أصلان صبي في الثالثة عشر من عمره يقيم مع جدته في إحدي القري الصغيرة التي يرتاد مدرستها.، يبدو شديد الهدوء ووجهه لا يعطي أي تعبير يطلعك علي ما بداخله. لكنه داخلياً، علي عكس مظهره الذي يمكن أحياناً أن يعطيك انطباعاً بأنه شخص مسالم، يسيطر علي نفسيته العنف والوسواس القهري. نراه في بداية الفيلم يطارد خروفاً، حتي يمسك به ويقتله، ليستخرج لحمه وأحشاءه بمنتهي البرود الذي يذكرك بالهدوء الموتر والعنيف لأبطال مايكل هانيكي، علي الأخص في فيلم "Benny's Video"، حيث يتشارك بيني وأصلان نفس المرحلة العمرية...اقرأ المزيد تقريباً، ونفس التمكن والآلية الذان يمارسان بهما هواياتهم المريضة. يتعرض أصلان لموقف محرج في المدرسة، فخ ينصبه له زملاءه. طلاب المدرسة مجتمع مغلق، له تكوينه الهرمي ويتحكم فيه "بولات"، الذي يجمع من الطلاب أموالاً بالقوة يسلمها لمن فوقه من أفراد عصابة صغيرة تقوم بابتزاز طلبة المدارس امساعدة السجناء من ذويهم وأصدقاءهم. يصبح أصلان بعد هذا الموقف منبوذاً من مجموعة "أصدقءه" بالأمر من بولات، فيزيد انعزال أصلان ونبدأ في مراقبة عالمه الخاص: أصلان مهووس بالسيميترية، يغمض غينه أمام المرآة ويمرن إصبعه علي الوصول إلي منتصف وجهه دون أن يراه، يرسم سلسلة لا تنتهي من الأشكال الهندسية تزداد تعقيداً كلما ينجح في اصطياد صرصور جديد يقتله صعقاً بالكهرباء، يتأمل النقوش الفارسية المتماثلة علي السجاد ويهوي صيد الأسماك من بئر ثلجي صغير باستخدام بطارية وصاعق كهربائي. خلال كل هذه المشاهد التي يجعلنا بايجازين نتلصص فيها علي عالم أصلان، يتوحش بولات وتزداد سيطرته علي جميع الطلاب، بينما يخطط أصلان للانتقام بهدوءه وثباته المعهودين. بايجازين مخرج ناضج بوضوح، يقدم نموذجاً مثالياً لكيفية صنع عمل أول يضعك في مقدمة مخرجين العام الجدد بما يحمله من أساليب بصرية ودرامية متفردة. يخرج بايجازين أداءاً طبيعياً مبهراً من ممثلينه الغير محترفين، وغلي الأخص من بطله (تيمور أيدربيكوف) الذي وجده في ملجأاً للأيتام. لقطاته الثابتة المرسومة بعناية تصنع إيقاعاً سلساً يمتعك برحلتك وسط الحقول المجمدة في الريف الكازاخستاني البسيط وأنت تتابع أصلان يتربص لأعداءه، وتتشوق لرؤية المواجهة بين قوة بولات وشره الطفولي ودهاء أصلان المستتر. بايجازان لم يصنع فيلماً عادياً عن طفل يدفعه الانعزال إلي الانتقام من زملاءه، وإنما تناول بشاعرية جانباً مريضاَ متواجد بداخل أطفال كثيرين من نوعية أصلان. في Harmony Lessons، استخدم إمير بايجازين خياله الخلاق في تحويل قصة عادية إلي رحلة مثيرة تتابع بطلها بشغف وتنتظر نتيجتها باستمتاع.