أراء حرة: فيلم - The Light Between Oceans - 2016


"دراما أخّاذة تعتصر القلوب" ...

فيه كلام حلو كتير ممكن أقوله عن الفيلم لأنه فعلاً فيلم متميز وتقيل دراميّاً، وأكتر.. هأحاول ألخّص أفكاري في الفقرات الجايّة، اللي هتكون عامة حوالين الفيلم.. مش على حاجة ممكن تُفسد المُشاهدة.. كما هو العادة مع كتاباتي عن الأفلام. . . . . فيلمنا هذا فيلم عاطفي في المقام الأول.. واللي عارف فيلم المخرج "ديريك سيانفراس" السابق (Blue Valentine) هيعرف قد ايه الراجل ده جوّانيّاته العاطفية حزينة جداً، كأنه مُثقّل بهمّ دائم عن الفُقدان وعن الحب صعب المراس.. وواقعية الموود اللي بيخلقه...اقرأ المزيد سهل جداً التواصل معاه، لأن حسه الفني مُصدَّق وعالي أوي لما ييجي يتكلم عن المعاناة العاطفيّة في قصص الغرام والحب بين العشاق أو الأزواج. بطل الفيلم الأول هوّا السيناريو، الحكاية.. الفيلم مقتبس من رواية أسترالية بذات الإسم صُدرت أربع سنوات قبل الفيلم، وواضح إن المخرج مهموم شخصياً بالحكايات دي لأنه كرر اللي عمله في (بلو ڤالانتايـن) لما وقف ورا الفيلم تأليفاً وإخراجاً.. مش عايز أتكلم عن القصة لأنها من أجمل الأشياء اللي المُشاهد المفروض يكتشف جُنباتها بنفسه أثناء رحلة المُشاهدة، لكن الحكاية هنا هيّا المُسيطرة على كل شئ، قصة مثيرة ومُشوّقة المتابعة.. ومكتوبة بشكل كويس، وبُنى الأحداث فيها عظيم. الفيلم مليان مشاعر فيّاضة، وروح شاعريّة.. التعاطف مع الشخصيات موجود بقوة، وأنا من النوع اللي صعب أي قصة تخليني "أتعاطف" مع شخوصها، بس ده بيحصل هنا بسبب الحَدَث ذاته اللي بيحرّكك وبيحرك وجدانك وبيُثير أسئلة في ذاتك، وبيخليك -وده شايفه من أصعب الحاجات في السينما عموماً- تكون مكان البطل وتسأل نفسَك (ماذا كُنت سأفعل في حال كان هذا الشخص أنا ؟).. ومع اعترافي إن الأمور في النصف الثاني مش بتسير بأفضل ما كانت ممكن تبقى عليه، بس في النهاية الرؤية القصصية غاية في القوّة، تحديداً عشان المؤلف كان موفق جداً في نوعية القصة اللي حب يسردها؛ وهيّا قصة عن تساؤل الأقدار والمعضلات الأخلاقيّة.. وفكرة امتى الشخص مع نفسه ممكن يتحايل على مبادئه ويستثنيها قليلاً في أحد المواقف الحياتية، الفيلم بيضرب في الصميم عن الأسئلة الأخلاقية: عن ايه الـ(صح)، وايه الـ(أفضل إنه يتعمل)، معالجة مختلفة عن صراع الأزلي بين العقل والقلب.. وتعدد مناظير الشخصيات حوالين ذات الشئ.. والدراما اللي طالعة منها مش هيّنة أبداً. حاجة كمان مميزة وهوّا جرعة الكآبة فيه، موود الفيلم كئيب جداً، وفي الأول انتا لا تغفل إن البداية الهادئة دي ما هي إلا الهدوء ما قبل العاصفة، بعد كده الفيلم بيحطك قدام التيّار عشان يلعب شويتين بعواطفك، بس رغم كونه فيلم كئيب فعلاً في الموود العام بتاعه، إلا إنه موصلش معايا لجُرعة الكآبة الخالصة اللي حطني فيها تحفته السابقة (بلو ڤالانتايـن) اللي شاهدتها من اسبوع وكانت من أقسى وأروع مُشاهدات العام... وده لأن القصة فيه تتسم بالواقعيّة والعالميّة أكتر؛ سهولة تخيُّل وجودها في أي كورنر من أي شارع. . . . . ختاماً عايز أُشيد بأربع نقاط ليهم التأثير الجليل على مكانة الفيلم: استخدام الألوان البيضاء، التصوير، الكلوز آبس، والمونتاج. أولاً: أهم أسباب انجذابك ناحية موود الفيلم هوّا اللون الأبيض المُسيطر على معظم المشاهد، وهوّا لون يوحي بالبراءة والطيّبة، ودي نقطة جوهرية في دوافع شخصيات الفيلم، وإن مكانش اللون أبيض فهو لون هادي بيُكسب الفيلم خصوصية وتفرُّد من حيث الصورة. ثانياً: الفيلم مميز جداً تصويرياً، لدرجة إني شايف إنه لو أخد الأوسكار مش هتبقى مُبالغة عليه.. واحد من أروع الأفلام من حيث تصويرها وتكويناتها. ثالثاً: اللقطات القريبة أو الكلوز آبس على الشخصيات، كانت مهمة جداً برضو لأن الفيلم فيه لحظات كتيرة بتتكلم عن الشخصيات أكتر منها عن الحدث. رابعاً والأهم: استخدام التلاشي (Dissolve) عبقري هنا!.. أنا أُرشّح الفيلم لأي حد بيحب ألاعيب المونتاج عشان الفيلم مونتاجياً فيه حاجات حلوة غير كون لقطاته مضبوطة الإيقاع، بالنسبة لفيلم يتسم بالهدوء النسبي لمووده وإيقاعه.