يعود المخرج جاي ريتشي، لاستعراض عضلاته القوية مرة أخرى بعد التعامل مع استوديوهات هوليوود والميزانيات الضخمة، وتتواصل عودته إلى صناعة الأفلام مع فيلم "Wrath of Man "، وهو إعادة إنتاج لفيلم فرنسي مثير عام 2004 ("Cash Truck")، أو "Le Convoyeur"، من تأليف نيكولاس بوخريف، حيث يجلب حكاية السطو المسلح والانتقام إلى شوارع لوس أنجلوس، كما يلتقي بالنجم جيسون ستاثام، مما يمثل أول تعاون بينهما منذ مباراة الشطرنج السينمائية لعام 2005، "Revolver"، بالإضافة إلى طاقم مليء ببعض الأسماء العظيمة من النجوم جيفري دونوفان، وسكوت إيستوود، هولت ماكالاني، ولاز ألونسو، وغيرهم الكثير.
تركز حبكة Wrath of Man على رجل غامض يٌدعى إتش (جيسون ستاثام)، يتقدم للحصول على وظيفة حارس أمن شاحنة مصفحة في لوس أنجلوس تنقل الأموال والأشياء الثمينة كل أسبوع، وغالبًا ما يتم استهداف الشاحنات النقدية من قبل الجريمة المنظمة، يتمكن إتش من التصدي لهؤلاء اللصوص، ويظهر مهارات قتالية متقدمة عند القيادة، يكتسب احترام زملائه ورؤسائه على الفور، ولكن يكشف إتش عن نوايا أخرى غير مجرد القيام بعمله المعتاد.
مبدئيا يتمتع ريتشي بمسيرة مهنية مليئة بالصعود والهبوط، حيث أخرج أفلام الجريمة مثل "Snatch" عام 2008، و"The Gentlemen" عام2020، ولكنه تسبب أيضًا في بعض خيبات الأمل الحرجة مثل Swept Away، وفي فيلمنا هذا Wrath of Man، يعيد جاي صياغة حبكة الرواية الفرنسية، ويصنع فيلما مختلفا تماما، عن جهوده السابقة، ليكون مظلماً ومثيرًا للحركة حول شخصية باردة وغامضة تتطور مع الأحداث إلى أكثر من ذلك.
يبدأ الفيلم بعناوين لفصول، وتقسيم للأحداث، وما بين الحاضر والماضي ينتقل الفيلم في قفزات زمنية - بالإضافة إلى الترتيب لإظهار التسلسلات نفسها من وجهات نظر مختلفة (مع تفاصيل إضافية)، حيث يهدف ريتشي، إلى إنشاء نغمة تفكير في Wrath of Man، والذي يقدم تسلسل عنوان رئيسي على غرار جيمس بوند لضبط الحالة المزاجية، وتقديم هاري جيفري دونوفان كشخصية شبه أسطورية للجريمة والعقاب، ويحاول السيناريو الذي كتبه نيكولاس بوخريف، صنع لغزًا من الخطط والأهداف النهائية، والتي لها علاقة بالجشع، مع الحفاظ على الميزة التقليدية عندما يحين الوقت لتحفيز اندلاع العنف، وهو ما يجعله المحفز المكتشف لأفعال إتش، وأساليبه الوحشية للوصول إلى ذعر أولئك الذين ظلموه، فتتسم بالعنف الشديد لدرجة أنها تدفعه بعيدًا عن كونه بطلًا ملهمًا وممتعًا.
وفي النصف الثاني للفيلم ينتقل إلى الخلفية الدرامية للفريق، ويدرس جرأتهم المتزايدة عندما يتعلق الأمر بمهاجمة الشاحنات النقدية، ويشكل خطة لتعطيل الثراء المالي لـ Black Friday في لوس أنجلوس من أجل يوم واحد قد يغير حياتهم جميعا، ومع طول الفيلم الذي قارب الساعتن، يصبح أكثر قابلية للتنبؤ به، وتجد الكثير من المشاهد المبطنة والمطولة، حتى معركة السلاح التي استمرت ما يقرب من 20 دقيقة تقريبا، والتي تعد جزءا من ذروة الفيلم، كانت متوترة وبطيئة الخطى، وهو أمر نادر الحدوث في مثل هذه الأعمال التي تحتاج إلى وتيرة سريعة أكثر، ثم يصبح الفيلم قاتما بمجرد كشف الأشياء فيختفي عنصر الغموض، ويدخل في منطقة أفلام سرقة منظمة حتى تصبح مجرد مسألة وقت قبل أن يتم الانتهاء من النهايات المعروفة.
ما يؤخذ على الفيلم أنه يتحرك بوتيرة بطيئة، حيث الحبكة بسيطة، ولا يوجد بها أي تعقيد، بالرغم من أنها مليئة بالشخصيات الدخيلة التي بالكاد تسجل، ولا تضيف أي قيمة ذات مغزى للقصة، بالإضافة إلى ذلك فإن الفيلم ذكوري للغاية حيث بالكاد يكون للمرأة مكان فيه - في المرة الوحيدة التي تتواجد فيها المرأة، تظهر بمشهد بسيط من خلال مكالمة هاتفية مع إتش، يقدم جيسون ستاثام ضرباته الصاروخية المعتادة والمطلوبة في أفلام الحركة، ولا أرى أي جديد يقدمه، أما بالنسبة لباقي فريق الدعم فلن يكون هناك ما يقال أكثر من أداء جيد، وخاصة جيفري دونوفان. في النهاية يمكن أن يكون الحوار متكلفًا بعض الشيء في بعض الأحيان؛ لكن بشكل عام، الفيلم يعمل بسبب أسلوبه القاتم والفريد، ما بين السيء والجيد، ويُترك الجمهور دائمًا ما بين التخمين الثاني للأحداث ودوافع الشخصيات، والتنبؤ بها.