رجل أعمال عجوز ثري للغاية يدعى جون هاموند يحلم بإنشاء حديقه للحيوانات المنقرضة في أحد الجزر النائية في كوستاريكا، وبالفعل ينجح في استنساخ خمسة عشر فصيلة مختلفة من الديناصورات عن طريق استخلاص المادة...اقرأ المزيد الوراثية (الدنا) الخاصة بهم من البعوض المحفوظ داخل الكهرمان المتحجر.
رجل أعمال عجوز ثري للغاية يدعى جون هاموند يحلم بإنشاء حديقه للحيوانات المنقرضة في أحد الجزر النائية في كوستاريكا، وبالفعل ينجح في استنساخ خمسة عشر فصيلة مختلفة من الديناصورات عن...اقرأ المزيد طريق استخلاص المادة الوراثية (الدنا) الخاصة بهم من البعوض المحفوظ داخل الكهرمان المتحجر.
المزيدبلغت ميزانية الفيلم حوالي 63,000,000 دولار أمريكي.
الفيلم أعيد عرضه في عام 2013 بتقنية 3D احتفالاً بمرور عشرون عامًا على إنتاجه.
كم هو غامض ودفين سر شغف الناس وهوسهم العميق بالديناصورات؟ لطالما أبهرتنا تلك المخلوقات العملاقة التي تعود لماضٍ سحيق اختفى من الوجود واستحوذت على مخيلتنا دون أن نعرف لذلك سببًا مباشرًا.. ترى هل لحجمها الهائل؟ لمظهرها المخيف؟ لشعورنا بالضآلة أمامها؟ كل هذا جائز، لكن اسمح لي أن أوضح السبب الرئيسي من وجهة نظري.. الديناصورات هي أقرب مخلوقات حقيقية إلى الوحوش التي نسمع عنها في الأساطير وتثير فينا الرجفة. التنين مثلاً كائن أَخّاذ للغاية، لكن جميعنا يعرف أنه غير حقيقي، وهو ما يفقده جزء كبير من السحر....اقرأ المزيد أما الديناصورات - البديل الواقعي للتنانين - فهي حيوانات حقيقية من صنع الرب، وفي نفس الوقت تحمل الكثير من صفات التنين الأسطورية، ضف إلى هذا أنها لم تعد تعيش بيننا، وهو ما يضفي عليها لمسة أسطورية إضافية. إنها عروس البحر الفاتنة: نصفها واقع، ونصفها خيال، وهي في هذا كفن السينما ذاته.. مزيج خلاب أستطاع أن يأسر مخيلة الكوكب بأكمله. لهذا، حين قدر لرواية الحديقة الجوراسية أن تتحول إلى فيلم سينمائي، خرجت الديناصورات من كتب التاريخ الطبيعي، لتفرض هيمنتها على دور العرض. بالتأكيد الجميع شاهد الفيلم الفائق الذي ظهر عام 1993 بتوقيع ستيفن سبيلبرج، والذي استطاع وقتها أن يصبح أنجح فيلم بالأرقام المطلقة بعد تحقيقة إيرادات بلغت 914 مليون دولار، متفوقًا على إي تي لنفس المخرج، والذي ظل يحمل الرقم القياسي لأكثر من إحدى عشر عامًا. الفيلم مأخوذ عن رواية مايكل كرايتون الشهيرة بذات الاسم، وهي ليست أشهر روايات كرايتون فحسب، بل أكثرها تعقيدًا أيضًا.. وهي الرواية التي استنزفت عقله وأنهكته للغاية، ولك أن تعرف فقط أنه استغرق ثمان سنوات كاملة للإنتهاء منها!. خلال هذه السنوات الطويلة، كتبت الرواية أكثر من مرة، ومزقت، وكتبت، ومزقت من جديد، إلى أن وصلت إلى شكلها النهائي.. مخطوطة شديدة اللهجة فائقة الإرعاب عن عبث الإنسان مع الطبيعة، ثم انقلاب الطبيعة عليه.. وهو ما يذكرنا برواية فرانكنشتاين لماري شيللي، أحد أوائل روايات الرعب والخيال العلمي المناهضة للعلم، والتي ظهرت كنقد صارخ للثورة الصناعية التي اجتاحت أوروبا في القرن الثامن عشر. المعالجة الفيلمية للرواية جاءت مختلفة قليلاً، لقد صنع سبيلبرج نسخة جماهيرية خفيفة المحتوى من حدوتة كرايتون العلمية، وقدمها للجمهور بمؤثرات بصرية ثورية لم يظهر مثلها قط على الشاشة، لكنه نحى الكثير من العلم جانبًا، والكثير من النقاش الفلسفي، والكثير من العنف أيضًا. ففي النهاية هو لم يتحمل فكرة أن يسلب الأطفال حقهم في الاستمتاع بديناصوراتهم الحبيبة، وهو ما كان سيحدث إذا أخذ الفيلم تصنيفًا رقابيًا مرتفع يمنعهم من مشاهدته، لذا كان لابد من ترويض النص بعض الشيء. لكن بالتأكيد جاء هذا على حساب الجدية، والصبغة العلمية الرصينة للنص الأدبي. فقد صاغ كرايتون باقتدار قصة علمية عميقة المغزى فائقة الإمتاع. وككل رواياته السابقة والتي تلتها، تعد الحديقة الجوراسية محاضرة من الطراز الثقيل أكثر من كونها رواية أدبية. فأسلوب كرايتون يمتاز دومًا بالإفراط في توثيق الاستطرادات العلمية، بحيث يجعل من