رصيف بيروت  (2024)  Raseef Beirut

0

وسط آلام اﻷقصى واﻹبادة الجماعية في غزة، تهمس بيروت بقصتها في رسالة من (فرح) إلى صديقها الراحل الصحفي (عصام عبدالله) الذي شكل مقتله بداية لجبهة الحرب اﻹسرائيلية اللبنانية في 13 أكتوبر 2024، بعد أن...اقرأ المزيد أطلقت إسرائيل صاروخًا أودى بحياته فوًرا، يرسم الفيلم معاناة بيروت وعذابات القدس في غيابه، وتروي (فرح) الواقع المضطرب بعد أن أصبح تحرير فلسطين أخيًرا حقيقة واقعة.

  • دليل المنصات:



مشاهدة اونلاين (برعاية Yango Play)




صور

  [1 صورة]
المزيد

تفاصيل العمل

ملخص القصة:

وسط آلام اﻷقصى واﻹبادة الجماعية في غزة، تهمس بيروت بقصتها في رسالة من (فرح) إلى صديقها الراحل الصحفي (عصام عبدالله) الذي شكل مقتله بداية لجبهة الحرب اﻹسرائيلية اللبنانية في 13...اقرأ المزيد أكتوبر 2024، بعد أن أطلقت إسرائيل صاروخًا أودى بحياته فوًرا، يرسم الفيلم معاناة بيروت وعذابات القدس في غيابه، وتروي (فرح) الواقع المضطرب بعد أن أصبح تحرير فلسطين أخيًرا حقيقة واقعة.

المزيد

  • نوع العمل:
  • فيلم





  • هل العمل ملون؟:
  • نعم


أراء حرة

 [1 نقد]

