مش عارف الناس واخده بالها من عمرو سلامة ولا لأ في أنه من أكتر المخرجين المهتمين بـ سينما الطفل – إن جاز التصنيف – من أول فيلم لامؤاخذة إللى قدم من خلاله كمؤلف ومخرج، الطفل أحمد داش، وكان فيلم لامؤاخذة تالت أفلامه الطويلة بعد زي النهارده 2008 وفيلم أسماء 2011، والحقيقة كان نفسي أقول أنه الوحيد، لأن مفتكرش حد مهتم بالطفل سينمائيًا زيه، بس لربما يكون في حد تاني وأنا إللى مش واخد بالي. وفي نفس السنة 2014 أخرج عمرو سلامة صنع في مصر هو صحيح بطولة احمد حلمي، لكن أحداث الفيلم ليها علاقة بالأطفال جدًا،...اقرأ المزيد والأهم انه كان في فترة الناس بتشتكي إن الأفلام معادتش آمنه لأطفالنا، بعد إنتشار كتير من قصص البلطجية في الأفلام ورحلة صعودهم! مش عارف صدفة ولا لأ إن كل فترة عمرو سلامة يقوم مقدم حاجة للأطفال، يعني بعد زي النهارده وأسماء، قدملنا فيلم لا مؤاخذة، وبعد صنع في مصر والشيخ جاكسون، رجع وقدملنا برا المنهج 2021، يعني كل فيلمين عمرو سلامة بيروح عامل حاجة للأطفال، وكأنه ندر ما، ندره لكل فيملين يعملهم انه يقدم فاصل طفولي. برا المنهج فيلم من بطولة الطفل "الفذ" عمر شريف والمارد الكدواني وشهد حضور مميز للضيوف روبي/ أحمد خالد صالح / دنيا ماهر/ محمد عبدالعظيم وظهور مميز لأحمد آمين وعلي قاسم. الطفل نور يتيم الأبوين، أبونضاره مش بيشوف منها حاجة، والناس بتقول يا عماشه وجوز خالته تاجر الحشيش البلطجي، كل المآسي دي مقدرتش تطفي "نور" عن انه يحاول يكسب إحترام إللى حواليه ويحظى بإعجاب البنت اللي بيحبها. الأجواء شوية كانت شبه فيلم لامؤاخذة، في فيلم لامؤاخذة هاني أضطر يكدب عشان إللي حواليه يقبلوه، في برا المنهج نور كدب والنتيجة كانت إحترام زمايله ليه والأهم أنه لقي نظرة الإعجاب والفخر من البت اللي بيحبها، ويبدو إن عمرو سلامة عمل ربط بين الفيلمين من خلال الفنان محمد عبدالعظيم إللى ظهر في الفيلمين بنفس الشخصية ونفس الاسم " الاستاذ رجب بحر احمد " بس في لامؤاخذة كان مدرس عربي، وفي برا المنهج الأستاذ رجب ناظر المدرسة. أنا اخترت جملة " حقائق مؤلمة .. أكاذيب مريحة " كـ سلوجن للفيلم وهقولك ليه، بس خليني أقولك إني افتكرت فيلم صاحب المقام والموقف اللى وقع فيه آسر ياسين كان نفس موقف نور في الفيلم، الناس مبتحبش الحقيقة لو هتتعبها، الأمل حتى لو كان كداب فهو مريح. الفيلم كان فيه إطلالات كتيرة على كم الكذبات والخدائع إللى حصلت في سرد القصص التاريخية على مر الزمان، الجميل هو كيفية تنفيذ المشاهد دي بشكل لطيف جدًا ومٌحبب لعيون الأطفال، وأسلوب تنفيذه خلاني أقول أنه بينتمي لسينما الطفل، حتى لو بمعايير ما ممكن حد يثبت أنه لا سينما طفل ولا سينما فحل. إختيار القصة الموازية لقصة نور لتكون قصة مذيع صوت العرب الراحل أحمد سعيد وإللي تم إتهامه بنشر بيانات كاذبة عن حرب 1967 لما كانت كل الدنيا بتنقل الحقيقة وإذاعة صوت العرب بتقرأ بيانات القيادة العسكرية وقتها إللى كانت بتعلن إنتصارنا في حين إنها كانت نكسة. المارد الكدواني جسد شخصية أحمد "وحيد" والحقيقة إن وحيد مش بس هو اسم بديل لسعيد