أراء حرة: فيلم - The Danish Girl - 2015


بين عين مخرج وتعبيرات ممثل؛ تخرج تفاصيل الصورة والحوار

قصة الرسام الدنماركي (إينار ويجنر) الذي خضع لأول عملية تحول جنسي في العالم عام 1930 ليصبح ليلي إيلبي فيما بعد، قد تبدو القصة بسيطة وعادية، ولكن من يشاهد فيلم (The Danish Girl) المستوحي من تلك القصة سيُأثر بقوة حب غير عادية جمعت بين زوجين غير عاديين، وسيظل في حيرة طوال الوقت لفهم قوة تلك العلاقة، وكيف تمثلت حالة التضحية في زوجة تغلبت على الآمها الشديدة لتقف مع زوجها في أهم مرحلة في حياته. الفيلم مأخوذ عن كتاب يحمل نفس الأسم للمؤلف الأمريكي ديفيد إيبر شوف الذي يجسد فيه ذكريات الرسام إينار وحياته...اقرأ المزيد الشخصية حتى تحوله إلى ليلي إيلبي، ومن بطولة إيدي ريدمان الحاصل على جائزة الأوسكار 2015 أحسن ممثل عن دوره بفيلم (نظرية كل شيء)، والممثلة (أليسيا فيكاندر) في دور الزوجة جيرادـ ومن إخراج العبقري توم هابر مخرج رائعة البؤساء، والحائز على جائزة الأوسكار أفضل مخرج عن فيلمه (خطاب الملك) عام 2010 مقدما صور جمالية، وتفاصيل دقيقة ترسم بعينه شخصيات القصة. ميلودراما تبعث على حالة من التشتت والارتباك يعيشها المشاهد مع أبطال الفيلم وخاصة ليلي تلك المرأة المسجونة داخل الرسام إينار والذي يجد في زوجته جيراد ملهمته التي تساعده في اكتشاف شخصية ليلي وإخراجها من ظلماتها، وهنا نجد في ردماين عبقرية شديدة في إدارة الشخصية والتحول التدريجي الذي تعيش فيه بالإضافة إلى تعبير وجهه وجسده والتي كان أبلغها المشاهد التي يلمس فيها جسده ويحسها، وحركات يديه والبراعة في تقديم ذلك الالتباس الذي يحيط بشخسية ليلي بحضور أنثوي خجول،وابتسامة رقيقة يخفي وراؤها الكثير والكثير. أما فيكاندر والتي اتنبأ بفوزها بجائزة الأوسكار هذا العام كأفضل ممثلة دور ثاني، فقد تمكنت من تقديم دورها كأنها تقرأ وتعزف مقطوعة موسيقية رومانسية في آن واحد، وأن تضحي بدور الزوجة في الوقت الذي ظلت فيه تبحث عن شخصية الزوج داخل جسد ليلي وبتعبيرات غاية في الرقة ورومانسية مفرطة، تعيد كل ذلك لتساعده على تخطي آلمه، وتستكمل ما وافقت عليه في بدء رحلتها معه بدًء من رحلة التحولات النفسية داخل زوجها، وحتى عملية التحول الفعلية لجسده. الفيلم يحتوي على مجموعة من الحوارات الطويلة التي تقدم مضامين فكرية مختلفة وتطرح من خلالها تساؤلات عدة عن المعنى الحقيقي للحب والتضحية.


فلتكن لديك الشجاعة لتحب نفسك !

فيلم الفتاة الدنماركية يستكشف الألم العاطفي والروحي الذي يراودك عندما تشعر انك محاصر، بالإضافة إلى المشاكل الاجتماعية التي تأتي عن طريق سوء الفهم. هو فيلم يقدم الدعم والعاطفة للأشخاص الذين يرغبون في التعبير عن ما في داخلهم، وعن من هم من الداخل. ليلى ليست مثالية، لكنها يمكن أن تكون مصدر إلهام للمشاهدين الذين يتطلعون لفهم مشاعرهم والعثور على اتصال مع العالم المحيط بهم. في المقابل الشخصية الأخرى، جيردا، التي سأسميها الشخصية القوية، هي فتاة تفعل كل ما بوسعها لدعم وقبول ليلي على ما هي. الفائز بجائزة...اقرأ المزيد الآوسكار لأفضل مخرج "توم هوبر" قدم لنا فلماً آخر جاهز لموسم الجوائز، مع آداء رائع آخر من قبل ريدماين. النجم (الذي حصل على جائزة الأوسكار لفيلم نظرية كل شيء) يحقق تحول كامل آخر هنا، بتغيير براق في هويتهِ من رجل محرج الى فتاة مرتاحة. على الجهة الأخرى، دور جيردا يأتي بتأثير قوي ايضا، التمثيل الجميل جدا من قبل أليسيا فيكاندير يملأ شخصيتها بالحياة، فهي فتاة تبحث دائما عن الفرح، وترى الامور دوما من الناحية الأيجابية، وهي تدعم زوجها بكل ما تملكه من طاقة وقوة، ومخلصة له جدا. فيلم The Danish Girl هو فيلم لين، من سلبياته انه انخفض في العديد من المرات من ناحية المونتاج، وكان يركز اكثر على الناحية العاطفية الجارية بين الزوجين، لكن هوبر والمصور السينمائي داني كوهين عكسوا لنا الإبداعات الفنية للشخصيات الرئيسية مع مناظر طبيعية خلابة لافتة للنظر، اذ ان هوبر اضاف لنا دراما قوية مع استخدام لمساته على الشخصيات ووضعها في زوايا غريبة في إطار الفيلم. في النهاية، فيلم الفتاة الدنماركية قدم لنا بعض الامور المثيرة للأهتمام عن امور لم نعتد عليها ولا نشعر دوما بها، هو فيلم ربما سيعطي المزيد من الثقة للأشخاص الذين يمتلكون نفس ميزات البطل هنا، واعتبر هذا الفيلم نقطة انطلاق جيدة لكل شخص يفكر بنفس تفكير ليلي !!