رصيف بيروت.. مكان أبدي للعابرين

رصيف بيروت.. مكان أبدي للعابرين قد تكون لقطة عابرة لن يلتفت إليها الكثيرون، لكنها تحمل مفتاحًا لفهم الفيلم: تتجول الكاميرا في يد المخرجة بشكل حر في أحد المخيمات التي يسكنها الفلسطينيون في لبنان على حافة مفاهيم وتفسيرات كلمة (وطن) حيث لا يصبح المكان الذي ولدوا فيه وطنًا، وليس أيضًا المكان الذي يعيشون عمرهم كله فيه كذلك، هم يعيشون في مخيم، والمخيم لا خيامَ فيه كما يجب أن يتبادر إلى الذهن، إنما فيه أبنية ضنينة وشوارع ليست كالشوارع بل ممرات تضيق كلما أوغلت فيها. ممنوع فيها البناء. مسموح فقط...اقرأ المزيد بالحياة على شفا مفهوم الحياة في انتظار يوم يخرج سكانه إلى وطن حقيقي يعرفون أنه ينتظرهم، وهم (مثلما تصفهم المخرجة بصوتها في حوار داخل الفيلم) يعيشون في "غرفة انتظار". مكان وحالة وحياة مؤقتة. الناس على طبيعتهم يسيرون: امرأة تخاطب رجلًا ربما زوجها الذي نسمع صوته من خارج الكادر دون أن نراه، الأصوات ليست واضحة تمامًا لكنهم يتبادلون حوارًا يوميًا معتادًا فيما يبدو. على جانب الطريق نرى ثلاث سيارات تمر عليها الكاميرا عفويًا: الأولى شديدة القدم مركونة منذ زمن بعيد أكل صفيحَها الزمنُ فصارت قطعة خردة صدئة، والثانية أحدث، أحسن حالًا؛ لكن إطاراتها نائمة، يبدو أنها مركونة منذ زمن بعيد أيضًا، وأخيرًا سيارة حديثة من الواضح أنها جيدة قابلة للاستخدام. كأننا في هذه اللقطة التي لم تستغرق سوى ثوانٍ معدودة نستعرض تجسيدًا طبيعيًا للزمن؛ الماضي البائس والحاضر العاجز والمستقبل الذي يجب أن يكون أكثر إشراقًا، كل هذا ونحن (الكاميرا) نمر بهذه الصور بشكل عارض. ليست بغية الفيلم الحديث عن الماضي أو الحاضر أو المستقبل لكن وجودهم يفرض نفسه. الفيلم هو مرثية للمصور الصحفي عصام عبدالله الذي كان أول مدني (صحفي) يستشهد جراء القصف الإسرائيلي لجنوب لبنان كما نعرف من التعليق، لكن رحلة اكتشاف هذا الرجل الذي ترك صورًا كثيرة لا يَظهر فيها وإنما يصور الآخرين تحملنا قسرًا للحديث عن فلسطين ولبنان وطوفان الأقصى والعديد من الهموم العامة والشواغل الخاصة أيضًا. إن فرح الهاشم في فيلمها (رصيف بيروت) تعود كما هو الحال في معظم أفلامها السابقة مثل (ترويقة في بيروت) و(بيروت برهان) إلى اكتشاف ما هو كونيٌّ في الذات. لا نستطيع أن نصنف الفيلم على أنه فيلم سيرة ذاتية. لا أعتقد أن فرح الإنسانة وصلت من تضخم الأنا حدًا يجعلها تعيد الحديث عن نفسها وحياتها ومدنها مرة بعد أخرى، لكنها على خلاف ذلك تكشف لنا- وربما تكتشف معنا- كيف يمكن للذات على نواتيتها أن تولّد حديثًا وجوديًا عن الكون على رحابته. إنه فيلم فيه من خصائص التعبيرية والرومانتيكية مثلما فيه من جدية التوثيق والتطلع إلى التخييل أو الدراما. يمكننا تصنيفه كفيلمٍ وثائقيٍ فقط إذا ألصقنا بذلك اعتباره فيلمًا مفرطًا في الوجدانية. اكتسب الفيلم اسمه (رصيف بيروت) حسب تصريح صانعته من اسم المقهى الذي كانت تجلس عليه والذي صورت عليه معظم اللقاءات، ولا يمكننا التغاضي عن مدلولات الاسم التي يظهر أنها أكثر عمقًا وارتباطًا بموضوعه وأسلوب السرد، حيث الرصيف مكان يلتقي فيه الجميع بالجميع، لكن اللقاءات دائمًا عابرة، لا أحد يعيش للأبد على الرصيف وربما أيضًا ليست بيروت مستقرًا لأحد من أبطال الفيلم. الكل يأتي ويرحل في حركة دؤوبة دائمة تسمح فقط للجالس على المقهى برصدهم وتأمل حركتهم والتفكير في معناها الوجودي وجدواها الممكنة أو إمكاناتها المستحيلة. هذا المقعد اختصت المخرجة نفسها به وسمحت لنا بحيز من المشاهدة من خلال رؤيتها. فرصدنا عصام المصور الشاب الذي كان ظهوره كومضات ورحيله سريعًا. سكان المخيم