ل أحمد مكي توليفة شديدة الخصوصية في انتزاع ضحك الجمهور بسلاسة وخفة.. توليفة بسيطة، تتكون من عناصر يسند بعضها بعضا.. حدوتة عادية تحمل في الغالب أحلاما طفولية، بكل جموح خيال الطفولة وبراءته.. « إتش دبور» شاب بعقل طفل.. بريء ومتحمس.. تافه وقليل الخبرة.. يكبر فجأة ويتلقي صدمات الحياة الواحدة تلو الأخري إلي أن تنضجه التجارب.. ألم نقل إنها حدوتة عادية؟ لكن أسلوب مكي في تقمص الشخصية، ودقته البالغة في اختيار تفاصيلها، ثم المواقف شديدة الظرف التي يعتني ببنائها بنفس درجة اهتمامه بطرافتها، هو الذي يحيل الحدوتة العادية إلي فيلم كوميدي مسل وجذاب. تعاون مكي في بطولته الثانية « طير إنت» مع أحد أجمل ظرفاء هذا العصر.. الكاتب الساخر كبير الموهبة عمر طاهر، فقدم له حدوتة أكثر طفولة من سابقتها.. طبيب بيطري يظهر له «عفريت خايب» وتتوالي أمنياته، وبالتأكيد ليس هناك ما هو أكثر طفولة من ظهور عفريت يحقق الأمنيات.. ينجح الفيلم بسيناريو لا يترك ذرة من مشهد علي الشاشة إلا وملأه بالحيوية وخفة الظل.. نجح مكي في اختباره الثاني، والأهم أنه لم يصب بمرض أغلب نجوم الكوميديا في أفلامنا والمعروف - علميا- باسم «التكويش علي الضحك»، فقد شاركته دنيا سمير غانم البطولة، واقتسم الضحك في الفيلم معها، ومع ماجد الكدواني أيضا.
ويوم 30 يونيو، وبعد 20 يوما بالتمام والكمال ستظهر نتيجة الاختبار الثالث لمكي في شباك تذاكر السينما.. يخوض أحمد مكي اختبار هذا العام متسلحا بفيلم « لا تراجع ولا استسلام.. القبضة الدامية» والذي يجسد خلاله شخصية أدهم، ذلك الشاب الغني الذي يعيش حياته طولا وعرضا، إلي أن تحدث مفاجأة تقلب حياته رأسا علي عقب.. الفيلم من نوعية الأكشن الكوميدي الذي برع وتفوق جاكي شان في تقديمه، ولم تعرفه السينما المصرية رغم تاريخها الممتد، وبذلك سيكون أحمد مكي أول من يقدمه لنا في فيلم حافل بمصادمات السيارات والمطاردات والمفاجآت -مكي سيظهر لأول مرة بدون باروكة إتش دبور أو بواريك بهيج - وفوق كل هذا.. لن يخذل الفيلم الجمهور الباحث عن الضحك من خلال سيناريو كتبه مكي بمشاركة المخرج أحمد الجندي و شريف نجيب، الذي يعد هذا الفيلم أول أفلامه، ويشارك في بطولته دنيا سمير غانم ، من إنتاج وتوزيع الشركة العربية، والمنتج المنفذ شركة «بيرد أي».
تجربتا أحمد مكي السابقتان تعطينا مؤشرا لنجاح الفيلم الجديد، وتمنينا بكوميديا طازجة قدر طزاجة واختلاف مناطق الكوميديا التي يكتشف مكي دروبا جديدة وبعيدة فيها، تفاجيء الجمهور وتمتعه وتضحكه بشكل يرضي كل باحث عن ضحك رائق، فبظهوره منذ ثلاث سنوات، أصبح للكوميديا مذاق مختلف.. لا يعرف الحركات البهلوانية لأراجوزات يحاولون اجتذاب ضحك الجمهور عنوة.. الكوميديا التي يقدمها لا تفتش عن «إفيه» وسط كومة من المشاهد المعذبة للجمهور والمرهقة للممثل، بهدف زغزغة تثير الإشفاق علي الممثل أكثر مما تثير الضحك، وفي «لا تراجع ولا استسلام.. القبضة الدامية» يراهن أحمد مكي علي النجاح، مستندا إلي جرأة المغامرة بفيلم «أكشن كوميدي»، ومجهود ثمانية أسابيع واصل فيها فريق العمل الليل بالنهار لإنجاز التصوير.. فهل سيوجه مكي ضربته القاضية بقبضته الدامية في وجه كوميديا الإيفيهات السمجة وأراجوزات الضحك الثقيل، معلنا الانتصار علي أشياء يقولون إن اسمها أفلام، ويدعون - كذبا- أنها كوميديا؟ وهل سيفي مكي خلال الفيلم بوعده بأن لا تراجع عن الاختلاف وجدية التعامل مع الكوميدية، وأن لا استسلام للكوميديا السهلة التي لا يبذل من يقدمونها أي مجهود - علي الأقل- لتحليل الأجر الذي يتقاضونه؟سنري . أحمد مكي يخوض اختبار هذا العام بحذر المجتهد الواثق من خطوته، والمتشكك في النتيجة، رغم أن الجمهور سبق أن أعطاه علامة الجودة ودمغها بخاتم التفوق.. فالجمهور يدخل فيلمه وكل واحد منهم ضامن الضحك من قلبه، لكن كل الناجحين يطمعون في المزيد، ودائما يتشككون من النتائج.. لأنهم يعرفون أن آفة الفنان الارتكان إلي نجاح سابق، وأذكي الفنانين هو من يبدأ كل تجربة، وكأنها أول تجربة يخوضها حتي بعد الفيلم الثمانين.. وأحمد مكي.. يبدأ في كل فيلم بداية جديدة.. تحمل دهشة البدايات وتضع طوبة جديدة في بناء علاقة الود بينه وبين جمهوره