الرواية مزيجًا من الأدب والدراسة الأكاديمية، ودائمًا ما يذيل الرجل رواياته بحشد كبير من المراجع العلمية التي لجأ إليها أثناء الكتابة. هذا لا يعني بالطبع أن الفيلم دون المستوى أو أي شيء من هذا القبيل.. بل على العكس تمامًا، لقد صنع الفيلم أسطورته الخاصة وأصبح له ملايين العشاق في كل ركن بالعالم. وكان فاتحة حقيقية لظاهرة أفلام الصيف Summer Event movie كاسحة النجاح. ببساطة، الحديقة الجوراسية ليس من أفضل الأفلام، أو أكثرها تكاملاً فنيًا، بل هو من تلك الأفلام التى لا نمل من تكرار مشاهدتها ولا نسأم الحديث عنها أبدًا. ونجد أنفسنا دون أن ندري نتحدث مثلها، نتحرك مثلها، ونفكر مثلها. لنقل إذًا أن هناك حديقتان جوراسيتان، حديقة مايكل كرايتون الرصينة، وحديقة سبيلبرج الأخف وطئة لكن الأكثر إبهارًا. هكذا لن نظلم أيًا من الكتاب أو الفيلم. ففي النهاية، لولا نجاح الفيلم الكاسح لما كانت الرواية ستنال كل هذه الشهرة عالميًا. والجمهور يستطيع الاستمتاع بالفيلم والرواية كلٍ على حدة. بدأ سبيلبرج الفيلم بأسلوبه العتيد في الشحن البطيء جدًا، تمهيد طويل خلال الساعة الأولى من الفيلم جعل المشاهدون يقضمون أظافرهم من الإثارة (استراتيجية سبيلبرج الكبرى وبصمته الدائمة التي لم تخيب منذ Jaws)، تمعن الرجل في تحفيز شعور الخطر المتنامي والكارثة وشيكة الحدوث، ودعم هذا ببعض النقاشات الفلسفية حول خطورة ممارسة الإنسان لدور الرب، وتدخله السافر في عمل الطبيعة، والتأكيد على أن بناء حديقة للديناصورات هي أسوء فكرة في التاريخ الطويل الأسود للأفكار السيئة. هذا بالطبع، مع إعطاء المُشاهد لمحات سريعة غير مشبعة للديناصورات، للحفاظ على انتباهه حتى بداية النصف الثاني من الفيلم. وهنا يبدأ مهرجان الرعب الحقيقي! مشهد هجوم الـ تي ركس على السيارات في الطريق الرئيسي هو أحد أقوى التتابعات في تاريخ السينما، وهو التتابع الذي سيطارد كوابيسك وسيظل عالقًا بذاكرتك ما حييت. تم تصوير المشهد بالمناسبة في ستديوهات يونيفرسال وليس في جزيرة كاواي التي صور أغلب الفيلم بها، هذا لكونه تتابع معقد للغاية من ناحية التنفيذ، لذا فضل سبيلبرج تصويره في بيئة مُتحكم بها. ومن أجل تنفيذ رغبته تلك، تم بناء أكبر بلاتو في التاريخ حتى وقت ظهور الفيلم.. والنتيجة كانت: رعب خالص! بالتأكيد السيناريو والتمثيل ليس من النوع الذي يرشح للأوسكار.. لكن من يهتم، فالنجوم الحقيقيون هنا هم الديناصورات، المُشاهد دفع ثمن التذكرة ليرى كيف سيتمكنوا من تقديم الديناصورات، وهو ما نجح فيه سبيلبرج بامتياز، وكان وراء هذا بالتأكيد اثنان من أهم فرق المؤثرات البصرية في هوليوود.. فريق ILM الذي تولى مهمة الخدع الكمبيوترية، وفريق ستان وينستون المُعجز الذي صنع نماذج الأنيماترونيكس للديناصورات بالحجم الطبيعي. وكان نتاج هذا التزاوج بين العلم والفن والتقنية الحديثة، أحد أفضل إنجازات فن السينما على المستوى البصري. لذا كان من المتوقع جدًا - من يونيفرسال ومن سبيلبرج - إعادة عرض الفيلم بتقنية الـ 3D. وبالتأكيد لم يكن هناك أفضل من ذكرى مرور عشرون عامًا على إنتاج الفيلم، ليعاد تقديمه إلى الجمهور بالتقنية ثلاثية الأبعاد. لقد كان التحويل إلى نسخة ثلاثية الأبعاد خبطة موفقة. السبب الرئيسي في هذا أن كادرات الفيلم التقطت بمنظور مناسب جدًا للعرض ثلاثي الأبعاد. وقد صرح سبيلبرج نفسه مؤخرًا أنه حين كان يصنع الفيلم، لم يكن يتصور أبدًا أن يأتي اليوم الذي سيعرض فيه مجسمًا، لكن بشكلٍ ما كان لديه "المنظور ثلاثي الأبعاد" في عقله أثناء توجيهه للفيلم واختياره لزوايا الكاميرا، حيث الأشياء تتقدم سريعًا من مؤخرة الكادر إلى مقدمته، ديناصورات تفتح أفواهها المليئة بالأسنان الخنجرية في وجه المشاهدين، مواقع تصوير عميقة الطول كمشهد المطبخ الشهير، والتي تسمح بوجود خلفية بعيد، وأرض متوسطة ومقدمة كادر شبه منفصلين عن بعض، وهو ما يناسب للغاية العرض بتقنية الـ3D. باختصار وفي عبارة واحدة: أحد أفضل أفلام 2013، يأتي من العام 1993!