العابرون ينتظرون لحظة التحرير على يقين بأنها ستأتي حتى لو تأخرت كقطار عتيق قدومه حتمي وإن كان تعطله في الطريق محتملًا أيضًا. أصدقاء المصور الشهيد وعائلته وأخرون عابرون كلهم يجدون مساحة فارغة ليظهروا من خلالها ثم يخلونها سريعًا ليحتلها غيرهم، حتى القطة التي تحملق في بقايًا الطعام، لا تأخذ قرارًا بالتهامه أو تركه لأنه لا يناسبها. المواضيع التي ننتقل خلالها كأنها حكاوي رفقاء على محطة قطارات تتشعب إلى كل شيء مهما كان الحديث عن شيء واحد أو شخص محدد. عندما تقدم على صنع فيلم عن شخص ما تبدأ دون شك بالبحث عنه هو بذاته لأن الحوار معه أجدر حوار عنه، لكن إن كان رحل عن عالمنا يصبح حتميًا البحث عن آثاره والتساؤل أين تركها، فيم؟ وفيمن؟ ولأن بطلنا هنا لم يترك نصوصًا مكتوبة بدأت صانعة الفيلم تفتش عن صورته التي تركها في ذاكرتها هي (كصديقة له) أول الأمر من خلال الرسائل الصوتية والفيديوية التي أرسلها لها عن بعد، ولما كانت تلك بالإضافة إلى ذكريات أصدقائه وأقاربه شحيحة نوعًا ما لم تتورع عن التفتيش عن رائحته التي تركها في الأماكن التي زارها يومًا ليصورها، حتى لو لم يكن منتميًا مباشرة لها مثل شجرة الميلاد ومثل المخيم الفلسطيني ومثل القطار الصدئ الواقف منذ أكثر من 75 وسبعين عامًا والذي كان يوما يقل الركاب من وإلى القدس قبل النكبة. هنا جاء انفتاح الفيلم من الخاص إلى العام، من مرثية لصديق إلى تأمل في حال أمة. قبل عناوين البداية تُعرفنا فرح بشخصية عصام عبدالله من زاوية رؤيتها له كصديق طيب مرح يعمل وسط الأحداث بروح شاب عابث ساخر من الأحداث يسجل فيديو أثناء تغطيته لأحداث عنف في مكان ما في بيروت وبينما يتسلق المتظاهرون جدار عزل أسمنتي يبدو أنه مضاد للانفجارات ليحمي أحد الأماكن المهمة يختار هو وسط ذلك أن يتحدث لاهيًا عن طريقة صنع المكرونة (الباستا) بالدجاج بصلصة الكريمة البيضاء. كل محترف لصناعة الصور هو في الواقع أحد المنسيين، دائمًا يطلقون عليه لقب (الجندي المجهول) ربما كنوع من الاعتذار له أو تبرير موقفه، أو حتى تقرير واقع. لذلك يكون من حسن الطالع أن يكون لديك (كمصور) صديقٌ قد يتحدث عنك يومًا. أدركت فرح الهاشم ذلك، وأرادت أن تكون بإخلاص ذلك الصديق، فقررت أن تصنع فيلمًا يبقى كذكرى لصديقها، من أجل ذلك حاولت توظيف كل أدوات السينما الوثائقية والروائية معًا؛ فهي تستخدم الوثائق المتاحة سواء كانت فيديوهات أو رسائل صوتية، واستخدمت الرسائل النصية والصور فطبعتها ونشرتها على حبل داخل غرفة مغلقة تذكرنا بصورة معمل الفوتوغرافيين التقليدية. اعتمدت أيضًا على التصوير المباشر للقاءات، أو فيديوهات سواء كانت تصب في الموضوع مباشرة أو حتى تولد علاقات ما بينه وبين الأحداث المحيطة. يبدو ذلك امتدادًا لوظيفة الشخص الذي تتحدث عنه؛ فقد أمضى عمره لاهثًا وراء الأحداث وهذا ما يقوم به مصورو الوكالات، من واقع تجربتي. لو كنت تعمل في إحدى القنوات المختصة في تغطية الأخبار ياتي يوم أو مكان حيث العنف على أشده فتجد القناة ترسل لك بريدًا شديد اللهجة يطلب منك بلهجة قطعية حاسمة أن لا تعرض نفسك للخطر، من واقع مسؤولية القناة عنك سواء كنت موظفًا ضمن طاقمها أو حتى متعاقدًأ معها كمصور حر. على خلاف ذلك يأتي عمل الوكالات فهي تلقيك دائمًا في مواقع الأحداث العنيفة، صحيح أنها ستدربك على محاولة تلافي الأخطار لكنها ستهتم قبل كل شيء بحصولك (لصالحها) على المزيد من الصور الواضحة الصريحة من الموقع، وبينما قد تكتفي القنوات أو المواقع أو الصحف بنشر صور أرشيفية أو تعبيرية أو حتى رسومًا توضيحية لو كان الأمر خطيرًا للغاية، لا يمكن للوكالة الإخبارية إلا أن تنشر صورًا جديدة