من المعروف ان العسل الأسود هو السائل المتبقي من صناعة السكر الأبيض من قصب السكر بعد تكريره , وهو غذاء شعبى مصرى منذ العصر الاموى , كان حتى وقت قريب يعتمد فى توزيعه على الباعة الجائلين الذين يحملون اناء فخاريا - بلاص - ويدورون على الشوارع و الحارات لبيعه للاهالى قبل ان تنتجه شركات المواد الغذائية وتبيعه للمصريين فى الاسواق .
هذا هو تعريف العنوان الذى اختاره طاقم فيلم " عسل اسود " - وتحديدا لطفى لبيب - ليكون عنوانا لفيلم يناقش قضية هامة , وهى التحول الذى حدث للشخصية المصرية فى الربع قرن الاخير , حيث يتم استعراض هذا عن طريق عين مصرى عائد من الولايات المتحدة بعد غياب 20 عاما عن الوطن , فلم يكن العنوان تعبيرا جيدا عن هذه القضية خاصة ان الفيلم اهتم بابراز السواد دونا عن العسل .
وخلال السيناريو الذى كتبه خالد دياب وحاول من خلاله تشريح جسد المجتمع المصرى و اظهار كل عيوبه و تحولاته السلوكية الكبيرة دون ذكر الاسباب او محاولة تحليلها مما اعطى بعدا سطحيا بعض الشىء لهذا السيناريو , حيث اعتمد السيناريست على ايضاح وابراز العيوب مثل انتشار الرشوة وانخفاض مستوى التعليم و الازدحام الشديد و الاهانة التى يتعرض لها المواطن المصرى فى بلده بصفة مستمرة ولكنه فى نفس الوقت لم يبرر الحنين و كذلك قرار العودة الذى اتخذه بطل الفيلم فى نهايته .
كذلك لم يهتم خالد دياب ببناء شخصية مصرى السيد العربى - احمد حلمى - بطل الفيلم فلم نعرف عنه الا انه مواطن مصرى هاجر الى الولايات المتحدة وهو طفل بصحبة والديه منذ 20 عاما وعاد بعد ان توفى والديه لينفذ ورشة تصوير اعدادا لمعرضه فى امريكا و يجرب الحياة فى مصر استعدادا للعودة النهائية فيها .
يتوه هذا الهدف بعد نهاية الربع ساعة الاولى من الفيلم و تتوه العلاقات الجانبية بين ابطاله و يكتفى السيناريست بابراز الدفأ الحميم للاسرة المصرية خاصة خلال شهر رمضان الكريم .
يتبقى فقط ان اهم مميزات السيناريو هى ان خالد دياب اعتمد على كوميديا الموقف و هو ما افتقدناه مؤخرا وحل بدلا عنه الافيه الذى صار داءً فى السينما المصرية .
المخرج خالد مرعى حافظ على ايقاع الفيلم و نفس المستوى الذى قدم به من قبل " تيمور و شفيقة " و " اسف على الازعاج " , عمله كمونتير اضاف للفيلم خاصة وانه الذى نفذ مونتاج الفيلم بنفسه , اعتنى جيدا بالكادرات خاصة من منظر البطل الذى يعمل مصورا فوتو غرافيا .
موسيقى عمر خيرت كالمعتاد تصنع ابعادا اخرى للفيلم و كذلك الاغانى داخل الفيلم موظفة جيدا و كان اداء ريهام عبدالحكيم فيها متميزا , ديكورات محمد امين اعطت دفئا للصورة خاصة بيت البطل المهجور منذ 20 عاما وبيت الاسرة المصرية البسيط .
احمد حلمى يبقى احمد حلمى
بنفس ادائه السلس ادى احمد حلمى دوره فى الفيلم , ورغم عدم اجادته للغة الانجليزية - كما صرح بنفسه فى افتتاح مهرجان القاهرة منذ عامين - الا انه اجاد ادائها خلال الفيلم و كذلك اتقن اداء اللهجة المصرية بلكنة اجنبية , اعتنى حلمى بكل بمفردات الشخصية من حيث الزى و الاداء و السلوك و احتف ببساطته المميزة فى الاداء فكان مقنعا للمشاهد .
ادوارد ادى دورا من افضل ادواره , لطفى لبيب مميزا كالعادة , انعام سالوسةرائعة
طارق الامير احدى مفاجأت الفيلم خاصة وان ادواره بصحبة محمد سعد لم تكن مميزة , ادى شخصية الزوج المكبوت و الرافض للبطل بذكاء و دون مبالغة
ايمى سمير غانم مفاجأة الفيلم الحقيقة حيث ادت مشاهدها التى لا يتجاوز عددها اصابع اليد الواحدة بخفة دم و اداء يدل على موهبة قادمة بقوة
و يبقى الافيش احدى اهم نقاط قوة الفيلم و هو ما ابدعه الفنان محمد صالح
فيلم عسل اسود فيلم متميز عابه فقط ان صناعه ارادوا تقديم هذا العسل فى ساندوتش من العيش " الفينو "