"الطريق الى جهنم، مفروش بالنوايا الحسنة" تنطبق تلك المقولة تماماً على فيلم صرخة نملة للنجم عمرو عبدالجليل، والكاتب طارق عبدالجليل والمخرج سامح عبدالعزيز، الذي يعطيك خيالك الحق بمجرد قراءة اسمائهم على افيش الفيلم ان تنتظر مشاهدة فيلم كوميدي لطيف يحمل قيمة ما بين مشاهده، ثم يسرح بك هذا الخيال عندما تقرأ أخباراً عن عرض الفيلم ضمن فعاليات مهرجان كان السينمائي لدرجة أن يضع صناع الفيلم شعار المهرجان الاكبر عالمياً ضمن تتراته في أن تتخيل أنك تشاهد فيلماً ذا قيمة يتحدث عن ثورة مصر العظيمة، كأول الأفلام التي تتناولها سينمائياً. ولكن خيالك يرتد إليك خاسئاً وهو حسير بعد مرور ما يقل عن ربع ساعة من بداية الفيلم، حيث تكتشف أنك أمام فيلم مهلهل، تدور أحداثه بناء على طلب المشاهدين - مشاهدي التصوير و ممولي الفيلم ايضاُ - حيث يعتمد الفيلم على ربط أحداث هامة ببعضها البعض، دون رابط فعلي سوى شخصية جودة المصري التي يقدمها عمرو عبدالجليل، واستعراض عدة قضايا يصلح كلاً منها وحده فيلماً، ولكن السيناريست طارق عبدالجليل الذي أعلن مسبقاً أن صرخة نملة عبارة عن جزء ثان لفيلم عايز حقي للنجم هاني رمزي، حيث كان يرغب أن يتناول قضية الصكوك، والتي كانت تنوي الحكومة المخلوعة صرفها للشعب من حقه من المال العام، ولكن بعد بدء تصوير الفيلم كانت الفكرة قد ذهبت أدراج الرياح، فاضطر طارق فيما يبدو الى تقليص حجمها، ليضيف اليها بعض قضايا الفساد، وتوحش جهاز امن الدولة، اتحدث الثورة، ويقرر صناع الفيلم "حشرها" في الاحداث، ليضيف طارق بعداً اخر عن الفساد الحكومي، ويهاجم الحكومة وفاسديها، ولكنه ينسى أن يغير النهاية، ليجعل بطله يموت برصاص الحرس الجمهوري، وهو يحاول الوصول لرئيس الجمهورية خلال موكبه لابلاغه بحجم الفساد في البلد. وخلال هذا نسى صناع الفيلم الخط الدرامي الرئيسي لبطله العائد من السجن في العراق، والباحث عن زوجته الهاربة، وكذلك نسى عمرو عبدالجليل طاقاته الفنية وانشغل بمحاولة اطلاق "افيه" أو أكثر لملأ الفراغ الكوميدي الذي يشهده الفيلم الذى فقد لونه فيلم يستطع صناعه جعله فيلماً كوميدياً ولا فيلماً سياسياً، ليخسر عمرو كثيراً بعد نجاحه في فيلمه الأول كلمني شكرا. كذلك يبدو أن صناع الفيلم نسوا اكمال دور رانيا يوسف والذي ظهرت في اكثر من ستة مشاهد لترقص فقط دون اي اداء أو اختلاف اللهم الا ملابسها فقط، ثم اضافوا اليه مشهدين تمثيلين أو ثلاثة لتنطق ويظهر صوتها في الفيلم. أما عن باقي الفيلم فحدث ولا حرج، ولكن المحرج في الحقيقة هو أن يتم عرض الفيلم على العالم في مهرجان في قيمة كان، وان كنت أظن أن الفائدة الواحدة التي عادت على مصر من هذا، ان صناع الفيلم في كل مكان حول العالم عندما يرون هذا الفيلم سيدركون لماذا صنعنا ثورة. فيلم صرخة نملة، سقطة في حق كل من شارك فيه، وانذار لكل من يحاول التكسب من ثورة يناير سينمائيا، حتى يفكرون كثيراً قبل أن يصنعوا فيلماً يمسها، لأنها أكبر وأعظم من أن يتم التلاعب بها في فيلم تجاري.