مما لا شك فيه إن طبيعة الأفلام التي تُناقش العُنف والبلطجة، والإجرام والدماء المُتناثرة، والألفاظ السوقية، مصيرها إلى زوال، ولن يتوقف أرشيف السينما الهادفة أمامها كثيرًا لكونها أفلام تُعرض في هوجة موسم، وينساها الجمهور بعد عدة شهور أو أسابيع، كمعظم حال أفلام المقاولات التي ناقشت العنف في نهاية الثمانينيات والتسعينيات بأبطال الحركة والبنيان الجسدي القوي مثل: الشحّات مبروك ويوسف منصور، والتي بعد سنوات اكتشف معظم من عاصروها وهم أطفال أو مراهقين إنهم كانوا يشاهدون أفلامًا كوميدية في هيئة أكشن، دون أن يفطنوا لذلك وقتها، حتى كبروا وتشكل وعيهم، وأدركوا طبيعة مهزلة الأفلام التجارية الرخيصة التي تهدم وتحط من الذوق العام وسلوكيات من يتأثر بها وليس العكس، وبصدد موضوع هذا الفيلم إبراهيم الأبيض الذي قدم حياة مسجل خطر قاتل بلطجي تاجر المخدرات، والقوس مفتوح لإضافة المزيد من أسوأ سلوكيات وجرائم البشر متمثلة في شخص بطل الفيلم، يندرج تحت مسمى السينما الرخيصة والتجارية، مثل سينما محمد رمضان حاليًا بغض النظر عن موهبة السقا أو رمضان التمثيلية التي أساء السقا تقديمها بهذا الفيلم، بينما يغوص محمد رمضان في وحلها منذ عدة سنوات ولا يزال. الفيلم أراه تدشين لسينما العنف الدموي شديد الإجرام، وهو فيلم للنسيان كما ذكرت، لم ينقذه من دوّامة المقاولات الرخيصة سوى الإطلالة العبقرية للنجم الاستثنائي محمود عبدالعزيز الذي أخذ بيد هذا العمل وانتشله من بِركة طينية شديدة السواد، إلى بر الأمان كفيلم يمكن أن يتقبله الجمهور والنقاد، كيف تحولت أقوال عبدالملك زرزور إلى أقوال مأثورة يتبادلها الجمهور إلى اليوم ؟! تماما مثلما الحال بالتركيبة اللغوية الطلسمية لرائعة محمود أبو زيد الكيف والتي توهج خلالها وسطح نجم الساحر محمود عبدالعزيز أيضا. فيلم إبراهيم الأبيض أنقذه الساحر الذي يليق به وصفه، فقد حول اللاشيء إلى شيء، كما لو كان ساحرا بحق. تحية لروح النجم محمود عبدالعزيز النجم الأول والبطل الحقيقي لهذا الفيلم، والذي لولاه لما اختلف عن مهازل الشحات مبروك ويوسف منصور التي نساها الجمهور، بل ندم على مشاهدتها.