حية ما أمكن ذلك، خاصة الوكالات غير الرسمية، أي التجارية التي تبيع الصور والفيديوهات ثم الأخبار. هكذا قضى عصام عبدالله حياته في سيارته أو على دراجته النارية يهرول بين أماكن الأحداث والصراعات، انتقال دائم، سفر مستمر حتى جاءت رحلته الأخيرة التي كانت من موقع الحدث إلى السماء. وظفت صانعة الفيلم الدراما كجزء مهم من أدواتها لرواية القصة، وهي بذلك تساهم في جعلنا نندمج مع الفيلم من خلال قصة حب محتمل، أو صداقة تصل إلى درجة الحب، وربما انجذاب عاطفي متدثر ببردة الصداقة. نتوقع القصة أول ما نسمع رد فعلها من خلال الصوت دون أن نرى وجهها، عندما تخبرها صديقة مشتركة بأن الداهية التي توقعتها حدثت، وأن الصديق/الحبيب مات.. قُتل.. استشهد. بكل اللوعة والمرارة تنتحب وهي تذكر اسمه. هنا تبدأ الحدود في التلاشي بين الوثائقي والتخييلي، بين الحقيقي والمتوهم، بين الواقع والواقعيّ. ما تزال فرح مصرة على أن تقوم هي بكل شيء في صناعة أفلامها خاصة في مراحل ما قبل الإنتاج والإنتاج، لكننا نلاحظ أنها أصبحت أكثر احترافية في استخدام الكاميرا وفي تسجيل الصوت، لكنها ما تزال مهارة حرفية، تقنية، أما لو تحدثنا عن الابتكار الجمالي والإبداع الفني في التصوير لا يمكننا أن نقول إنه تخطى مراحله البدائية، لم تستطع توظيف الإضاءة والعدسات مثلا بشكل جيد في المشاهد الأدائية سواء التي ظهرت هي فيها مؤدية مونولوجًا طويلا، أو الديالوج الذي يظهر فيه بعض الأصدقاء/الصحفيين الذين جعلتهم فيه يقفون في وضع التصوير الجانبي (البروفيل) في تكوين بسيط وعلى خلفية غير محددة المعالم لأنها قريبة جدًا منهم بحيث لم تعد هناك مساحة لعمق يبرز جمال اللقطة أو يبرز معنى ما من خلال التفاصيل الموجودة، وفي نفس الوقت ليست الخلفية حيادية تمامًا بحيث لا تشتت عين وعقل المشاهد، الظاهر أنها لم تفكر أصلا في الكاميرا إلا كأداة جامدة لالتقاط الصور وليس كأرضٍ خصبة تستطيع في يد حارث عاشق أن تروي القصة بلغة تصل مباشرة إلى قلب المتلقي، فالفيلم كما يحوي الدراما والأداء أمام الكاميرا والحوار والموسيقى لن يستغني أبدًا عن كونه فنًا بصريًا وإيقاعيًا، وهي نقطة مهمة من المؤكد أنها تدركها كدارسة للسينما لكنها يجب أن تحققها أيضًا ما دامت ترغب في القيام بكل الأدوار كمخرجة مؤلفة ليس لديها تلك المساحة للجدل الفني أثناء صناعة العمل، والآراء الأخرى التي تضيف وتثري العمل الفني، ولا يجب (من وجهة نظري) أن تختصر هذه الأدوار في جانبها التقني مثلما قد يفعل صحافي الفيديو أو من يسمونه (One Man Band). ولعلنا هنا نلفت النظر إلى أن كثيرًا من المخرجين العرب يتعاملون مع التصوير السينمائي أو التليفزيوني على أنه عمل تقني وهذا قد يكون مبالغة في الادعاء بأن العمل لا يمكن نسبه إلا لهم، وهي معضلة لا يمكن التوسع في نقاشها هنا، لكن باختصار الواقع ينفيها. فيلم رصيف بيروت هو رحلة رومانتيكية تنطلق من فكرة تأبين الصديق المصور الصحفي الشهيد عصام عبدالله لكنها لا تقف عنده بل ترتحل إليه دون أن تجده، بل نكتشف من خلالها أنه تجسد كتاريخ قديم، تاريخ صراع لم يحسم ووطن في انتظار التحرير ومهجرين يعرفون أن وطنهم هناك على بعد كيلومترات قليلة لكن أوان العبور إليه لم يأت بعد، وأخيرًا حلم متجدد يتكرر كل يوم حيث الراحل يعطي صديقته كتبًا ويصحبها على دراجته في شوارع بيروت ويزور معها السينما التي لم توجد يومًا في (الحمراء) لكن وجودها تحقق في الحلم. ويغادرنا الفيلم بصوت صفير قطار لا نتبين تمامًا إن كان مغادرًا أو أنه وصل توًّا.. في الواقع يوحي صوت عجلات القطار أنه عبر المحطة دون أن يتوقف فيها وتركنا منتظرين على رصيف بيروت.

أضف نقد جديد


تعليقات