليها , هذا التشكيل الاجتماعي الجديد الذي أضحى علامة بارزة في طابع المدينة اليوم , ولكل من هؤلاء حكايته في الارتحال والتغير بفعل ظروف الحياة على كافة المستويات , أنه عمل اجتماعي ينسج حكاياته وفق بناء درامي خاص , حيث نتعرف على شخصيات العمل بحكاياتها وخطوطها دون التقاءات واضحة بين هذه الحكايات, ثم تبدأ عملية نسج الأحداث بارتباطات درامية بين جميع شخصيات العمل دون استثناء وعلى الأخص تلك الشخصيات التي لم نكن نتوقع التقائها أبداً . فليست وحدها علاقات الجوار في المكان أو القرابة هي التي تربط شخوص العمل , بل يبنى العمل على خلق العلاقات الدرامية الأقوى بين شخوصه خارج هذه العلاقات الطبيعية , وترتكز العلاقات بمنطق الواقع المتداخل بشكل غير متوقع وغير منطقي في أحيان كثيرة, لا ينطلق المسلسل من الحدث المتفجر في بدايته , بل يبني أحداثه بالتراكم , لتتعلق أسئلتنا دائماً , بماذا حدث في ماضي الشخصية ؟!!! وماذا سيحدث وفق كل اكتشاف حدثي جديد ؟!!! فكثير من ماضي الشخصيات وحكاياتها يتكشف مع الوقت وليس من الحلقات الأولى, وكثير من الأحداث ينجرف باتجاه الغير المتوقع له , حتى أن جميع الشخصيات في العمل دون استثناء تلتقى بالحتمية الدرامية وليس بالمصادفات المجانية , و بين الارتحال من مكان لآخر ومن وطن لآخر وبين الهجرة وتغير الأمكنة والانتقالات وإخلاء المناطق تعيش شخوص هذا العمل الكثير من الحكايا الدرامية ... العمل يرصد واقع اجتماعي حقيقي , نتعرف عبره على الحارات الضيقة حيث أماكن السكن العشوائية في المدينة , لكن قاطني هذه الحارات ليسوا أناس عشوائيين, إنهم وبفعل الظروف السياسية والاقتصادية في المنطقة عامة ارتحلوا من وإلى هذه المدينة التي غيروا بها وتغيروا فيها , وليس القادمين للمدينة هم وحدهم من تأثروا, بل أن أبناء المدينة أنفسهم حتى في الطبقة المترفة مادياً والتي تشكل العالم الآخر في العمل بتوازي مع الحي العشوائي .. هم أيضاً تغيروا بفعل تغير الظروف والانهيارات المبدئية والفكرية والسياسية التي تشكل واقع حال هذه الأيام وتهدد كافة شخصيات العمل وتدفعها لخيارات لا تشبهها أو لانهيارات نفسية ومبدئية, فهذا الواقع المنهار والمتغير بتسارع كبير يصعب التقاط كل تفاصيله وإيقاعه غير الموزون , وأي نوع من الناس سوف يفرز؟!!! لذلك فكل الشخصيات هنا وفي هذا العمل تلعب دور الضحية والجلاد بالتناوب, وتتناقض في قناعاتها وسلوكها بشكل يشبه تناقض الواقع المعاش , ثم تسير- كما كل المنطقة – باتجاه المصير المجهول , ويتزامن ذلك مع بداية الحروب على المنطقة فتشكل هذه الأحداث خاتمة المسلسل مع ارتحال جديد للاجئين إليها , وفي ظل الفوضى اللامنطقية من الحرب وانتهاء برغيف العيش وهشاشة كل القيم والقناعات التي تسيطر علي حياتنا الراهنة , تصبح كل القصص ممكنة الحدوث , من خيانة الزوجة إلى الرغبة بقتل الأب لإطعام الولد إلى سفاح القربى إلى خيانة الوطن , من الإدمان على الحبوب إلى جرائم الكمبيوتر إلى بيع بعض أجزاء الجسد والرشوة وتبييض الأموال , من إفلاس المبادئ وضياع الأحلام الصغيرة والكبيرة, إلى الرغبة بالخلاص والقدرة على اختيار الانتحار بديلاً عن الحياة في لحظات كثيرة , كل هذا وأكثر يشكل جزء من حكايات وموضوعات هذا العمل , في فوضى منظمة تشبه واقعنا اليوم وتشبهنا في السير مع أبطال هذا العمل نحو المصير المجهول , شخصيات العمل لا تظهر فقط بوظيفتها الدرامية بل لكل شخصية من هذه الشخصيات حكايتها الخاصة, ولكل حكاية تعقيداتها وارتباطاتها بحكاية الآخر, الآخر القريب أو البعيد لا يشكل فارقاً . لأننا وجميعنا بالمنطقة أردنا أو رفضنا مرتبطين بالمصير الواحد , بالمصير المجهول , والأجمل أن شخصيات العمل الراغبة دائماً بالعيش الكريم والعدالة الاجتماعية والإنسانية , تعتقد بأن مشكلتها مجرد سحابة صيف (تعبير مجازي) ستزول سريعاً , حتى أضحى سقوط المدن واحدة تلو الأخرى مجرد سحابة صيف نصدق ونحب أن نصدق أنها ستزول سريعاً ككل سحابات الصيف المعروفة بتلاشيها السريع , لكن سحابات الصيف في حياة شخوص العمل تبقى وتتلبد أكثر بالمشكلات والانكسارات والهزائم الفردية والجماعية , ومع هذا كله فالعمل كما الحياة يحمل في داخله الفرح في بعض قصصه وحكايات شخوصه, من قصص الحب إلى القدرة على العطاء والتمسك ببعض الأحلام , من النجاحات الصغيرة وتحقيق المشروع الفردي , إلى القدرة على تطبيب الجروح الماضية ومنح التسامح والغفران , وغيره مما يعيد للعمل شيء من التوازن كما الحياة بكل توازناتها وتسوياتها .
تدور أحداث المسلسل حول الهجرة والظروف الصعبة التي يعيشها خليط من المواطنين واللاجئين العرب والذين أفرزتهم حرب العراق.