أراء حرة: فيلم - Drive - 2011


النهاية كانت في الدقيقة التاسعة

انكشف الستار وبدأ الفيلم يلتقط أنفاسه الأولى، حيث ناطحات السحاب المصطفة والتي تشع أضواء عبر نوافذها، إلى جانب الموسيقى الرائعة التي تشعرك وكأن المشهد يتنفس وأحداثه تنبض صوتا قبل الصورة، ثم يزيد الأمر تشويقا ظهور "ريان جوسلينج" وهو يتحدث بهاتفه الخلوي قائلا "أنا سأوصلك وسأنتظر 5 دقائق، ولك أن تنهى مهمتك فى هذه الفترة الزمنية فأنا هنا سائق فقط ولا أحمل مسدساً". وتبدأ مطاردة شيقة بين السائق "ريان" ورجال الشرطة بالسيارات والهليكوبتر تشعرك بأنك أمام قصة غاية في المتعة. لكن كل هذا ينهار سريعا بعد...اقرأ المزيد انسدال تتر البداية، والذي تشعر بعده بهدوء غريب لا تعتاده في أفلام الأكشن، وتلك هي الفترة التي تكتشف فيها أن السائق يعمل (ميكانيكي) بورشة "شانون"، وكذلك دوبلير للمشاهد والسباقات الخطرة في الأفلام، كما أنه يقبل أحيانا القيادة واستخدام مهاراته في قيادة سيارة النجاة التي يهرب عبرها اللصوص بعد إتمام عملياتهم الإجرامية، على الجانب الآخر يتعلق السائق بجارته "إيرين" وابنها ويعلم منها سجن زوجها بعد تورطه في إحدى القضايا، وبعد قليل من الوقت يخرج الزوج من السجن ويصرح للسائق باستبذاذه من قبل إحدى العصابات وتهديده بقتل عائلته، حينذاك يقرر السائق مساعدته، لكنه لم يكن يعلم أن الأمر سيتطور لهذا الحد ويصبح نهرا من الدماء. ومن تلك الأحداث التي دارت، لم أتردد ثانية في إبداء الرأي حول احترافية "ريان" بإقناعي أنه سائق متميز عن غيره أو ترشيحي لممثل آخر لأداء ذلك الدور بدلا منه، لكن على الرغم من ذلك جاء أداءه الرومانسي جافا للغاية، فلم أشعر معه بالمشاهد الرومانسية التي أدتها "كاري موليجان" معه ببراعة، كذلك جاء السيناريو أشبه بالصامت، على الرغم من أن الأحداث ليست غزيرة بالحركة التي تعوض ذلك الصمت المبالغ فيه. كل هذه الأشياء لا تحصى بجانب الخطأ الفادح الذي قبله المخرج "نيكولاس ويندينج ريفن" داخل فيلمه، فها هو "ريان" وبعد قتله العديد من الأشخاص وبقع الدماء تلطخ معطفه الأبيض، يتجول بالشوارع في عدة مشاهد والشمس في كبد السماء دون خوف أو ارتباك وكأنه (جزار) بأحد المدابح المصرية، ما زاد الأمر سوءا هو ظهور سيارات الشرطة بأعداد كثيفة إلى جانب طيارة هليكوبتر في بداية الفيلم بمجرد علمهم بوقوع حادث سرقة، وفي باقي أجزاء الفيلم لم أسمع سارينة شرطة واحدة، على الرغم من وقوع أكثر من 10 جرائم قتل وأغلبها بشكل وحشي. نهاية كنت أتمنى لو صار الفيلم بقوة بدايته والتى تعد بتسع دقائق، لكن ليس كل ما يتمناه المشاهد دوما يراه.


ويا لها من 60 دقيقة كانت ..!

"جميع خطط الفئران والقطط دائما تنحرف عن طريقها" هذه الجملة هي أفضل طريقة لوصف رسالة الفلم. إتجاه الفيلم يعطي شعوراً بعدم التفاؤل ولا يقدم للمشاهد اي خطوط أمل. الشخصية الرئيسية "يزعج" حياته المخطط لها بعناية ويفتح قلبه فقط قليلا ولكنه يكتشف بعدها إن كل شيء يؤدي به الى العنف والألم. الشخصية الرئيسية يقود نفسه لحياة الجريمة، بعد إن كان يعيش حياته بهدوء وسلام. ومن مشكلاته إنه يقع في حب امرأة متزوجة، فكم كانت الحياة ستكون هادئة لو لم تكن هذه الإمرأة متزوجة ..! المخرج الدنماركي الولادة (نيكولاس...اقرأ المزيد ويندينج ريفن) ليس حقاً اسما مألوفا، لكنه قد يكون كذلك بعد Drive ، بل إنه قد يثير بعض المقارنات مع كوينتين تارانتينو. المخرج قدم لنا فيلماً يشعرك وكأنه شيء جديد، اذ ان إسلوب الفيلم يسود على المضمون، ويا له من إسلوب !. من الواضح أيضا إن (ريفن) يعشق توضيف الممثلين بلحظات صغيرة من الدفء والعشق والفكاهة، ويجعلك تعشق الممثلين وتحُب ان تنظر إليهم مطولاً. من المشاهد التي تستحق ان توضع في إطار، هو ذلك المشهد عندما يبتسم السائق والفتاة واحداً للآخر، ملمحاً إلى مشاعر في العمق لا توصف، فيا لها من نظرات ويا لها من إبتسامات، ولكن هذا فقط في الساعة الأولى، لان بعد ذلك كل شيء سيتحول الى دماء ..! كل ممثل يقدم هنا افضل ما لديه، خصوصاً الأشرار والمساعدين. أول 60 دقيقة كانت من اجمل فترات الفيلم بطابع درامي حنين وجميل مع تقديم للشخصيات بطريقة لطيفة وبناء روابط بينهم. أما النصف الساعة الأخيرة فتغير كل شيء، وكأنك تشاهد فيلماً آخر، فتبدأ الدماء تتطاير هنا وهناك، ونبدأ برؤية الوجوه المظلمة لشخصياتنا. من سلبيات الفيلم تحوله العجيب بعد الـ60 دقيقة الأولى وتحركه السريع في الأحداث وإستعجاله في إنهاء القصة والفيلم، اذ كان من الأفضل على محرري الفيلم تحويل الفيلم الى ساعتين. في النهاية هو فيلم دراما جرائم مثيرة مصنوعة بشكل جيد وعنيفة بشكل صادم. فقط العنف المروع في الفيلم وتحوله لهذه النقطة العجيبة بعد الـ60 دقيقة يقف في طريقي لكي أعشقه كاملا وأقول عنه كأفضل أفلام حياتي ..!