عشان الهروب من أي مشاكل قضائية، لأ ده كمان عبر عن حالة هذا المذيع المنبوذ وإللي اختار يعيش وحيد بعيد عن الناس من فرط ألمه وأحساسه بالوجع إللى سببه للناس، وفي الحقيقة أحمد سعيد الله يرحمه قال في مقابله أنه كان مستحيل تجيله بيانات من القيادة العسكرية ويرفض يذيعها! الحقيقة مقدرتش أحدد أحداث الفيلم في آخر الثمانينات ولا في مطلع التسعينات، لأني كنت بتفرج وانا مرهق جدًا ونفسي أنام، بس هو عامة الأحداث في عصر إكتشاف اللوليتا، حاجه كده بين المصاصه والجيلاتي، آخر التمانينات ومطلع التسعينات. شئ مهم جدًا وأمين أنه يتم ذكر المراجع إللى إستند إليها عمرو سلامة وخالد دياب في كتابة الفيلم. أهم الصور السينمائية اللي دعمت قصة الفيلم • محمد علي باشا وهو بيحط كلبش في ايدين عمر مكرم والبنت المصرية أم بيشه بيضا، في الحكاية هو بيجوزهم لبعض، لكن هو في الحقيقة بيسجنهم، وممكن تفهم منها إن اللي بيحبوا الوطن حبهم ده بيتحول لقيد، لأنه مبيبقاش "طامح" في أي سلطة، فـ بييجي اللى "طامع" في السلطة ويلبسهم في الحيط، وده إللى عمله محمد علي مع الزعيم عمر مكرم، زعيم المقاومة الشعبية وقتها ودي الحكاية اللى برا المنهج. • لقطة لا مبالاة على قاسم لما الشبح ظهر والكل جري وهو الوحيد إللى وقف متنح ومش فاهم حاجه وغير عابئ كلية، في اللقطة دي علي جسد شخصية الموظف المجرد من أي شئ، هو موظف وبس، لا يعنيه أي شئ سوى تنفيذ أمر الازالة، ولا يعنيه الراجل اللى عايش جوا ده راجل ولا شبح ولا عفريت، هو موظف وبس زي كده الموظف اللى كان في فيلم " حكايات الغريب " إللى كان بيدور على العهدة وكل إللى شاغلة في آخر الفيلم هيكتب إيه في المحضر. برا المنهج، فيلم له من اسمه نصيب، فهو برا المقرر علينا في السينما من فترة كبيرة.
أستغربت الحقبة الزمنية التي دار بها الفيلم و التي تعود إلى حقبة الثمانينيات ، و هذا كان واضح في الملابس و المركبات الآلية و النظارات و تسريحة شعر النساء و أسماء الفنانين المتداولة كأحمد مظهر مثلاً ... لأن القصة -في رأيي- لن تتطلب تلك الحقبة و كان من العادي أن تجري في زماننا هذا ... فهل كان من الصعب على المؤلف أن يصيغ الأحداث في وقتنا المعاصر ؟ هل كان صعباً أن يجد إسم غير ( نور الشريف ) لمزجه بالسخرية من كيان طفلنا ؟!! هل الأرشيف المصري خالي من أي أحداث أمنية/سياسية في التسعينيات مثلاً لها...اقرأ المزيد خطوط تصلح لمزجها مع شخصية المراكبي "ماجد الكدواني" غير القصة التي عُرضت في الفيلم ؟!!! هذه نقاط تتلخص في مشكلة زمان أحداث الفيلم و للأسف ليست الأخيرة ، فالسيناريو حقيقةً مليء بالفجوات ... منها مثلاً تنميط و تضييق حجم الأدوار المساندة في الفيلم و إتيان ضيوف شرف بالبراشوت كأحمد أمين مثلاً ... قرار السيناريو بالمناصفة بين خالد دياب و عمرو سلامة بتضييق الأدوار المساندة خلى كل واحد و نصيبه ، فمثلاً محمد عبد العظيم و أمجد الحجار أدوارهم صغيرة لكنهم أكثر من أضحكوني في المرات الكوميدية في الفيلم .. بينما زملاء "نور" في الفصل الدراسي و طالبة مدرسة البنات المجاورة ... أطفال المدرسة و المحبوبة