''هى'' المصرية .....و صورتها فى كاميرا السينما (2)

  • مقال
  • 04:07 مساءً - 9 اغسطس 2010
  • 2 صورتين



صورة 1 / 2:
شفاعات "شباب امرأة "
صورة 2 / 2:
"خمسة باب"

صورة جديدة
كثيراٌ ما تتهم السينما المصرية في العديد من انتاجها انها تقدم المرأه في صورة لا تليق بمجتمعنا العربي , وخصوصا التركيز علي تقديم شخصية الباغيات في سلسلة افلام انتجت في فترة الخمسينات والستينات من القرن الماضي والتي كان معظمها مأخوذ عن قصص وروايات أدبية لكبار الكتاب المصريين
, وكان تقديم نموذج المرأه البغي في السينما المصرية دائم موضع جدال من جانب المجتمع الذي يرفض ظهور المرأه في صورة مغايرة لما هو متعارف عليه في العادات والتقاليد العربية , و بدأت هذه الشخصية تأخذ حيزا أوسع في الانتشار سواء في الأدب أو السينما في فترة زمنية كان يحاول فيها المجتمع الخروج بأفكاره من حيز الجهل والقهر الي افقا اكثر اتساعا تتمتع بحرية تعبير اكبر وبثقافة اكثر اتساعاً ووعياً , فتناول نموذج الباغيات في السينما المصرية مثل انفراجة كبيرة في تجسيد نوع مختلف من شرائح المجتمع المصري في تلك الفترة التي شهدت احداث تاريخية وسياسية هامة , بدأ المخرجون يبتعدون فيها عن تقديم الصور النمطية المتكررة للمرأه الفاضلة المكافحة او للبنت الناعمة الخجولة , كما انهم فتحوا المجال لتقديم مواضيع متباينة وتصوير قيم واسلوب حياة هذه الطبقة المتخفية وسط المجتمع , وبالطبع هناك اعمالا سينمائية قدمت شخصية الباغيات بشكل موضوعي دون ادانة أو تبرئه لأحد , وبإسلوب فني راقي يجعل من وجود هذه الشخصية في الحدث الدرامي أهمية أساسية لتصاعد باقي الاحداث الجانبية , وهناك أعمالا اخري إستغلت ظهور هذا التيار في السينما لتقدم صور مشوهه لشخصية البغي وبطرق مبتذلة يغلب عليها طابع الربح التجاري .