الصغيرة مشاكلهم بدأت و حُلت بشكل غير مفهوم . و أحمد أمين من المفترض أنه قبيح و المفروض علينا كراهيته و لكن الفيلم لم يفهمنا خلفية شخصيته أساساً ولا أيضاً لماذا إبنه يعامله بهذا الشكل . و غياب دور الأم من الفيلم غير مشروح ، لماذا توفت و ماذا أسفر عن وفاتها و جعل هذا الوضع بين الطفل و أبيه ... و لدينا أيضاً مشكلة في الرابط بين عنوان الفيلم و موضوعه ، "برة المنهج" .. ما التقويم الإنساني المفروض على طفل مهمش الكيان و ضعيف الشخصية إستمداده من كشف أكاذيب تاريخية -في رأي المؤلف- لتعزيز كيانه ؟!! ما الرابط أصلاً بين معاناة الطفل و الحكايات التاريخية التي سُردت في الفيلم بلسان و صياغة "المراكبي" ؟!! إجابة السؤالين : لا يوجد و هذه النقطة السلبية أفسحت الطريق لمشكلة في الإخراج ... بجانب مشكلة زمن الأحداث و التي لا حل بيد الإخراج لها ، ظهر تأثر و هيام المخرج بمدرسة "ويس أندرسون" في مشاهد الحكايات التاريخية و ديكوراتها ، مما أدى لمضاعفة مشكلة الربط في السيناريو ، بالإضافة للمباشرة الشديدة أصلاً . أعتقد أن "عمرو سلامة" حينما جلس على كرسي المخرج أرتاح أكثر لأن فيما هو غير السيناريو كان أفضل ... إستطاع السير بإيقاع مناسب و تقديم كادرات جميلة و أجواء خفيفة و لطيفة في المدرسة و إدارة جيدة لفريق التصوير و الديكور و الملابس و توظيف موفق للموسيقى التصويرية الجميلة لراجح داوود التي كانت مناسبة للفيلم و إستخراج أداء جيد من بطلي الفيلم عمر شريف "نور" و ماجد الكدواني "المراكبي" ، بطلي الفيلم فقط ... أداء الطفل "عمر شريف" كان جيد جداً و واعد في المستقبل و أنا شخصياً تأثرت معاه في معظم لحظاته برغم نمطية الشخصية ... أداء "ماجد الكدواني" أيضاً جيد جداً و أقترب من ممتاز حينما تم الكشف عن خلفية شخصيته و ذلك برغم نمطية الدور .. "روبي" شخصيتها غاية في النمطية و بنائها صفر و مفتقدة للدافع في أغلب تصرفاتها و أداءها لن يذكر تقريباً إلا ببعض اللحظات التي إستطاعت إلتقاطها بخفة ظلها و بغنوتها القصيرة في الفيلم ، بس لو على غنوتها فكان من الممكن أن تُدلى داخل الأحداث و نقتص دورها تماماً و كان ذلك أفضل لها و للفيلم ... دنيا ماهر "خالة نور" قدمت أداء جيد و كانت محظوظة بقدرٍ ما بشخصيتها التي كانت خالية بنسبة كبيرة من الفجوات .. أحمد صالح "زوج خالة نور" رغم ضرورة شخصيته كونها خط الشر الأول إلا أنه شرير سيء بكتابة نمطية و أسوء أداء في الفيلم ، كون أحمد صالح بالنسبة لي ممثل غير جيد أصلاً و تعبيرات وجهه محدودة و ذلك حتى دون المقارنة مع أبيه الراحل خالد صالح ، مع إحترامي له طبعاً ... نهايةً ، فيلم《برة المنهج》في مجمله ظريف و دافئ و مسلي جداً و أنا شخصياً فضلت الإنتصار لنقاط قوته عن مشاكل السيناريو و تقييمه له أصبح 6.5/10 ، و بصراحة محتار في تحميل مشاكل السيناريو لمن بالضبط لعمرو سلامة أم لخالد دياب ، و لكن إن كان الأول هو السبب -فرأيي- أنه يحتاج لنهضة أكبر في الكتابة من ذلك و إن كان الأخير السبب فللأسف خسارة كبيرة ، لأنه واحد من المؤلفين و الكُتاب المفضلين عندي بشكل شخصي .