دور الأدب
لعبت الاعمال الادبية دورا هاما في تقديم شخصية البغي في السينما من منظور انساني ونفسي كما ربط العديد من الكتاب بين الوضع السياسي وانتشار الفقر والجهل في المجتمع وبين انتشار هذه الشخصيات التي تخفي ورائها دائماً اسرار كل اقطاب الفساد , من أكثر الصور التي نجحت في تجسيد صورة المرأة البغي في السينما هي الأعمال التي أخذت عن روايات الكاتب نجيب محفوظ والتي كانت بمثابة تدوين للتاريخ القريب والمعاصر ولكن بإسلوب ادبي واقعي ساحر , وزاد انتقالها الي شاشة السينما علي يد جيل جديد من المخرجين المنتمين الي جيل الواقعية الجديدة من سحرها وتأثيرها علي المتلقي بشكل اوسع انتشارا , ففي عام 1960 قدم المخرج صلاح ابو سيف فيلم بداية ونهاية عن رواية لنجيب محفوظ , تعرض من خلاله للوضع العام لأسرة مصرية مزقها الفقر والاحتياج القهري للمال , والذي دفع بالفتاة الوحيدة لهذه الاسرة بالتضحية بنفسها والعمل كغانية في سبيل الارتقاء بمعيشة اخواتها الرجال , لكل شخصية من شخصيات هذه الافلام دوافعها في امتهان هذه المهنة والتي قد نستجيب لها او لا ففي فيلم بداية ونهاية دفعت "نفيسة " ثمن حبها الجارف لأخوها التي ضحت علي الدوام من أجله , التضحية هنا كانت الدافع الاساسي لها للمضي في هذا الطريق التي خسرت في نهايته حياتها , اما في فيلم القاهرة 30 الذي قدمه المخرج الراحل صلاح ابو سيف عام 1966 كان هناك دافع اخر غير التضحية جعله الكاتب الدافع الاكبر لقبول " احسان " ان تكون محظية لأحد رجال السياسة الكبار , وهو التطلع الي حياة الثراء بعدما أذابتها حياة الفقر المدقع التي جاءت منها , واليأس من تحقيق العدالة الاجتماعية التي تؤمن لها ولاخواتها حياة كريمة , اذا فالفقر مازال هو المتهم الأول علي رأس قائمة الاسباب التي تقود النساء الي طريق امتهان البغاء كمهنة لهن , وتتعدد الافلام التي تعطي مفهوما اخر لشخصية الباغية في السينما المصرية من كونها عاهرة تبيع جسدها لمن يدفع لها الي مفهوم اكثر انسانية وعمق في النظر الي ابعاد اكثر تفصيلاُ لهذه الشخصية , فيلم اللص والكلاب الذي قدمه المخرج كمال الشيخ عام 1962وهو ايضا عن رواية الكاتب نجيب محفوظ نكشتف من خلال شخصية " نور " البعد الانساني والاخلاقي لامرأه تتمتع بوفاء وشرف لا ينتمي الي طبيعة عملها المهين مقابل نماذج اخري لنساء ذات واجهه اجتماعية مرموقة لكنها مزيفة وخائنة التي جسدتها شخصية زوجة سعيد مهران التي اقدمت علي التخلص منه من اجل رجل اخر , فسلسلة هذه الاعمال ان لم تكن قد غيرت الفكر السائد عن شخصية الساقطات في المجتمع المصري لكنها علي الاقل تناولتهن من منظور جديد بعيد عن السطحية والتهميش الذي ينظر اليهن المجتمع من خلاله ويدينهن دون محاكمة ودون بحث عن الاحتياح الذي دفع بهن الي الانجراف في هذا التيار .

التمرد
شكل اخر اكثر جرئه للمرأه المصرية قدمه المخرج صلاح ابو سيف منتصف الخمسينات , وهو نموذج المرأه الجامحة المتمردة المسيطرة التي تهوي صيد الرجال , عرض صلاح ابو سيف هذا النموذج في فيلم شباب امرأه عن رواية للكاتب أمين يوسف غراب عام 1956 , وقد برعت الفنانة الراحلة تحية كاريوكا في تجسيد دور "شفاعات " , التي تمضي في اغواء " امام " الشاب الذي يسكن لديها وتستهويها شبابه وفحولة جسده , فتدفعه للوقوع معها في الرزيلة , هذه الشخصية لا تنتمي بشكل مباشر الي شخصية البغي لأن البغاء يرتبط بدفع اجر لكنها تنتمي الي نوع اخر جسده نجيب محفوظ في نموذج الراقصة زبيدة في فيلم بين القصرين ,حيث المرأه التي يتردد عليها عدد من الرجال تختار منهم واحدا يظل الاقرب لقلبها وتربطها معه علاقة غير شرعية , وتواصل السينما تقديم صور اخري للمرأه الباغية من خلال افلام انصب تركيزها علي عرض مفصل ليوميات حياة الساقطات اللذين يعملون في الحانات وفي بيوت الدعارة التي كانت لفترة زمنية منتشرة تحت رعاية الدولة , شأنها شأن أي مهنة أخري تحمل تصريحاُ من الحكومة بالمزاولة , فكان فيلمي شوارع من نار الذي قدمه المخرج سمير سيف عام 1984 وفيلم خمسة باب الذي قدمه المخرج نادر جلال عام 1983 من اكثر الافلام التي تناولت بجرأه صريحة يوميات حياة البغايا في الفترة التي كان البغاء يصنف كمهنة معترف بها وحتي الغاء الدعارة رسميا عام 1949 .

وصلات



تعليقات